اتحاد الشغل التونسي يحذر من صعوبة الوضع ويعتزم تقديم "مبادرة إنقاذ"

29 ديسمبر 2022
تونس تمر بوضع اقتصادي صعب (ياسين محجوب/Getty)
+ الخط -

حذر الأمين العام للاتحاد التونسي العام للشغل، نور الدين الطبوبي، اليوم الخميس خلال اجتماع نقابي بمدينة باجة شمال غربي تونس، من الوضع الصعب الذي تمر به البلاد، معلناً أن الاتحاد "سيتقدم بمبادرة لإنقاذ البلاد من الانهيار مع مكونات المجتمع المدني بعيداً عن التجاذبات السياسية".

وقال الطبوبي إن "الاتحاد كان يدعم ويعطي الفرص، والاتحاد لم يصمت، وسرنا خطوة خطوة منذ 26 جويلية (يوليو/ تموز) 2021 بعد دراسة متأنية وبرصانة وحكمة ولم نتسرع، فقد اعتبرنا أن انتفاضة الشعب فرصة للإصلاح وإعادة البناء".

وساند الاتحاد، الذي يضم في صفوفه أكثر من مليون عضو، في بعض الأحيان إجراءات الرئيس التونسي، قيس سعيّد، بعد أن استحوذ على معظم السلطات والصلاحيات منذ يوليو/ تموز 2021، لكنه أبدى أيضاً معارضة لتحركاته في حالات أخرى.

وأضاف الطبوبي أن "الاتحاد لم يعط صكاً على بياض، وقلنا من البداية أن لا أحد بمفرده قادر على صناعة ربيع تونس"، مشدداً على أن "الاتحاد يحترم الدولة ومؤسساتها ويحترم خيارات الشعب التونسي ولسنا بديلاً لمن انتخبه الشعب".

وأوضح أنه "ليس هناك خيار سوى أن نستمع لبعضنا البعض، ففي كل دول العالم مهما اشتدت الحروب والأزمات ففي النهاية يجلس الجميع على طاولة الحوار بهدوء وعقلانية ودون تخوين وهكذا يُبنى الوطن"، قبل أن يستدرك بالقول: "للأسف نفس العقلية المتجذرة، مرض الأنا هي من تهدم ولا تبني، ولكن الاتحاد لا يمكنه أن يضع رأسه كالنعامة في الرمل".

وهدّد الطبوبي الاثنين الماضي بتنظيم احتجاجات حاشدة و"احتلال الشوارع" قريباً لإظهار الرفض لموازنة التقشف للعام المقبل.

وموجهاً انتقادات للرئيس التونسي قال الطبوبي: "نحن لا نهتك أعراض الناس، نحن نحترم هيبة الدولة، وهيبة الدولة ليست في القمع والحاكم يعتدي بسلطته على هذا وذاك بالمصطلحات الخشبية التي لا تقدم بالبلاد".

واعتبر الرئيس التونسي مساء الثلاثاء أن "التطاول على الدولة وعلى رموزها ليس من قبيل حرية التعبير بل يرتقي إلى مستوى المسّ بأمنها وضرب وحدتها".

وتابع الطبوبي موجهاً انتقاداته للرئيس التونسي: "عندما تقول أنا الوحيد وخياري هو الوحيد، نقول لك فليكن لك ذلك، لأن الشعب انتخبك، ونحترم إرادة الشعب، ولكن لا تتلاعب بنا وتقول نحن شركاء ومجتمع مدني شريك وتريد أن تلتقط معنا الصور للدعاية، نقول لك لا أحد يستغل الاتحاد للدعاية ولا أحد يمكنه التلاعب بنا ولن نسمح بذلك".

وشدد بالقول: "من حقك أن تضع خيارك وتعلنه للشعب، ولكن من حقنا أيضاً أن نضغط الضغط الإيجابي من أجل الخيارات الاجتماعية الحقيقية".

وقال الطبوبي: "من ليس لهم تاريخ نضالي ولم نسمع لهم صوتاً يطالبوننا اليوم بالصمت، ولكن لن نصمت وقد جوعتم الناس وفقرتموهم وضربتم صورة البلاد وعيشتمونا في المناكفات والسباب وكل حكومة تأتي، تبني شبكة عبر شركات إعلام وتواصل اجتماعي فتسلط هجمات على من ينتقد السلطة".

وأضاف: "اليوم رئيس الجمهورية أخذ كل السلطات ويقال إن الاتحاد لم يذهب إلى الحوار، على العكس، الاتحاد دعا للحوار، ولكن ينبغي التساؤل لماذا لم نذهب للحوار الذي دعينا إليه حول الدستور، وها قد صحت توقعات الاتحاد بعد كل ما حصل، تجنبنا ذلك لأن التاريخ لن يرحمنا".

ورفض الاتحاد التونسي العام للشغل في وقت سابق المشاركة في "حوار وطني" دعا إليه الرئيس التونسي، لإعداد الدستور واستثنى منها الأحزاب الرئيسية.

وعن ذلك قال الطبوبي: "يتحدثون عن دعوة الحوار من أجل التقاط صور يبعثونها للخارج وفي الأخير يمررون خياراتهم، وبالأمس الرئيس يقول لا مساس بالقطاع العام، كيف ذلك ومديرة صندوق النقد الدولي (كريستالينا جورجييفا) تتحدث عن برنامج خوصصة وتفويت، ووزيرة المالية (سهام بوغديري نمصية) تتحدث عن الشركات الاستراتيجية؟ نقول لهم الحيلة في ترك الحيل والحوار يحتاج مصداقية، بينما الرئيس يقول لن يقع المس من الدعم صندوق النقد الدولي يصرح بالعكس".

وتوصلت تونس إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي من أجل حزمة إنقاذ تبلغ قيمتها 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات لا تحظى بتأييد شعبي، منها خفض دعم الغذاء والوقود وإصلاح شركات القطاع العام. وتسعى تونس للتوصل إلى اتفاق نهائي في أوائل العام المقبل.

من جانب آخر، قال الطبوبي إن "الديمقراطية ليست صكاً على بياض والحاكم عليه واجبات والبلاد لا تبنى بالتشنجات ومنطق الكل ضد الكل، وهل الاتحاد سيترككم تلعبون بالبلاد؟ أعطيناكم فرصة تلو الأخرى، من يحكم يسبنا والمعارضة تسبنا ويتهموننا بأننا ندعو لحوار لإنقاذ السلطة ونحن طالبنا بالتعقل، ولكن السلطة منزعجة اليوم عندما لاحظت جلوس منظمات المجتمع المدني بين الاتحاد والمحامين ورابطة حقوق الإنسان، اليد في اليد، وبدأنا نبلور أفكاراً وحلولاً".

وأضاف: "لسنا ضد الأحزاب، ونحن ندعم الديمقراطية، ولكن للأسف المعارضة كلها ضد بعضها البعض. نحن نريد إنقاذ البلاد من التدهور والانهيار والفوضى"، مشدداً بالقول: "الاتحاد لن يقبل أن يهدده أحد أو أن يهدد الشعب والمجتمع".

المساهمون