اتحاد الشغل التونسي يرفض "تأبيد" المرحلة الاستثنائية ويحذر من تجميع السلطات بيد قيس سعيّد

24 سبتمبر 2021
الاتحاد يدعو الرئيس التونسي للحوار وإشراك الجميع (أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -

رفض الاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم الجمعة، "استمرار التدابير الاستثنائية وتحويلها حالة مؤبّدة"، مسجلا "خلوّ الأمر الرئاسي الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد من أيّ إجراءات أو تدابير للتنفيذ، ومن أيّ تسقيف زمني للحالة الاستثنائية" التي أعلنها الرئيس منذ 25 يوليو/ تموز الماضي.

واستأثر الرئيس قيس سعيّد بالسلطة التشريعية وبكامل السلطة التنفيذية، وحصّن قراراته بأنها غير قابلة للطعن والإلغاء، وأصبح بذلك المتحكم في كل السلطات، بل ومنح نفسه أيضاً سلطة الإصلاحات الدستورية وتغيير النظام السياسي والانتخابي، من خلال لجنة يؤسسها بنفسه ودون استشارة أحد، بما يعني التحكم في الحاضر وتحديد ملامح المستقبل أيضاً.

وبمقتضى الأمر الذي أصدره ليلة الأربعاء، يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة، ويرأس مجلس الوزراء، ويتولى القيادة العليا للقوات المسلحة، وإحداث وتعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة، وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها، وإحداث وتعديل وحذف المؤسسات والمنشآت العمومية والمصالح الإدارية وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها.

وحذر الاتحاد، في بيان له، من "مخاطر تجميع السلطات في يد رئيس الدولة في غياب الهياكل الدستورية التعديلية"، معتبراً "الدستور منطلقا ومرجعا رئيسا في انتظار استفتاء واع على تعديله يكون نتاج حوار واسع".

استأثر الرئيس قيس سعيّد بالسلطة التشريعية وبكامل السلطة التنفيذية، وحصّن قراراته بأنها غير قابلة للطعن والإلغاء، وأصبح بذلك المتحكم في كل السلطات، بل ومنح نفسه أيضاً سلطة الإصلاحات الدستورية

كما دعا إلى "عدم حصر الإصلاحات في الشكلانيات (الأمور الشكلية)، وفي إعادة هيكلة النظام السياسي والانتخابي فقط، بل يجب أن تشمل جميع المنظومات التي ترهّلت وخُرّبت بشكل منهجي على امتداد عقود".

وأكد التكتل النقابي التونسي أن "تعديل الدستور والقانون الانتخابي شأن يخصّ جميع مكوّنات المجتمع من هياكل الدّولة ومنظّمات وجمعيات وأحزاب وشخصيات وطنية"، ويرفض "احتكار رئيس الجمهورية التعديل"، معتبراً أن ذلك "خطر على الديمقراطية وعلى التشاركية".

وفيما شدّد على أنّ "لا حلّ للخروج من الأزمة الراهنة غير التشاور والتشارك والحوار على قاعدة المبادئ الوطنية وسيادة تونس وخدمة شعبها، والتجرّد من المصالح الذاتية والفئوية"، جدد الاتحاد المطالبة بالتسريع بـ"تشكيل حكومة بكامل الصلاحيات قادرة على مجابهة تعقيدات وضع زادته الحالة الاستثنائية تعقيدا وتأزّما، حكومة تكرّس استمرارية الدولة في تنفيذ تعهّداتها والتزاماتها واتفاقياتها مع الأطراف الاجتماعية".

وقال البيان إن "رئيس الجمهورية أصدر أمرا رئاسيا تضمّن جملة من الأحكام في إطار التنظيم المؤقّت للسلط جمّع فيه بين يديه كلّ السلطات، وضمّنه قرارات بتعديل الدستور وإجراء استفتاء، مع وعود باحترام الحقوق والحرّيات وضمان الديمقراطية".

وشدد البيان على تمسك اتحاد الشغل "بما تضمّنته بيانات الاتحاد عقب 25 جويلية (يوليو/ تموز)، ويعتبر ما حدث فرصة تاريخية للقطع مع عشرية غلب عليها الفشل والتعثّر وسادتها الفوضى والفساد، وانتشر فيها الإرهاب"، معرباً عن رفضه "محاولة اعتماد فشل هذه العشرية ذريعة للمقايضة بين الحرية واحتكار السلطة".

واستغرب "استمرار غياب بوادر أو إجراءات واضحة لوضع حدّ للإفلات من العقاب في جرائم الفساد والإرهاب والتسفير، وخرق القانون وعدم تفعيل تقرير محكمة المحاسبات بخصوص الجرائم الانتخابية، وتقرير التفقدية العامّة لوزارة العدل بخصوص الانتهاكات في مجال القضاء وقضايا الإرهاب".

وشدد الاتحاد على ضرورة احترام الحقوق والحريات باعتبارها مكاسب للثورة التونسية "وعقودا من النضال والتضحيات، وليست منّة من أحد"، مديناً "أيّ تدخّل في سير القضاء وفي حرية التعبير والإعلام والتنظّم".

كما أعرب عن رفضه المطلق "المساس بمكتسبات المجتمع التونسي، بدءا بمجلّة الأحوال الشخصية، ومرورا بحرية الضمير، ووصولا إلى تكريس تقاليد الحوار الاجتماعي"، داعياً "كلّ الأطراف إلى الكفّ عن الشحن والتجييش الذي لا يزيد الوضع إلّا توتّرا، ولا يدفع إلا إلى التصادم والعنف"، محذراً في الآن نفسه "من الانزلاق في هذا المربّع".

ونبه الاتحاد من "تفاقم الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية في ظلّ غياب الإرادة والتصوّرات والبرامج، وتزامنا مع ظرف إقليمي ودولي خانق ومؤثّر سلبا على وضعنا الداخلي"، مجددا التزامه "بدوره الوطني والاجتماعي في البناء والنضال والدفاع عن قيم الجمهورية ومدنية الدولة، وتكريس الطابع الاجتماعي".

المساهمون