اتهم النائب العام الإيطالي، اليوم الخميس، أربعة ضباط مصريين بصورة رسمية، بقتل وتعذيب وخطف الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة مطلع عام 2016، وهم: طارق صابر، وآسر كمال، وحسام حلمي، ومجدي شريف؛ بناءً على التحقيقات التي انتهت إليها النيابة الإيطالية في القضية.
وقال ممثلو الادعاء الإيطالي، في بيان، إنّ الأربعة متهمون بالتورط في خطف ريجيني وإن واحداً منهم ربما يكون مذنباً أيضاً في تهمة القتل. وأمهل المدعون الرجال الأربعة 20 يوماً ليقدموا بيانات أو يطلبوا سماع أقوالهم في القضية، وبعد ذلك سيقرر المحققون إن كانوا سيسعون لمحاكمتهم.
وريجيني هو طالب إيطالي وصل إلى مصر في سبتمبر/ أيلول 2015، لجمع معلومات تتعلق ببحثه لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة كامبردج البريطانية عن "دور النقابات العمالية المستقلة في مصر عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011".
وعلى الرغم من أن تحريك الدعوى غيابياً ضد الضباط لن يؤدي إلى محاسبتهم مباشرة إذا أصرت مصر على عدم تسليمهم، إلا أن هذه الخطوة ستوفر غطاء قانونياً لرغبة روما في إدراج أسماء الأربعة في لائحة الشرطة الدولية "الإنتربول" والتضييق على تحركاتهم، من ناحية، ومن ناحية أخرى سيمثل الحكم ضدهم حال صدوره وثيقة إدانة قضائية لأجهزة نظام عبدالفتاح السيسي الاستخباراتية والأمنية، وكذلك للقضاء المصري الذي لعب دور المتستر على مجموعة من الجرائم، بدءا من تعذيب ريجيني وقتله ثم قتل مجموعة من الأشخاص والزعم بأنهم عصابة سرقة خطفت ريجيني وسرقت متعلقاته، ثم اتهام ريجيني نفسه بالتخابر، وانتهاء بتضليل التحقيق وإخفاء بيانات الضباط المشتبه فيهم.
واللواء طارق صابر، كان خلال الواقعة يعمل مدير قطاع في جهاز الأمن الوطني، وهو الذي أصدر تعليماته بمتابعة ريجيني بناء على تقرير رفع إليه من أحد مساعديه عن أنشطته البحثية وتواصله مع نقيب الباعة الجائلين، بمناسبة بحثه عن النقابات المستقلة في مصر.
والضابط الثاني، هو العقيد آسر كمال، والذي كان يعمل رئيساً لمباحث المرافق بالعاصمة، وتوجد دلائل على أنه هو الذي أشرف على رسم خطة تعقّب ريجيني في إطار التنسيق بين الأمن الوطني والأمن العام، وقد تمّ نقله بعد الحادث بأشهر عدة للعمل بمحافظة أخرى.
أما المقدم مجدي شريف فقد سبق ونشر ادعاء روما اسماً رباعياً تقريبياً له هو "مجدي إبراهيم عبدالعال شريف" وهو الضابط الذي أبلغ عنه ضابط أفريقي بأنه سمع منه حديثا عفويا أثناء تدريب للضباط الأفارقة في كينيا عام 2017، اعترف فيه بتورطه في قتل ريجيني، أو "الشاب الإيطالي" كما وصفه، إلى حد القول إنه "لكمه عدة مرات" بسبب "الاشتباه في كونه جاسوساً بريطانياً".
وتتجه التحقيقات الإيطالية إلى أن الضابط مجدي شريف شارك ثلاثة ضباط آخرين، غير الخمسة المشتبه فيهم، أو خلفهم في إدارة ملف ريجيني وأنهم جميعاً قاموا بتكوين شبكة من المخبرين حول ريجيني والتي تضم -حسب السيناريو الإيطالي- كلا من زميلة ريجيني المقربة الباحثة نورا وهبي، وشريكه في السكن محمد السيد الصياد ونقيب الباعة الجائلين.
واختطف ريجيني (28 عاماً) بالتزامن مع الذكرى الخامسة للثورة المصرية في العاصمة القاهرة، وعُثر على جثته بعد نحو أسبوع من الإخفاء القسري مُلقاة على طريق (القاهرة – الإسكندرية) الصحراوي؛ وذلك على مسافة قريبة من مقر جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، بمنطقة الشيخ زايد في محافظة الجيزة المصرية.
وأظهر فحص الجثة تعرض ريجيني للتعذيب قبل وفاته، على خلفية إجرائه مقابلات مع نشطاء عماليين مصريين ومستقلين، وشخصيات قريبة من المعارضة؛ إذ بدت عليها آثار تعذيب وحروق، وتوصلت تقارير الطب الشرعي إلى أنه "قُتل متأثراً بتعذيب شديد استمر لعدة أيام".