محافظون إيرانيون يهاجمون عبد اللهيان بسبب "الحرس الثوري": تسلم منصبه خطأ

27 مارس 2022
رد عبد اللهيان على منتقديه داعياً إلى إعادة مراجعة مقابلته مرة أخرى (فرانس برس)
+ الخط -

يتعرض وزير الخارجية الإيراني المحافظ حسين أمير عبد اللهيان، منذ أمس السبت، إلى هجوم شرس من قبل أبناء مدرسته السياسية المحافظة، على خلفية ما طرحه في مقابلة مع التلفزيون الإيراني بشأن "الحرس الثوري"، إذ فُهمت تصريحاته على أنها تراجع عن الموقف الإيراني حول ضرورة رفع الحرس قائمة الإرهاب الأميركية كشرط للتوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا.

وكان وزير الخارجية الإيراني قد قال السبت، في مقابلة مع قناة "الخبر" الإيرانية، تعليقاً على موضوع رفع الحرس من قائمة الإرهاب، إن "ما يهمنا هو الاعتناء بموقع الحرس ودوره ومكانته القانونية كأهم قطاع أمني ودفاعي للبلاد. نحن في هذا الخصوص تبادلنا رسائل مع أميركا. لذلك هو أحد المواضيع التي على جدول أعمالنا".

وتابع وزير الخارجية الإيراني: "مع ذلك، أبلغنا؛ في الخارجية، كبار قادة الحرس في البلاد أنهم نفذوا ما يلزم لمصالح البلاد، وإذا وصلتم إلى نقطة (في المفاوضات) فلا يجب أن يشكل موضوع الحرس عائقاً (أمام اتفاق). هم يرددون ذلك، وأرى أن قادة الحرس يقومون بتضحية ويبدون أعلى درجات التضحية عندما يقولون إنه إذا خلصتم إلى أن مصالح البلاد تتحقق في هذا الاتفاق، فلا تضعوا موضوع الحرس ضمن الأولويات".

وفُهم هذا الجانب من تصريحات أمير عبد اللهيان على أنه تنازل عن المطالبة برفع الحرس من قائمة الإرهاب، ولذلك سرعان ما واجه الوزير هجوماً شرساً من المحافظين، وصل إلى أن قال بعضهم إن اختياره في هذا المنصب كان خطأ، وإنه يدلي بتصريحات لا تتفق مع مصالح إيران، وإنه وصل إلى المنصب بدعم من الحرس و"فيلق القدس"، فيما كان كبير المفاوضين الحالي علي باقري كني هو خيار الرئيس الإيراني للمنصب، حسب مصادر إيرانية.

وجاء الهجوم الأشرس ضد وزير الخارجية المحافظ من المدير المتشدد لصحيفة "كيهان" المحافظة المعروفة، حسين شريعتمداري، الذي قال إن ما طرحه أمير عبد اللهيان في المقابلة "كان غريباً للغاية وغير متوقع"، مؤكداً أن ذلك "يعزز القناعة بأنه غير ملم بقدر كاف ولازم بالمواضيع الجارية في مجال عمله".

وتساءل شريعتمداري عن دوافع أمير عبد اللهيان في الإدلاء بهذه التصريحات، مشيراً إلى حديث الوزير عن أن قادة الحرس "يقدمون تضحية" لقولهم إنه لا ينبغي أن يشكل موضوع الحرس عائقاً أمام الاتفاق، وقال إن "نسب هذا الكلام إلى قادة الحرس غير صحيح، ولا يتوافق مع مواقفهم".

واتهم شريعتمداري أمير عبد اللهيان بـ"الفهم الخاطئ"، معتبراً أن التضحية التي يتحدث عنها الوزير الإيراني هي "استسلام"، ومتهماً إياه بأنه "وجه هذا الاتهام الثقيل للحرس". وأكد أن "تضحية الحرس في مقاومتهم الباسلة ضد الأعداء والدفاع عن الأرواح والعرض وتراب إيران"، داعياً قادة الحرس إلى "تصحيح" تصريحات أمير عبد اللهيان من خلال اتخاذ "مواقف سريعة وصريحة".

إلى ذلك، علق رئيس مركز التقييم والرقابة الاستراتيجية في مجمع تشيخص مصلحة النظام الإيراني، الناشط المحافظ البارز ياسر جبرائيلي، على تصريحات وزير الخارجية الإيراني، قائلاً إن اختياره في هذا المنصب السياسي كان "خطأ".

