ينتظر أهالي الموصل العراقية إعمار مدينتهم المنكوبة بعد الحرب الضارية التي شنّتها القوات العسكرية العراقية ضد تنظيم "داعش"، والتي انتهت منذ نحو عشرة أشهر، وتسبّبت بدمار كبير أصاب البنى التحتية بكل مفاصلها، فضلاً عن تدمير مئات الآلاف من بيوت المدنيين. كذلك فإن مدناً أخرى، مثل الرمادي والفلوجة وبيجي وتكريت، وعدد من البلدات الصغيرة في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، تعرضت لنسب دمار متفاوتة، وخصوصاً منازل الأهالي فيها، في ظل توقعات بأن عدد ما تم تدميره من وحدات سكنية تجاوز الـ200 ألف، ما يعني فقدان نصف مليون مواطن عراقي لمنازلهم.
ولا يبدو أن الحكومة العراقية ستتمكن في موازنتها المالية للعام 2018، من تأمين الأموال اللازمة لتحقيق الإعمار المؤمل إجراؤه في بلدات عديدة استحالت بعد نيران القوات المختلفة التي تحاربت فيها إلى أنقاض وتراب. وصوّت البرلمان العراقي، مطلع الأسبوع الحالي، على قانون الموازنة الاتحادية للعام 2018، وجاء في المادة 43 منها: مناقلة مبلغ 420 مليار دينار عراقي (نحو 370 مليون دولار) من تخصيصات وزارة الهجرة والمهجرين، وهو مبلغ خُصص لإغاثة النازحين، إلى دعم المحافظات والمناطق المتضررة من الحرب، وإعادة الاستقرار وإعمار البنى التحتية فيها. ولم تعلن الحكومة حتى الآن عن أي تخصيصات واضحة لإعادة إعمار الموصل غير هذه الفقرة التي لا تكاد الأموال المخصصة فيها تكفي لتجهيز مدينة واحدة بالماء الصالح للشرب.
ويقول مسؤولون عراقيون، تحدثت معهم "العربي الجديد"، إن إعادة إعمار المناطق المدمرة تكلف 88 مليار دولار، وحصلت بغداد خلال مؤتمر الكويت على 30 مليار دولار على هيئة قروض ومشاريع، في حين يرى خبراء أن المرحلة الأولى من برنامج العراق لإعادة إعمار المناطق التي خربتها الحرب مع "داعش" ستستمر حتى العام 2022، أما المرحلة الثانية والأخيرة فستبدأ في العام 2023 وستستمر حتى العام 2028.
وبحسب مصادر في بغداد، من المقرر أن تبدأ اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل اللجنة الوزارية العراقية بمساعدة السفارات العراقية في الخارج، بالتوجّه للدول التي أعلنت عن قروض ومنح للعراق خلال مؤتمر الكويت، بهدف التباحث معها حول آلية ذلك ومحاولة التفاهم على صيغة القرض وفوائده أو إعفاء العراق منها أول ثلاث سنوات على أقل تقدير.
وقال عضو المجلس المحلي في نينوى نور الدين قبلان، إن "الموازنة العراقية لهذا العام خجولة ولا تفي بالغرض، فالمدينة منكوبة والكثير من مناطقها أصبحت تراباً، حتى أن بعض المواطنين لم يعودوا يعرفون أين كانت منازلهم لأن بعض الأحياء أصبحت غير واضحة جراء القصف الذي استهدفها"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مؤتمر الكويت الذي تأملنا به خيراً، لم يكن هو الآخر بالمستوى المطلوب لجهة المنح المالية المخصصة لبناء المناطق المدمرة". ولفت إلى أن "المئات من جثث المدنيين ما زالت عالقة تحت الأنقاض في الموصل القديمة حتى الآن، ولم تصل إليهم بعد جهود الدفاع المدني، على الرغم من مرور أكثر من 10 أشهر على نهاية المعركة، بسبب عدم تخصيص مبالغ مالية من قبل الحكومة المركزية في بغداد".
