إيران تفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية وسط خلافات حول شروط التسجيل

11 مايو 2021
تجري الانتخابات يوم 18 يونيو (عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -

انطلقت، اليوم الثلاثاء، عملية الترشح رسمياً للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة يوم 18 يونيو/حزيران، من خلال التسجيل في وزارة الداخلية الإيرانية، على أن تستمر خمسة أيام.

وثمة خلافات بين مجلس صيانة الدستور والحكومة الإيرانية بشأن شروط ومعايير الترشح، فضلاً عن أن المشهد السياسي الانتخابي الإيراني هذه الأيام يشهد فتوراً على عكس الدورات السابقة.

وبعد فتح أبوابها، استقبلت الداخلية الإيرانية، مرشحين للانتخابات، لكنهم غير معروفين، ما عدا وزير الاتصالات الإيراني الأسبق محمد حسن نامي، والقيادي السابق بالحرس الثوري سعيد محمد.

خلال الفترة الأخيرة وقبل بدء عملية التسجيل اليوم، أعلن نحو 30 شخصية ووجهاً بارزاً أنهم سيترشحون للانتخابات الرئاسية المقبلة، منهم مستشار المرشد الإيراني للصناعات العسكرية الجنرال حسين دهقان، ونائب رئيس البرلمان السابق الإصلاحي مسعود بزشكيان، وأمين مجمع تشخيص مصلحة النظام المحافظ محسن رضائي، ونائب وزير الداخلية الأسبق مصطفى تاج زادة وشخصيات أخرى. لكن لا يبدو أنهم المرشحون النهائيون للانتخابات، فالقوى السياسية البارزة في البلاد، (المحافظة والإصلاحية أو الاعتدالية) لم تقدم بعد مرشحيها النهائيين للمنافسة.

صورة غير واضحة

فصورة المشهد الانتخابي في إيران غير واضحة بعد، قبل نحو شهر من تنظيم الانتخابات. فمن جهة، لم تتفق القوى الإصلاحية على مرشح نهائي، على الرغم من إعلان قيادات إصلاحية ترشحها، ومن جهة أخرى، هناك عدد من المرشحين على الضفة المحافظة، وآخرون يترقبون، ليقرّروا الترشح أم لا. أبناء هذا التيار ينتظرون اليوم إن كان سيدخل إبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية الحالية، غمار السباق الرئاسي أم لا. ارتفعت أخيراً الأصوات المحافظة الداعية إلى ترشحه، لكنه لم يتجاوب بعد. كما أن مرشحين محافظين، مثل سعيد محمد، وشخصيات أخرى من المتوقع أن تترشح مثل رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، أعلنوا أنهم سيسحبون ترشحهم أو لن يترشحوا إذا قرّر رئيسي الترشح للانتخابات.

ويرجح المراقبون ترشيح رئيسي نفسه، فإذا فعل ذلك، سيكون هو المرشح الرئيس للتيار المحافظ، وسط توقعات بأنه على الأغلب سيكون الرئيس الإيراني المقبل.

ورئيسي مقرب من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، ويتحدّر من مدينة مشهد شرقي البلاد، وتقلّد مناصب قضائية مختلفة، وبرز اسمه في الإعلام العالمي خلال السنوات الماضية، كمرشح محتمل لخلافة خامنئي.

نافس رئيسي، الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني في انتخابات عام 2017، لكنه حلّ ثانياً في النتائج، واختاره المرشد الإيراني عام 2019 رئيساً للسلطة القضائية، وقام بتعديلات بالسلطة نالت رضا البعض.

بعد إعلان حفيد مؤسس الثورة الإسلامية، حسن الخميني، عدم ترشحه للانتخابات امتثالاً لنصيحة تلقاها من خامنئي، ذهبت التوقعات باتجاه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ليكون هو المرشح الرئيسي للإصلاحيين، لكنه منذ ثلاثة أسابيع تقريباً، يواجه تداعيات زلزال "التسجيل المسرّب"، ولم يتخلص منها بعد، وسط رفضه المستمر لترشيح نفسه. كما أن مراقبين يستبعدون موافقة مجلس صيانة الدستور على ترشحه في حال قرّر ذلك، بعد الهجمات الشرسة التي تعرّض لها من المحافظين، واتهامات ثقيلة له بـ"إهانة" قائد "فيلق القدس" السابق الجنرال قاسم سليماني، في التسجيل، من خلال إطلاق تصريحات عن السياسة الخارجية الإيرانية ودور سليماني فيها.

