أكد التلفزيون الإيراني، صباح اليوم السبت، اعتقال طهران القيادي المعارض في "حركة النضال العربي لتحرير الأحواز" الانفصالية، حبيب أسيود، مشيراً إلى أن العملية حدثت في تركيا، وتم نقل المعارض المعتقل إلى طهران.
ولم يكشف المصدر عن هوية الجهة التي استدرجت أسيود واعتقلته، إن كانت وزارة الاستخبارات الإيرانية أو جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني.
من جهتها، أكدت "حركة النضال العربي لتحرير الأحواز" صحة الأنباء عن اعتقال أسيود، متهمة المخابرات الإيرانية "باختطاف رئيسها السابق السيد حبيب أسيود في الأراضي التركية، بعد عملية استدراج شاركت وأسهمت فيها دولة عربية خليجية، وشخصيات أحوازية"، لم تكشف عنها، غير أنها أكدت أنه "سيُعلَن عن تفاصيلها لاحقاً".
و"حركة النضال العربي لتحرير الأحواز" حركة انفصالية، تصنّفها طهران إرهابية، تدعو إلى انفصال منطقة الأهواز التي يقطنها عرب إيران، وعقدت سابقاً مؤتمرات لدعم حقوقهم. وتشجب السلطات الإيرانية دور القاهرة والرياض في دعم هذه الحركة، واستقبال مؤتمراتها التي تُعقد تحت عنوان "نصرة الشعب العربي الأحوازي"، وهي ذاتها التي تقوم بعمليات منذ عام 2005 في إيران، وتطالب بإعادتها لحدود 1925 وفصل "الأحواز" عنها.
وتبنّت الحركة سابقاً عمليات عدة، كاغتيال القاضي ورئيس شعبة المعلومات في خوزستان حسين شريفي في 2017، وتفجير خط لنقل الغاز المسال جنوبي إيران في 2016، إلى جانب إحراق منشأة نفطية في العام ذاته. وقالت الجبهة حينها إن ذلك يأتي رداً على اقتحام السفارة السعودية في طهران. بينما اغتيل رئيسها أحمد مولى في هولندا في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، واتهمت الحركة السلطات الإيرانية بالوقوف وراء العملية.
أثارت عمليات الاستدراج الأخيرة مخاوف في أوساط المعارضين الإيرانيين في الخارج، من احتمال أن يكون أي واحد منهم هدفاً مستقبلياً للاستدراج والاعتقال من قبل الاستخبارات الإيرانية
وفي سبتمبر/أيلول 2018، شهدت مدينة الأهواز هجوماً كبيراً على عرض عسكري للقوات المسلحة الإيرانية، أودى بحياة 25 شخصاً وأدى إلى إصابة 69 آخرين، تبنته هذه الحركة المعارضة، قبل أن يعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم في وقت لاحق.
وكانت السلطات الإيرانية قد اتهمت الحركة بأنها كانت من الجهات الضالعة في الهجوم.
ويوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أكد مكتب العلاقات العامة التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني"، مقتل أحد عناصر تنظيم "داعش"، والمتهم بأنّه "العقل المدبر" للهجوم الذي استهدف العرض العسكري في الأهواز.
وخلال فبراير/شباط 2020، أعلن جهاز الأمن والاستخبارات الدنماركي، أنه "تم توقيف ثلاثة عناصر من (حركة النضال العربي لتحرير الأحواز)، ووجهت إليهم تهم التجسس. وبحسب جهاز الأمن والاستخبارات، قام هؤلاء بأنشطة تجسس لصالح جهاز مخابرات سعودي من عام 2012 إلى 2018".
وحينها، أعلن وزير الخارجية الدنماركي ييبا كوفود، رفض بلاده لما أسماه "حروباً بالوكالة بين السعوديين والإيرانيين" على الأراضي الدنماركية، في معرض تعقيبه على توجيه اتهام لأشخاص بالتجسس لمصلحة الرياض.
