استمع إلى الملخص
- **تأثير حرب غزة على المفاوضات**: كانت السعودية وإسرائيل على وشك التطبيع، لكن حرب غزة في أكتوبر دفعت السعودية لتعليق المفاوضات وانتقاد العمليات العسكرية الإسرائيلية، مما نسف فرص التطبيع.
- **الضغوط السعودية لوقف الحرب**: تسعى السعودية لزيادة الضغوط على إسرائيل والولايات المتحدة لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة ومنع حرب إقليمية أوسع، وتفاوض للحصول على ضمانات أمنية ومساعدة في برنامج نووي مدني.
يرى محللون أن إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن التطبيع مع إسرائيل لن يتم قبل قيام دولة فلسطينية يهدف إلى الضغط من أجل وقف الحرب في قطاع غزة المستمرة منذ قرابة عام، ومنع توسعها إلى حرب إقليمية أوسع. وجاءت تصريحات بن سلمان مع تصاعد التوترات الإقليمية، عقب تفجير أجهزة اتصال يستخدمها حزب الله في لبنان، في هجوم حمّل الحزب مسؤوليته لإسرائيل، وهجوم بصاروخ باليستي أطلقه الحوثيون في اليمن وسقط في وسط إسرائيل الأحد.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، كانت السعودية وإسرائيل على "عتبة" التطبيع مع إسرائيل برعاية أميركية، لكن اندلاع حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي دفع السعودية إلى تعليق المفاوضات، فيما انتقدت العمليات العسكرية مراراً وطالبت بوقف الحرب. وقالت الخبيرة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة رابحة سيف علام إنّ "حرب غزة وسلوك الحكومة الإسرائيلية نسفا الترتيبات المعدة للتقارب السعودي الإسرائيلي".
وتابعت لوكالة فرانس برس بأنّ "قسوة الحرب الحالية، وما تحمله من فظائع بحق الفلسطينيين، قتلت فرص تصوّر التطبيع وتقبّل الرأي العام في السعودية له". وأكد بن سلمان، الأربعاء، في كلمته لدى افتتاحه جلسات مجلس الشورى في الرياض، أن بلاده لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل "قيام دولة فلسطينية"، معرباً عن إدانة المملكة جرائمَ الدولة العبرية. ورأت المحللة في مجموعة الأزمات الدولية آنا جايكوبس أن "محمد بن سلمان يقول هذا الآن لأن حرب إسرائيل على غزة مستمرة منذ عام تقريباً، ولا تظهر أي علامات على التوقف". وأضافت: "تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء، وتحاول بدء حرب متعددة الجبهات، ما سيؤدي إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط بشكل أكبر".
وتنكب السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي، منذ 2016، على مشروع إصلاح اقتصادي واجتماعي يهدف إلى تحويلها مركزاً عالمياً للسياحة والأعمال والرياضة. ورأت سيف علام أنّ "الخوف من توسع الحرب يضرب خطط السعودية التنموية لتكون بلداً جاذباً للاستثمار في المنطقة". وفشلت مفاوضات استمرت أشهراً في الكواليس، بوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة، في التوصل إلى وقف الحرب على غزة، باستثناء هدنة لمدة أسبوع في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني.
ورأت جايكوبس أنّ السعودية تريد "زيادة الضغوط" من أجل التوصل إلى هدنة الآن. وأضافت أنّ بن سلمان يسعى إلى "محاولة زيادة الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، ولكن أيضاً لمنع حرب إقليمية أوسع نطاقاً من شأنها أن تضع الولايات المتحدة وإسرائيل على جانب، وإيران ومحور المقاومة على الجانب الآخر". وأكدّت أنّ "هذا سيناريو مروع للرياض وجميع دول الخليج التي قد تقع في وسط النيران".
ولم تعترف السعودية بإسرائيل قط، ولم تنضم إلى اتفاقات أبراهام المبرمة عام 2020 بوساطة أميركية، التي طبّعت بموجبها جارتا المملكة الإمارات والبحرين علاقاتهما مع إسرائيل. وحذا المغرب والسودان بعد ذلك حذو الدولتين الخليجيتين. وكانت السعودية في طريقها إلى ذلك، ضمن اتفاق كان سيوفر للرياض ضمانات أمنية من الولايات المتحدة ومساعدة في تطوير برنامج نووي مدني. وقبل نحو عام، قال بن سلمان في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الإخبارية الأميركية: "نقترب كلّ يوم أكثر فأكثر" من تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنّه في الوقت نفسه، شدّد حينها على "أهمية القضية الفلسطينية" بالنسبة إلى المملكة. وأكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة حينها أنّ بلاده على "عتبة" إقامة علاقات مع السعودية. وقال محللون يومها إن الرياض كانت تفاوض بقوة لانتزاع مكاسب من الأميركيين، بما في ذلك ضمانات أمنية ومساعدة في برنامج نووي مدني قادر على تخصيب اليورانيوم.
وقالت سيف علام إنّ السعودية كانت على شفا الاعتراف بوجود إسرائيل والتعامل معها، لكنها الآن تواجه تعنّتاً إسرائيلياً لا يقبل بتاتاً بوجود دولة فلسطينية"، وهو الأمر الذي لطالما ربطت السعودية التطبيع مع الدولة العبرية به. وقال مستشار الحكومة السعودية علي الشهابي إنّ تصريحات بن سلمان الأربعاء "تهدف إلى إزالة أي غموض حول الموقف السعودي". وأشار المحلل السياسي السعودي محمد بن صالح الحربي إلى استخدام ولي العهد "لهجة شديدة" في التعبير عن موقف بلاده. لكنّ جايكوبس قالت إنّ "السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت هذه التصريحات الشرسة ستتبعها أفعال، خصوصاً في علاقتها بالولايات المتحدة، أقوى حليف لإسرائيل، وكيف يمكن أن تحشد العالمين العربي والإسلامي".
(فرانس برس، العربي الجديد)