دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الرئاسة التونسية لـ"حوار جدي وليس صوريا"، مشددا على أن "الهروب إلى الأمام والمغامرات غير المحسوبة لن تحل أزمة البلاد".
وأكد الطبوبي أنه "لا الخيار السابق نجح ولا خيار الشعبية صلح"، مشددا على "ضرورة الجلوس على الطاولة وإيجاد خيارات جدية".
وأعلن الطبوبي عن رزنامة اجتماعات للمجالس القطاعية والمكتب التنفيذي خلال هذا الأسبوع والأيام القادمة يليها انعقاد هيئة إدارية وطنية لاتخاذ قرار مناسب للوضع الحالي من أجل إنقاذ الوطن.
وفي تجمع نقابي للجامعة العامة للفلاحة، شدد الطبوبي على أنه "لا يمكن حلّ المشكل الإقتصادي دون حل المشكل السياسي"، داعيا المنظمات الوطنية والمجتمع المدني إلى "لعب دورها الرئيسي"، قائلا "لن تترك لكم تونس". وأضاف الطبوبي أن "الاتحاد سيقدم اقتراحاته كقوة وطنية"، مؤكدا أن "الاتحاد لن يسمح لا بالعنف ولا بالتطاحن".
وأشار الطبوبي إلى أن "اليأس والخوف يخيمان على تونس وهذه الوضعية ستؤثر على الإنتاج وعلى معنويات العاملين، ولكن لا يمكن أن لليأس أن يتسرب إلى نفوسنا".
وقال الطبوبي "انتهى التوقيت وتعفن الوضع"، مؤكدا أنه "لن نخشى سجونكم ولا تخويفكم بالاغتيالات".
وأوضح أن "الأحزاب السياسية فشلت وعلى المجتمع المدني لعب دوره، لأن المسألة أصحبت مسألة إنقاذ وطن في ظل أحزاب تتنازع وتتصارع ولم تفهم الدرس".
وتوجه الطبوبي إلى المعارضة قائلا "للمعارضة التي تقول إن الشعب قاطع الانتخابات استجابة لدعوتنا بالمقاطعة، أقول لهم لم تستوعبوا الدرس لأن الشعب كره الجميع.. من يريد المزايدة أو المرور إلى الأمام بقوة لا يعرف الحقائق.. تعقلوا".
الأنظار نحو اتحاد الشغل بعد فشل الانتخابات
وتعالت الدعوات في تونس من أجل إجراء حوار وطني، من أغلب أطراف أحزاب المعارضة، لإخراج البلاد من أزمتها السياسية، بعد نتائج الانتخابات التشريعية التي اعتُبرت رسالة رفض قوية من التونسيين إلى السلطة القائمة، لكامل المسار. وتتجه الأنظار من جديد إلى الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي كان قد قاد الحوار الوطني أثناء أزمة البلاد في 2013.
وفور إعلان نتائج الانتخابات، مساء الأحد، دعا رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي اتحاد الشغل إلى لعب دوره في الإشراف على حوار وطني يجمع الفرقاء، ويضع خريطة طريق تخرج البلاد من هذه الأزمة العميقة التي تمر بها.
وأكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والمتحدث الرسمي باسمه سامي الطاهري، لـ"العربي الجديد"، أن المنظمة النقابية ستعقد، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً للمكتب التنفيذي وللمكتب التنفيذي الموسع، وستبحث الوضع العام في البلاد ونتائج الانتخابات.
وفي رد على الدعوات لقيادة حوار وطني، وعن مدى استعداد المنظمة النقابية للقيام بهذه المهمة، قال الطاهري لـ"العربي الجديد"، إن "الاتحاد مبدئياً دائماً مستعد للحوار في البلاد، ولكن تجب مناقشة الشروط والظروف، لأن المسألة ليست إرادية فقط، بل يلزم توفر جملة من الشروط، وتوفر إرادات الجميع وليس إرادة مجموعة فقط، كبعض المعارضة التي لها أجنداتها الخاصة".
واعتبر الطاهري أن "ما وقع ليس بالهين، في إشارة للانتخابات التشريعية، ولا يجب أن يمرّ هكذا، بل يجب التعامل معه بحنكة، وخصوصاً أن كل الفرص أهدرت، وما يحدث الآن لا يمكن أن يكون مسألة عابرة".
وتابع: "لقد نبه الاتحاد سابقاً، ودعا إلى التعقل وحتى إلى تأجيل الانتخابات، ونحن طلبنا منذ 26 يوليو/تموز 2021 ضمانات، وكل ما يحدث الآن يبيّن عدم احترام تلك الضمانات، وكل بياناتنا الصادرة عن الاتحاد تضمنت تحذيراً من الانزلاقات والانحرافات، وقد عبّرنا أيضاً عند صدور المرسوم 117 عن أنه ينذر بالانفراد بالسلطة وهذا ما وقع فعلاً".