اقــرأ أيضاً
ولا تزال هناك أربعون ألف دار مدمرة في الموصل، إضافة إلى العشرات من المراكز والمباني، كما أن هناك حوالي 500 ألف موصلي لم يعودوا إلى مدينتهم حتى الآن. وانتقد النائب العراقي عن نينوى، حجي كندور الشيخ، الأداء الحكومي للمسؤولين في بغداد، معتبراً أنهم يحمّلون المواطن ضريبة "فسادهم الإداري". وقال الشيخ لـ"العربي الجديد"، إن "المواطن الموصلي دفع ضريبة كل الفساد الإداري الذي مارسته القيادة السياسية العراقية"، مشيراً إلى أن "نينوى هي الأكثر تضرراً بين المحافظات التي احتلها داعش، ومن خلال الموازنة المالية لهذا العام، يبدو أننا سنحتاج لعشرات السنين لبناء مدينتنا".
من جهتها، أكدت عضو لجنة المالية البرلمانية، ماجدة التميمي، أن "الإعمار في الموصل سيجري لكن وفق اتفاقات أقامتها الحكومة المركزية مع مجلس نينوى المحلي، فبعد زيارة الأخير إلى بغداد، تم الاتفاق على أن تُعطى قروض للمواطنين، بهدف بناء منازلهم المدمرة". وأوضحت في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الحكومتين المركزية والمحلية اتفقتا على أن تتحمل بغداد فوائد أول خمس سنوات من القروض، بعد ذلك يتحمل المواطن فوائد القروض في ثاني خمس سنوات".
في موازاة ذلك، قالت الخبيرة في الشأن الاقتصادي، سلام سميسم، إن "موازنة العراق للعام 2018، لم تخدم نينوى ومناطقها المتضررة من الإرهاب، إلا بفقرة واحدة وهي إرجاع المفصولين عن الخدمة في الدوائر العسكرية والخدمية"، لافتة في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الأموال القليلة التي خُصصت للإعمار هي مناقلة من وزارة الهجرة والمهجرين، وهذا يعني أن الحكومة لم تكن لديها أي أموال للإعمار".
ورأت سميسم أن "مناقلة الأموال من وزارة معينة لغرض البناء، أو حتى أموال القروض، ستُسرق إذا لم تراقبها جهات نزيهة وصارمة ووطنية"، لافتة إلى أن "الحكومة العراقية تعتقد أن القروض التي ستعطيها للمواطنين في الموصل لإعادة إعمار منازلهم هي حل جيد، لكنها تغافلت عن أن الكارثة أكبر من المنازل، فهي مرتبطة بالبنى التحتية الارتكازية والتي تحتاج إلى أموال كثيرة، أكبر من قدرة المواطن، كالشوارع الرئيسية والجسور والطرق الدولية والسريعة والداخلية ومشاريع الماء والكهرباء".
يشار إلى أن الجسور الخمسة المقامة على نهر دجلة بين جانبي الموصل الشرقي والغربي، خارجة عن الخدمة، إذ تم تعطيلها بغارات جوية نفذتها طائرات التحالف الدولي إبان الحرب على "داعش" بهدف قطع خطوط إمداد التنظيم في المدينة. وتعمل فرق تابعة لمجلس نينوى المحلي على إعادة إعمار بعضها، لكن الخراب أكبر من "طاقتها"، بحسب الفني يحيى الأعرجي. وشرح الأعرجي لـ"العربي الجديد"، أن "الكوادر الهندسية والفنية تعمل بما تستطيع لإعادة إعمار الجسور الحيوية الهامة، التي تربط جانبي المدينة"، مضيفاً أن "الخراب أكبر من إمكانياتنا المادية واللوجستية، حتى أن الجسور المؤقتة التي وضعتها القوات الأمنية بعد تحرير المدينة، أصبحت متهالكة ولا تخدم المواطن، وحدثت أكثر من حالة سقوط".
ويقول مسؤولون عراقيون، تحدثت معهم "العربي الجديد"، إن إعادة إعمار المناطق المدمرة تكلف 88 مليار دولار، وحصلت بغداد خلال مؤتمر الكويت على 30 مليار دولار على هيئة قروض ومشاريع، في حين يرى خبراء أن المرحلة الأولى من برنامج العراق لإعادة إعمار المناطق التي خربتها الحرب مع "داعش" ستستمر حتى العام 2022، أما المرحلة الثانية والأخيرة فستبدأ في العام 2023 وستستمر حتى العام 2028.
وبحسب مصادر في بغداد، من المقرر أن تبدأ اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل اللجنة الوزارية العراقية بمساعدة السفارات العراقية في الخارج، بالتوجّه للدول التي أعلنت عن قروض ومنح للعراق خلال مؤتمر الكويت، بهدف التباحث معها حول آلية ذلك ومحاولة التفاهم على صيغة القرض وفوائده أو إعفاء العراق منها أول ثلاث سنوات على أقل تقدير.