وبعد انتهاء فترة الترشح رسمياً، يوم السادس عشر من الشهر الجاري، سترسل الداخلية قائمة المرشحين إلى مجلس صيانة الدستور لبحث أهليتهم، والأخير سيرسل القائمة النهائية للمرشحين لتعلنها الداخلية الإيرانية حتى الـ28 من الشهر الجاري، لتبدأ بعد ذلك الحملات الانتخابية الرسمية حتى السابع عشر من الشهر المقبل، عندما تدخل البلاد في فترة الصمت الانتخابي، قبل يوم من إجراء الانتخابات الرئاسية.

معايير جديدة وخلافات

في غضون ذلك، أثار قرار لمجلس صيانة الدستور الإيراني المكلّف بالموافقة على أهلية المرشحين في الانتخابات والإشراف عليها، أرسله إلى وزارة الداخلية، الأسبوع الماضي، بشأن معايير وشروط التسجيل، سجالاً وخلافات في البلاد. وتعتبر الحكومة وخبراء قانون والتيار الإصلاحي أن وضع المجلس المعايير الجديدة هو تشريع، ولا يحق للمجلس ذلك دستورياً، لكن المجلس ردّ بأن القرار ليس تشريعاً.

ودعا مجلس صيانة الدستور، الداخلية الإيرانية إلى عدم القبول بترشيحات لا تستوفي هذه الشروط. ومن هذه الشروط تحديد أعمار للمرشحين، بحيث لا تقل عن 40 ولا تزيد عن 75، وامتلاك شهادة الماجيستر أو ما يعادلها، خبرة لا تقل عن أربع سنوات في مناصب إدارية، فضلاً عن "سجل جنائي نظيف".

وتبعد الشروط الجديدة للترشيح، وزير الاتصالات الإيراني الشاب محمد جواد آذري جهرمي، الذي يقل عمره عن الأربعين، والقيادي السابق بالحرس سعيد محمد، لعدم امتلاكه خبرة في المناصب الإدارية، ومرشحين آخرين، مثل الإصلاحي مصطفى تاج زادة الذي يمتلك سجلاً قضائياً بعد سجنه ومحاكمته على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها إيران عام 2009، بعد نتائج انتخابات الرئاسة والإعلان عن فوز محمود أحمدي نجاد فيها.

الرئيس الإيراني حسن روحاني، وجه تعليمات خطية لوزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي، مؤكداً أنه يتم القبول بالترشيحات وفق القوانين الموجودة وتفسير المعاونية الحقوقية للرئاسة للقوانين، مما يعني أن تتجاهل الداخلية القرار الصادر عن مجلس صيانة الدستور حول معايير الترشح الجديدة.

وقدمت المعاونية الحقوقية بالرئاسة الإيرانية تفسيرها حول وضع مجلس صيانة الدستور شروطاً جديدةً للترشح، مؤكدة أن البرلمان الإيراني وحده يحق له التشريع في هذا المجال.

وفي نهاية المطاف، سيكون مجلس صيانة الدستور هو المنتصر في هذه المعركة القانونية، لكونه الجهة التي ستعلن في النهاية عن أسماء المرشحين بعد بحث أهليتهم، وهو ما أكده المتحدث باسم المجلس عباس علي كدخدايي، اليوم الثلاثاء، قائلاً إنه "لا وجاهة لترشيحات تفتقر إلى معايير أعلنها مجلس صيانة الدستور، وأبلغنا ممثلنا بلجنة الانتخابات (بوزارة الداخلية) عدم القبول بترشيحات لا تلبي الشروط".

المساهمون