وذكّر الطاهري بأن "أمين عام الاتحاد قال في آخر اجتماع نقابي إن هذه الانتخابات ستكون انتخابات بلا لون ولا طعم، وحذر من تداعياتها، وفعلاً برهنت النتائج ذلك، ونحن لا نتمنى لبلادنا ما حصل، ولكن الواقع أقوى منا والحقائق دامغة والأرقام لا تكذب".
وقال الأمين العام المساعد للمنظمة النقابية: "نحن نفكر دائماً في الحوار، ولدينا اجتماع هام اليوم الثلاثاء على مستوى المكتب التنفيذي الوطني للمنظمة، وغداً الأربعاء سنجمع كل الجهات في مكتب تنفيذي موسع، وستكون على جدول أعماله تداعيات الأحداث الأخيرة والانتخابات، رغم أنه اجتماع مبرمج من قبل".
وشدد الطاهري على أن "خيار الحوار مطروح دائماً، إذ ليست هناك خيارات أخرى، ولا نرغب في أن تصل البلاد إلى التصادم، وتبقى معرفة ما إذا نضج الوضع لإعداد حوار أم لا، وهذا ما سندرسه داخل هياكلنا، ويمكن أن تتقرر المبادرة التي يجب طرحها في هذا الوضع".
وفي ما يتعلق بالظرف الاقتصادي والاجتماعي، وقرار صندوق النقد الدولي تأجيل النظر في الملف التونسي، لفت الطاهري إلى أن "نتائج الانتخابات ستُلقي بظلالها على ملف صندوق النقد الدولي، وستكون هناك تداعيات على الاتفاق مع الصندوق، وعلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي"، معتبراً أن "هذه الانتخابات لم تخرج البلاد من الأزمة، بل عمقتها".
ولم تقتصر دعوات الحوار على الداخل التونسي، وإنما انضمت إليها دعوات كثيرة من الخارج أيضاً، فقد أوصت بعثة الملاحظين من الاتحاد الأفريقي، بمناسبة الانتخابات التشريعية، خلال مؤتمر صحافي، أمس الإثنين، السياسيين والسلطات الحكومية بـ"إعطاء الأولوية لحوار شامل ومفتوح لإيجاد حلول تهدف إلى تهدئة المناخ السياسي والتوصل إلى توافقات".
واعتبر رئيس البعثة إبراهيم ماياكي أنّ "ضعف الإقبال على الانتخابات سببه غياب الإجماع السياسي بشأن المسار الانتخابي"، مبيناً "أهمية البحث عن هذا الإجماع باعتباره جانباً حاسماً في توطيد الديمقراطية والتنمية"، وفق تعبيره.
وشدّد على "ضرورة إجراء حوار شامل وتوافقي من أجل العمل على مواصلة ترسيخ الديمقراطية والتنمية والاستقرار في تونس"، وأضاف أنه "على جميع السياسيين إعطاء الأولوية للحوار الشامل والمفتوح لإيجاد حلول تهدف إلى تهدئة المناخ السياسي"، داعياً السلطات الحكومية إلى "بدء حوار وطني شامل للتوصل إلى توافق في الآراء".
وخلال مؤتمر صحافي، الإثنين أيضاً، دعا "مركز كارتر" إلى "ضرورة انخراط القادة التونسيين في مشاورات واسعة النطاق وشاملة، ووضع الخلافات السياسية جانباً لإحياء التحول الديمقراطي المتعثر، والتسريع في إحداث المحكمة الدستورية، ومعالجة دستور 2022 والمراسيم الصادرة من قبل رئاسة الجمهورية".
ووصف المركز نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية بـ"المتدنية جداً، وتعكس خيبة أمل الشعب التونسي من الوضع السياسي والاقتصادي في تونس، وأن خريطة الطريق الرئاسية لم تنجح في توحيد البلاد"، وأنه "لا بد من مسار مختلف يستجيب لآمال وطموحات الشعب التي عبّر عنها إبان الثورة".
وقال مدير البعثة إلى تونس دون بيسون إن "التونسيين عبروا عن رفضهم لهذا المسار، وهو ما تعكسه نتائج المشاركة المتدنية، ووجهوا رسالة بذلك، والمسار ككل لا يستجيب للمعايير الدولية. والتونسيون بينوا أنهم يبحثون عن مسار أكثر شمولية وأكثر شفافية، ويكون معبراً عن توافق أكبر بين مختلف القوى الوطنية".
وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس قد شدد في بيان، الأحد، على "أهمية اعتماد إصلاحات شاملة وشفافة بما فيها تعزيز القانون الانتخابي وإرساء المحكمة الدستورية، وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع التونسيين"، وفق نصّ البيان.
وجدّد "التزام الولايات المتحدة بالشراكة العريقة مع تونس"، مشدداً على "دعم الولايات المتحدة لتطلعات الشعب التونسي من أجل حكومة ديمقراطية ومسؤولة تحمي حرية التعبير والرأي المعارض وداعمة للمجتمع المدني".