أبدت إيران استعدادها للمساعدة في إعادة ترميم المعالم الأثرية في سورية، فيما تشير معطيات عدة إلى عمليات نهب تقوم بها المليشيات المحسوبة عليها للآثار السورية، وتحويل العديد من المناطق الأثرية إلى مخازن لسلاح تلك المليشيات.
وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري، أمس السبت، أن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام محمد سامر الخليل، بحث مع معاون وزير السياحة الإيراني علي أصغر شالبافيان في الجناح السوري بمعرض "إكسبو دبي 2020" التعاون والتنسيق في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، حيث أبدى الجانب الإيراني استعداده "للمشاركة بفاعلية في عملية إعادة الإعمار وترميم المناطق الأثرية والسياحية التي تعرضت للتخريب في سورية، والقيام بالاستثمار السياحي عبر بناء وتجهيز منشآت فندقية جديدة".
وكانت مصادر عدة قد أشارت إلى أن المليشيات المدعومة من إيران في سورية تعرّض المواقع الأثرية المحلية للخطر عبر استخدامها كمستودعات لتخزين الأسلحة والصواريخ التي هرّبتها إلى البلاد من طريق البر أو الجو، مشيرة إلى تحول أقبية القلاع القديمة إلى مستودعات لحماية الأسلحة من الغارات الجوية، ما يُعَدّ خرقاً للاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية في حالة الحرب.
وتشير المصادر إلى أن المليشيات المدعومة من إيران تخزن الأسلحة والصواريخ التي أحضرتها من العراق في عدة أماكن أثرية في البادية السورية الشرقية، خاصة في قلعة الرحبة الأثرية في محيط مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي.
وقال الصحافي المهتم بشؤون الآثار، عمار عابد لـ"العربي الجديد"، إن العديد من الشركات الإيرانية مهتمة بالتنقيب عن الآثار في المدن والبلدات التي تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة عليها، وخاصة مدينتي تدمر في ريف حمص وخان طومان في ريف حلب، فضلاً عن العديد من المواقع الأثرية في محافظة درعا جنوبيَّ البلاد.
وأضاف أن تلك الشركات تستعين بمهربي آثار محليين لتهريبها خارج سورية بحماية وتسهيل من المليشيات الإيرانية.
ووفق شبكة "عين الفرات" المحلية، فإن "الحرس الثوري" الإيراني استخرج في الآونة الأخيرة، كميات من الآثار، من مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، حيث تستعين المليشيات في عمليات الحفر والتنقيب عن الآثار، بثلاثة خبراء آثار عراقيين وعمال حفر محليين وآليات متوسطة. وأضافت الشبكة أنه نُقلَت تحف أثرية وتماثيل ومجسمات ذهبية وألواح حجرية تحمل نقوشاً مسمارية وغيرها إلى العراق، بعد منح 10 بالمئة من قيمة الكنوز للخبراء العراقيين وأجرة يومية لعمال الحفر تقدر بـ8 آلاف ليرة سورية.
وتنتشر المواقع والمساحات الأثرية التاريخية على طول الجغرافيا السورية، وعملت مختلف القوى المتصارعة على نهبها طوال السنوات الماضية من عمر الحرب في سورية.
ووثقت المديرية العامة للآثار والمتاحف التابعة للنظام السوري 710 مواقع ومبانٍ أثرية تعرضت للتخريب، وراوحت الأضرار بين التخريب الجزئي، والاندثار أو التهدم الكامل، كما في تل مقداد الكبير في درعا، والجامع الأموي في حلب.
ويزيد عدد المواقع الأثرية في سورية على 4500 موقع أثري، تضم في جوفها آثاراً لنحو أربعين حضارة إنسانية، من إيبلا وأوغاريت وماري، مروراً بالآرامية والفينيقية والأكادية والكلدانية، وصولاً إلى البيزنطية والرومانية والعربية.
وكانت اليونسكو قد أدرجت في وقت سابق ستة مواقع أثرية سورية على لائحة التراث العالمي، وهي أحياء دمشق القديمة، وحلب القديمة التي تُعَدّ أقدم مدينة مأهولة بالسكان موجودة حالياً في العالم، وقلعة المضيق، وقلعة الحصن، ومدينة بصرى القديمة، ومدينة تدمر، والقرى الأثرية شماليّ البلاد وشمال غربيّها.