وقال عضو المجلس المحلي في نينوى نور الدين قبلان، إن "الموازنة العراقية لهذا العام خجولة ولا تفي بالغرض، فالمدينة منكوبة والكثير من مناطقها أصبحت تراباً، حتى أن بعض المواطنين لم يعودوا يعرفون أين كانت منازلهم لأن بعض الأحياء أصبحت غير واضحة جراء القصف الذي استهدفها"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مؤتمر الكويت الذي تأملنا به خيراً، لم يكن هو الآخر بالمستوى المطلوب لجهة المنح المالية المخصصة لبناء المناطق المدمرة". ولفت إلى أن "المئات من جثث المدنيين ما زالت عالقة تحت الأنقاض في الموصل القديمة حتى الآن، ولم تصل إليهم بعد جهود الدفاع المدني، على الرغم من مرور أكثر من 10 أشهر على نهاية المعركة، بسبب عدم تخصيص مبالغ مالية من قبل الحكومة المركزية في بغداد".
ولا تزال هناك أربعون ألف دار مدمرة في الموصل، إضافة إلى العشرات من المراكز والمباني، كما أن هناك حوالي 500 ألف موصلي لم يعودوا إلى مدينتهم حتى الآن. وانتقد النائب العراقي عن نينوى، حجي كندور الشيخ، الأداء الحكومي للمسؤولين في بغداد، معتبراً أنهم يحمّلون المواطن ضريبة "فسادهم الإداري". وقال الشيخ لـ"العربي الجديد"، إن "المواطن الموصلي دفع ضريبة كل الفساد الإداري الذي مارسته القيادة السياسية العراقية"، مشيراً إلى أن "نينوى هي الأكثر تضرراً بين المحافظات التي احتلها داعش، ومن خلال الموازنة المالية لهذا العام، يبدو أننا سنحتاج لعشرات السنين لبناء مدينتنا".
من جهتها، أكدت عضو لجنة المالية البرلمانية، ماجدة التميمي، أن "الإعمار في الموصل سيجري لكن وفق اتفاقات أقامتها الحكومة المركزية مع مجلس نينوى المحلي، فبعد زيارة الأخير إلى بغداد، تم الاتفاق على أن تُعطى قروض للمواطنين، بهدف بناء منازلهم المدمرة". وأوضحت في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الحكومتين المركزية والمحلية اتفقتا على أن تتحمل بغداد فوائد أول خمس سنوات من القروض، بعد ذلك يتحمل المواطن فوائد القروض في ثاني خمس سنوات".
ورأت سميسم أن "مناقلة الأموال من وزارة معينة لغرض البناء، أو حتى أموال القروض، ستُسرق إذا لم تراقبها جهات نزيهة وصارمة ووطنية"، لافتة إلى أن "الحكومة العراقية تعتقد أن القروض التي ستعطيها للمواطنين في الموصل لإعادة إعمار منازلهم هي حل جيد، لكنها تغافلت عن أن الكارثة أكبر من المنازل، فهي مرتبطة بالبنى التحتية الارتكازية والتي تحتاج إلى أموال كثيرة، أكبر من قدرة المواطن، كالشوارع الرئيسية والجسور والطرق الدولية والسريعة والداخلية ومشاريع الماء والكهرباء".
يشار إلى أن الجسور الخمسة المقامة على نهر دجلة بين جانبي الموصل الشرقي والغربي، خارجة عن الخدمة، إذ تم تعطيلها بغارات جوية نفذتها طائرات التحالف الدولي إبان الحرب على "داعش" بهدف قطع خطوط إمداد التنظيم في المدينة. وتعمل فرق تابعة لمجلس نينوى المحلي على إعادة إعمار بعضها، لكن الخراب أكبر من "طاقتها"، بحسب الفني يحيى الأعرجي. وشرح الأعرجي لـ"العربي الجديد"، أن "الكوادر الهندسية والفنية تعمل بما تستطيع لإعادة إعمار الجسور الحيوية الهامة، التي تربط جانبي المدينة"، مضيفاً أن "الخراب أكبر من إمكانياتنا المادية واللوجستية، حتى أن الجسور المؤقتة التي وضعتها القوات الأمنية بعد تحرير المدينة، أصبحت متهالكة ولا تخدم المواطن، وحدثت أكثر من حالة سقوط".