فرض قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق، الذي أنهى عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، سيناريوهات عدة على الواقع السياسي في العراق، فيما رأى عضو بالبرلمان أنّ القرار سيعزّز من نفوذ تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، كما أنه سيؤثر على نتائج الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها نهاية الشهر المقبل.
وكانت المحكمة الاتحادية في العراق قد قضت، أمس الثلاثاء، بإنهاء عضوية الحلبوسي من البرلمان، على خلفية دعوى قضائية كان قد رفعها أحد البرلمانيين، اتهمه فيها بتزوير استقالته من البرلمان.
وعلى إثر ذلك عقد حزب "تقدم" الذي يتزعمه رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي اجتماعاً، وقرّر وزراء ونواب الحزب الاستقالة من مناصبهم ومقاطعة اجتماعات ائتلاف "إدارة الدولة" والجلسات البرلمانية والعملية السياسية.
ووفقاً لبيان للحزب، صدر مساء أمس، فإنّه "بعد مضي أكثر من عام كامل على تشكيل الحكومة الحالية، التزمنا بجميع الاتفاقات السياسية والورقة التي تشكّلت على أساسها الحكومة التي انبثقت من ائتلاف إدارة الدولة الذي تشكل لدعم الرئاسات والحكومة والمؤسسات وتبني القرار السياسي للدولة، وهو الائتلاف المعني بتنفيذ الاتفاقات السياسية والمسؤول عن التزام المؤسسات كافة بتطبيق الدستور والقوانين".
وأضاف أنه "وعلى الرغم من كل ما حدث من استهدافات خلال هذا العام، إلا أننا آثرنا وجماهيرنا الصبر والالتزام بالاتفاقات السياسية لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، ولتحقيق تطلعات الشعب في حياة حرة كريمة ورفع الظلم عن المظلومين، إلا أننا فوجئنا بصدور قرار المحكمة الاتحادية الذي نجد فيه خرقاً دستورياً صارخاً، واستهدافاً سياسياً واضحاً".
وأكد أن "قيادات الحزب ونوابه اجتمعوا وقرروا مقاطعة جلسات ائتلاف إدارة الدولة، واستقالة ممثلي الحزب في الحكومة الاتحادية، واستقالة ممثلي الحزب من رئاسة ونواب رؤساء اللجان النيابية، والمقاطعة السياسية لأعضاء مجلس النواب عن الحزب لجلسات مجلس النواب".
وقدّم وزراء الحزب، وهم كلٌّ من نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط محمد تميم، ووزير الصناعة والمعادن خالد بتال النجم، ووزير الثقافة والسياحة والآثار أحمد فكاك البدراني، استقالاتهم رسمياً.
وكان الحلبوسي قد اعتبر قرار إنهاء عضويته قراراً "غريباً"، قائلاً إنّ "هناك من يسعى لتفتيت المكونات الاجتماعية.. في السنوات الخمس التي تولينا فيها رئاسة البرلمان عملنا على إصلاح ما مضى من سوء إدارة، إذ لم يهدم بيت في هذه الفترة كما حدث سابقاً، ولم يغيَّب شخص، ولم يُعتقل أحد، وطبّق القانون".
ويأتي قرار المحكمة في وقت حساس من تاريخ العملية السياسية بالعراق، إذ تستعد التحالفات السياسية لخوض الانتخابات المحلية المقررة في 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، خاصة أن حزب "تقدم" بزعامة الحلبوسي له ثقل كبير فيها.
تحالف "السيادة" يبحث الخطوات المقبلة
في الأثناء، دعا تحالف "السيادة" الذي يتزعّمه خميس الخنجر، في بيان له، ليلة أمس، إلى اجتماع عاجل، لممثلي القوى السياسية السنيّة للتداول في الخطوات المقبلة، من دون أن يحدد الخطوات التي يعتزم اتخاذها.
وجاءت دعوة "السيادة" على إثر إعلان حزب "الحل" الذي يتزعمه جمال الكربولي، وتحالف "العزم" الذي يتزعمه مثنى السامرائي، دعمهما قرار المحكمة.
قلب موازين القوى في البلاد
من جهته، أكد عضو في البرلمان العراقي، طلب عدم ذكر اسمه، خلال حديث مع "العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أنّ قرار المحكمة سيقلب موازين القوى في البلاد وسيؤثر على نتائج الانتخابات المرتقبة، مبيناً أنّ "قيادات تحالف الإطار التنسيقي أجرت يوم أمس الثلاثاء لقاءات واتصالات، فيما بينها ومع أطراف سياسية سنية منها تحالف العزم، والسيادة، والحل، لبحث المستجدات".
وبحسب ما يقول، فإنّ "الإطار التنسيقي حقّق مكسباً من القرار، وهو يسعى اليوم لتعزيز نفوذ الأطراف السنية الحليفة له وطرح قيادات سنية جديدة، مقربة من الإطار"، مشدداً على أن "هذا الحراك سيعزز نفوذ الإطار التنسيقي في الحكومة والبرلمان، ويمهد لتحالف جديد سيصوغ برنامجه قادة الإطار التنسيقي".
ولم يصدر عن تحالف "الإطار التنسيقي" أي موقف رسمي بشأن المستجدات، في وقت يعتزم فيه بحث الملف في اجتماع سيعقده اليوم الأربعاء.
من جهته، علق زعيم تيار الحكمة المنضوي ضمن "الإطار التنسيقي" عمار الحكيم على ذلك بالقول "نثمن باعتزازٍ وعرفان جهود رئيس تحالف تقدم الأخ محمد الحلبوسي في رئاسة مجلس النواب طيلة المدة الماضية التي شهدت إقرار عدد كبير من التشريعات والقوانين المهمة، ومعالجة العديد من الأزمات التي عصفت بالبلد، ونتمنى له التوفيق والسداد في مهامه الوطنية حيثما يكون".
واعتبر الباحث في الشأن السياسي العراقي، فراس إلياس، القرار "جزءاً من سياسة الإقصاء"، قائلاً في تدوينة على منصة "إكس" إنّ "ثقافة الإقصاء جزء من هوية النظام السياسي في العراق"، مضيفاً أنه "قد يتم إنهاء عضويتك أو اجتثاثك لأي سبب كان، لكن أن تسلم ثلاث محافظات لداعش فهذه قمة الوطنية"، في إشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.