استدراج المعارضين
وعملية استدراج واعتقال أسيود، ليست الأولى ولا الأخيرة للأمن الإيراني، وهي الثالثة منذ عام تقريباً، حيث سبقها اعتقال معارضين إيرانيين بارزين، الأول هو روح الله زم، صاحب موقع "آمد نيوز" الشهير، الذي أعلن جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني اعتقاله "في عملية معقدة". وكان زم يقيم في فرنسا وتحت حماية أمنية شديدة من الشرطة الفرنسية بحسب قوله، وأثار اعتقاله استغراباً في أوساط داخلية والمعارضة الإيرانية في الخارج. ولم يكشف "الحرس الثوري" الإيراني، عن طريقة اعتقال زم ومكان ذلك، مما أثار الأمر تساؤلات حينها، وسط تكهنات بأنه تم استدراجه إلى العراق أو دولة جارة أخرى. علماً بأن معظم عمليات استدراج واعتقال المعارضين وقعت في أراضي دول مجاورة لإيران، سواء تم ذلك بتعاون مع هذه الدول، وفقاً لاتفاقيات أمنية مشتركة، أو من دون ذلك.
واللافت أنه قبل يوم من إعلان الحرس الثوري الإيراني اعتقال زم، كان موقع "ميدل إيست آي" قد كشف أن مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، قام بزيارة سرية لإيران، بغية خفض التوتر. وبعد ذلك، أشارت تصريحات إيرانية رسمية إلى زيارة وفود إماراتية وتطورات إيجابية في العلاقات مع أبوظبي. وليس واضحاً بعد إن كانت زيارة بن زايد لها علاقة باعتقال زم، وهل تم اعتقال الأخير في دبي أو في مكان آخر في دولة أخرى؟
وكان اعتقال زم يمثل صيداً أمنياً ثميناً لإيران، لكونه كان يدير قناة "آمد نيوز" والموقع الإلكتروني بالعنوان نفسه، حيث كان للقناة تأثير كبير في إشعال احتجاجات في إيران، وتوجيه المتظاهرين، وكان يصل عدد أعضائها إلى أكثر من مليون، قبل أن يسيطر عليها الحرس الثوري.
أما عملية الاستدراج والاعتقال الثانية خلال أقل من عام، فكانت ضد المعارض الإيراني جمشيد شارمهد، زعيم "جمعية مملكة إيران" المعارضة أو ما تُعرف باسم "تندر"، حيث أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية، مطلع أغسطس/آب الماضي، اعتقاله بعد استدراجه من الولايات المتحدة الأميركية، مشيرة إلى أن الجمعية نفذت "عمليات إرهابية" في إيران، وسعت إلى تنفيذ عمليات أخرى، تم إحباطها، بحسب الوزارة.
ورصد "العربي الجديد" أنه سبقت العمليات الثلاث المذكورة، عمليات استدراج واعتقال أخرى لمعارضين في الخارج، خلال العقود الماضية، أشهرها اعتقال وزارة الأمن الإيرانية، عبدالمالك ريغي، مؤسس جماعة "جند الله" المسلحة المعارضة، التي تعمل على الحدود الإيرانية الباكستانية، يوم 23 فبراير/شباط 2010، والتي غيرت اسمها لاحقاً إلى جماعة "جيش العدل".
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن ريغي كان على متن طائرة بوينغ 737 تابعة للخطوط الجوية القيرغيزية، متوجهاً من دوبي إلى بيشكك، لكن في الأجواء الإيرانية اعترضت ثلاث مقاتلات إيرانية مسار الطائرة وأجبرتها على الهبوط في مطار ميناء بندر عباس جنوبي إيران، ثم قام رجال الأمن باعتقال ريغي وتنزيلها من الطائرة.
ومن عمليات أخرى، اعتقال علي توسلي من قادة منظمة "فدائيان خلق أكثريت" (فدائيي الشعب)، عام 1995، بعد وصوله إلى العاصمة الأذربيجانية، باكو، في زيارة، لكن تم اعتقاله واقتياده إلى داخل إيران حيث سجن لسنوات.
وأثارت عمليات الاستدراج الأخيرة مخاوف في أوساط المعارضين الإيرانيين في الخارج، من احتمال أن يكون أي واحد منهم هدفاً مستقبلياً للاستدراج والاعتقال من قبل الاستخبارات الإيرانية، وهو ما أكده أيضاً وزير الاستخبارات الإيراني محمود علوي للتلفزيون الإيراني، بعد اعتقال زعيم "مملكة إيران"، قائلاً إن "القبض على زعيم تندر ليس أول عملية معقدة للوزارة ولن تكون الأخيرة"، مضيفاً أن رجال الأمن الإيرانيين "قد نفّذوا مثل هذه العمليات من قبل واليوم ليس مناسباً للكشف عنها".