إيران تدين غياب "العقلانية" الأوروبية بعد العقوبات الجديدة

15 نوفمبر 2022
كنعاني: طهران ستتخذ الإجراءات المتبادلة والفاعلة بحكمة وقوّة (عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -

دانت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الثلاثاء، غياب "العقلانية" الأوروبية بعد فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات جديدة على طهران، على خلفية الاحتجاجات.

واندلعت في إيران منذ 16 سبتمبر/ أيلول احتجاجات في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً)، بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق، لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في إيران. وقضى العشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات، واعتبر مسؤولون جزءاً كبيراً منها "أعمال شغب".

ودان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، اليوم الثلاثاء، الإجراءات الجديدة، معتبراً ذلك "إجراءً لا أساس له، وغير قانوني، وهو مرفوض تماماً"، وأضاف: "على ما يبدو، أدى إدمان العقوبات إلى عزل العقلانية والجدية لدى الأطراف الأوروبية"، مؤكداً أنّ هذه الدول "تضيّق نطاق تفاعلاتها (مع إيران) عبر تبنّي هذا الموقف الخطأ".

وأكد كنعاني أنّ طهران "ستتخذ الإجراءات المتبادلة والفاعلة بحكمة وقوّة، وبناءً على المصالح الوطنية، تجاه مثل هذه الممارسات غير المجدية وغير البناءة، وتحتفظ بالحق في الرد" على العقوبات الأوروبية والبريطانية.

وأعلن الاتحاد الأوروبي، أمس الإثنين، فرض عقوبات جديدة تطاول 29 مسؤولاً إيرانياً، بمن فيهم وزير الداخلية أحمد وحيدي، وثلاثة كيانات، من بينها قناة "برس تي في" الرسمية الناطقة بالإنكليزية.

ومع العقوبات الجديدة، باتت إجراءات الاتحاد الأوروبي على خلفية الاحتجاجات في إيران تشمل 126 شخصاً و11 كياناً. وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في 17 أكتوبر/ تشرين الأول سلسلة خطوات تقييدية شملت شرطة الأخلاق الإيرانية وعدداً من المسؤولين، بينهم وزير الاتصالات والتكنولوجيا عيسى زارع بور.

ووجّه القضاء الإيراني تهماً لأكثر من ألفي موقوف على خلفية التحركات. وأعربت دول غربية عدة عن دعمها للاحتجاجات، وفرضت عقوبات على مسؤولين وكيانات في إيران، رداً على ما تعتبره "قمع" السلطات للتحركات.

وسبق لإيران أن أدرجت، وفق مبدأ المعاملة بالمثل، كيانات وأفراداً في الدول التي فرضت عليها عقوبات، على قائمتها السوداء للعقوبات. وشملت الإجراءات الإيرانية حظر إصدار تأشيرات دخول ومنع سفر وتجميد أي أرصدة وممتلكات في إيران.

إضراب في ذكرى تظاهرات عام 2019

في سياق متصل بالاحتجاجات، بدأ الإيرانيون في مدن عدة إضراباً، اليوم الثلاثاء، في ذكرى تظاهرات شهدتها البلاد عام 2019، احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، وقابلتها قوات الأمن بحملة قمع وُصفت بأنها من بين الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية.

ومن شأن هذه الخطوة أن تزيد الضغوط على رجال الدين الذين يحكمون البلاد. وذكرت "رويترز" في 2019، أن 1500 شخص قُتلوا في موجة الاضطرابات، بينهم ما لا يقل عن 17 مراهقاً ونحو 400 سيدة، فضلاً عن عدد من قوات الأمن والشرطة.

ووفقاً لوكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان "هرانا"، فقد قُتل 344 شخصاً في الاحتجاجات الأخيرة، بينهم 52 قاصراً. وقالت الوكالة إنها شهدت أيضاً مقتل 40 من عناصر الأمن، إلى جانب إلقاء القبض على 15820 شخصاً.

وتحولت التظاهرات إلى أزمة شرعية للمؤسسة الدينية التي تحكم البلاد منذ أكثر من أربعة عقود. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي إضرابات وتجمعات. وأوضحت لقطات نشرها حساب "1500 تصوير" الناشط على "تويتر" متاجر مغلقة في سوق طهران، مع تجمع حشد من الناس يرددون شعارات مناهضة للحكومة.

وأشارت منظمة "هنجاو" الكردية لحقوق الإنسان إلى حدوث إضرابات جماعية في العديد من المدن التي يسكنها أكراد في شمال وشمال غرب إيران، كما أضربت جامعات في هذه المناطق.

وشهدت جامعة آزاد في مدينة كرج القريبة من طهران إضراباً أيضاً، ونشر حساب "1500 تصوير" مقطع فيديو يظهر ممرات الجامعة فارغة والأبواب مغلقة. كما نشر الحساب مقطع فيديو لأشخاص في قطار أنفاق وهم يهتفون "الموت للدكتاتور"، وهو شعار كثيراً ما تم ترديده ويُقصد به الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي.

وفي مدينة أصفهان بوسط إيران، وقف عمال خارج مصنع للصلب وانضموا إلى الإضراب. وذكر حساب "1500 تصوير" أن العمال رددوا "سئمنا الوعود، موائدنا فارغة".

ويتزايد الدعم لحركة الاحتجاجات من مختلف فئات المجتمع الإيراني، وذكر لاعب كرة القدم المتقاعد الشهير علي دائي عبر "إنستغرام" أنه رفض دعوة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لحضور بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر. وكتب دائي "في هذه الأيام العصيبة... اعتذرت عن عدم قبول دعوة الفيفا وأفضّل البقاء إلى جانب أبناء بلدي وتقديم التعازي للأسر التي فقدت أحباءها أخيراً".

خروج المعارض رونقي من المستشفى وإعادته إلى السجن 

في سياق آخر، أعادت السلطات الإيرانية المعارض المضرِب عن الطعام حسين رونقي إلى السجن، غداة إدخاله المستشفى، حيث أُكِّد "استقرار" وضعه الصحي، وفق ما أفاد الموقع الإخباري للسلطة القضائية.

وأورد موقع "ميزان أونلاين" الإلكتروني أنّ رونقي "خرج من المستشفى بعدما خضع لمعاينة من قبل الأطباء، وعاد إلى السجن" ليل الاثنين. وأتى ذلك بعد ساعات من تأكيد الموقع أن رونقي نقل إلى المستشفى الأحد "لتفادي أي تدهور في وضعه الصحي، ولكي يتلقى علاجاً إضافياً"، مؤكداً أنّ صحته "مستقرة، وسيخرج قريباً من المستشفى".

ونفى "ميزان أونلاين" التقارير عن "إصابته بجروح" أو "معاناته من سكتة قلبية لدى وصوله إلى المستشفى".

ووزعت السلطة القضائية، أمس الاثنين، صورة تظهر رونقي طريح الفراش في المستشفى، ووالدته جالسة على كرسي بقربه.

وسبق لحسين رونقي أن نشر في صحف، منها "وول ستريت جورنال" الأميركية، مقالات تنتقد سلطات الجمهورية الإسلامية. ودعا مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، الاثنين، إلى وقف "التعذيب والمعاملة السيئة للسجناء السياسيين"، مثل رونقي في إيران.

(فرانس برس، رويترز)