كما قال البرلماني الإيراني علي خضريان، في تغريدة، إن تصريحات أمير عبد اللهيان "تتعارض مع المصالح الوطنية"، متهماً إياه بإثارة "ثنائية مصالح الحرس والشعب". وأضاف أن هذه التصريحات "تكمل خطة العدو لإيجاد الشرخ بين أركان النظام والشعب، وهو كلام غير صحيح تماماً".

في الأثناء، أكد المحلل الإصلاحي البارز عباس عبدي في تغريدة أن الوزير الإيراني استخدم استدلالاً "خطيراً"، قائلاً: "هل مصير مؤسسات الدولة، وخاصة المؤسسات العسكرية، بيد قادتها لكي يسمحوا بفرض العقوبات عليها من عدمه؟ هذه الاستدلالات خطيرة".

عبد اللهيان يرد على منتقديه

وفي المقابل، رد وزير الخارجية الإيراني، اليوم الأحد، على الانتقادات بسبب تصريحاته أمس السبت، مؤكداً أنها "فهمت بطريقة غير صحيحة"، وداعياً المنتقدين إلى "مراجعة المقابلة والاطلاع عليها مرة أخرى".

وأكد أمير عبد اللهيان، في منشور على "إنستغرام"، أن "المسألة ليست أبداً تجاوز الخطوط الحمراء أو المساومة عليها"، مضيفاً أن "حرس الثورة كان وما زال حارس البلاد والشعب. ما قلته كان تعبيراً عن توجه كبار قادته بأنلا يتم تأخير تأمين مصالح الشعب والحفاظ عليها شريطة التوصل إلى اتفاق جيد وقوي ومستدام".

يشار إلى أن موضوع رفع "الحرس الثوري" الإيراني من قائمة الإرهاب الأميركية يعتبر أهم قضية عالقة أمام مفاوضات فيينا للتوصل إلى اتفاق. وظلت طهران تكرر أن ذلك من خطوطها الحمراء، ولن تتنازل عنه.

وتوقفت مفاوضات فيينا في الـ11 من الشهر الجاري، وعاد المفاوضون إلى عواصمهم، وذلك بطلب من مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل، الذي يعتبر أيضاً كبير منسقي الاتفاق النووي والمفاوضات الجارية لإحيائه، قائلاً إنّ هناك حاجة إلى "وقفةٍ" في محادثات فيينا.

مع ذلك، استمرت المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في العواصم عبر منسقها أنريكي مورا، خلال الأسبوعين الأخيرين، الذي تبادلَ الرسائل بين الطرفين، وفق الخارجية الإيرانية، فضلاً عن نقل أطراف إقليمية أيضاً هذه الرسائل بينهما.

مورا يجري مباحثات مكثفة مع كبير المفاوضيين الإيرانيين في طهران

وفي السياق، وصل مساء السبت إلى طهران منسق مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي إنريكي مورا، الذي يشغل منصب نائب مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وذلك للعمل على "سد الفجوات الباقية" في المفاوضات.

وأجرى مورا، صباح الأحد، مباحثات مكثفة مع كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني. ومن المقرر أيضاً أن يلتقي وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان. 

وكان مورا قد غرد الجمعة على حسابه بموقع "تويتر"، قائلاً إنه سيزور العاصمة الإيرانية للقاء كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، للعمل على "سد الفجوات الباقية" في المفاوضات، مؤكداً أنه "يجب أن ننهي هذه المفاوضات".

وسيتوجه مورا أيضاً غداً الإثنين إلى واشنطن لاستكمال المباحثات هناك في إطار مساعيه لتذليل العقبات أمام مفاوضات فيينا للتوصل إلى اتفاق عبر إيجاد حلول للقضايا المتبقية.

وكان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد توقّع، خلال مؤتمر الدوحة السبت، التوصل إلى اتفاق مع إيران في شأن برنامجها النووي "خلال أيام"، في وقت قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إنّ مفاوضات فيينا في مراحلها الأخيرة، وقد "اقتربنا إلى نقطة توافق، لكن ثمة مواضيع قليلة ومهمة باقية".

وقال بوريل للصحافيين على هامش مؤتمر منتدى الدوحة المنعقد في العاصمة القطرية: "نحن قريبون جداً (من التوصل إلى اتفاق)، لكن هناك بعض المسائل العالقة"، مضيفاً: "لا أستطيع القول متى وكيف، لكنّها مسألة أيام".

المساهمون