إفشال الصفقة ممكن

09 مارس 2018
تملك السلطة فرصة لإنهاء التنسيق مع الاحتلال(عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -
لم تتبلور بعد ما يطلق عليها، عبر اعتماد واضح للمصطلحات الأميركية والإسرائيلية، بـ"صفقة القرن". ويبدو، وفق مؤشرات مختلفة، أن هناك تراجعاً ما في البيت الأبيض، أو مماطلة في الدفع أخيراً بنشر مقترحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سواء كان ذلك بفعل ظروف ترامب الداخلية أو نزولاً عند طلب من رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي يفضل إخفاء الملف الفلسطيني قدر الإمكان والاشتغال بالملف الإيراني مع الترويج "للخطر المشترك" للعرب ولإسرائيل.

لكن هذا كله يوفر عملياً، خصوصاً في ظل ما يواجهه نتنياهو من تحقيقات حتى لو دفعته إلى تبكير موعد الانتخابات، للطرف الفلسطيني، وبقدر موازٍ أيضاً للطرف العربي ككل، فرصة لإعادة ترتيب الأوراق مجدداً، بدءاً من انتزاع موقف عربي واضح وقاطع ضد أي حل يعني تصفية القضية الفلسطينية، وانتهاءً بوضع حد في نهاية المطاف للانقسام الفلسطيني ووقف تلاعب أطراف عربية ودولية بورقة الانقسام وتوظيفها لصالح هذه الأطراف.

يعني هذا أن السلطة الفلسطينية، كما حركة "حماس"، تملكان، اليوم أكثر من أي وقت مضى، فرصة حقيقية، إذا ملكتا الإرادة الصادقة، لتحقيق المصالحة وإنهاء ملف الانقسام، والدخول في حوار وطني حقيقي يشمل أيضاً قطاعات الشعب الفلسطيني في الشتات وفي مخيمات اللجوء، من أجل الخروج بتصور واضح ومحدد لإفشال محاولات تصفية القضية الفلسطينية ووضع تصور لمشروع وطني جديد ينطلق من إلغاء اتفاق أوسلو، وإنهاء التنسيق الأمني المعيب والخطير مع قوات الاحتلال، والتأسيس لحراك فلسطيني جديد برؤية واضحة تعيد للثوابت الفلسطينية مكانتها.

فقط إذا أعادت القيادة الفلسطينية، سواء في رام الله أم في قطاع غزة، الاعتبار للثوابت الفلسطينية، وقدمت مشروعاً وطنياً جديداً وبديلاً لعقلية أوسلو المسيطرة والسائدة، يمكن لها أن تبني من جديد، ولو بدأت من الصفر، آفاقاً تمنح الشعب الفلسطيني فرصة لمواصلة مقاومة الاحتلال، بصورة سلمية وشعبية تستلهم الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وتكون متحررة من قيود الاتفاقيات التي لا تقيم إسرائيل لها وزناً، لكنها تقيد الفلسطينيين وتمنعهم من التقدم ولو قيد أنملة نحو الحرية المنشودة، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. ومن دون العودة للوراء خطوات وخطوات، واجتراح وسائل وسياسات جديدة، لن يتمكن الفلسطينيون من التقدم خطوة واحدة نحو الحرية والاستقلال.

المساهمون