يطالب سياسيون وشخصيات عامة مصرية بإعادة الآلاف من أهالي شمال سيناء المهجّرين، إلى مدنهم وقراهم في رفح والشيخ زويد، وذلك من ضمن خطوات قد تتخذ لمواجهة أي خطة لترحيل الفلسطينيين قسراً من قطاع غزة إلى تلك المناطق.
وفي السياق، قال مؤسس "حركة مصريون ضد الصهيونية"، محمد عصمت سيف الدولة، لـ"العربي الجديد"، إن "إعادة أهالي رفح والشيخ زويد إلى أراضيهم ومنازلهم ومدنهم عند الحدود الدولية مع فلسطين، ستشكل حصناً وسداً منيعاً ضد قوات الاحتلال، فيما لو تجرأت على اقتحام الحدود المصرية لتنفيذ مخططها بالقوة والإكراه".
وأضاف سيف الدولة أن "هناك العديد من المهام لمواجهة جرائم الإبادة والتهجير القسري والعدوان الخطير على السيادة والأمن القومي المصري، أولها الدفع الفوري بأكبر عدد من القوات المسلحة المصرية إلى الحدود الدولية، من دون الالتزام بأي قيود أو موافقات مفروضة علينا في اتفاقيات كامب ديفيد وملحقاتها، وإطلاق حق المصريين في تنظيم مسيرات واعتصامات مليونية حاشدة إلى المعبر (رفح)، وفتح المعبر من جانب مصر من دون انتظار موافقة إسرائيل، لإدخال المساعدات إلى غزة".
وأشار سيف الدولة إلى أن "إخلاء أهالي سيناء لإنشاء منطقة عازلة على الحدود الدولية هو بالأساس مشروع إسرائيلي قديم، طالبت به إسرائيل وأميركا، الإدارة المصرية منذ سنوات طويلة، ولكن (الرئيس الراحل حسني) مبارك و(وزير الدفاع الراحل محمد حسين) طنطاوي رفضاه رفضاً قاطعاً".
مؤشرات إلى احتمال استقبال الفلسطينيين
في غضون ذلك، أكدت مصادر قبلية "استمرار العمل بمستشفى الشيخ زويد الميداني، على الرغم من أن مستشفى العريش يعمل بكامل طاقته، وفي حالة استنفار، إضافة إلى وجود مستشفى بئر العبد".
وكشفت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الآليات المصرية تجرف قطعة أرض لإنشاء مستشفى ميداني في الشيخ زويد وهي أقرب نقطة لمعبر رفح البري، مما يؤشر إلى احتمال استقبال أعداد من الفلسطينيين". واعتبرت أنه "في الوقت نفسه، يستعد مطار العريش للعمل، وهو أمر غير مفهوم أيضاً".
عصام عبد الشافي: كان هناك مخطط لعملية تبادل أراض بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة
وأعلن مجلس مدينة الشيخ زويد، عن "تجهيز أرض لإنشاء مستشفى ميداني خلف مستشفى الشيخ زويد في المدينة، في حال استقبال مصابي قطاع غزة للعلاج". وأوضح المجلس أن مستشفى الشيخ زويد "يستعد لاستقبال المصابين، بالإضافة للمستشفى الميداني والمستشفى قادر على استيعاب أعداد كبيرة من الجرحى".
وذكر أنه "في حال السماح بدخول المصابين من قطاع غزة لتلقي العلاج في مصر سيتم تزويدها بالفرق الطبية اللازمة". وقد تفقد وفد تركي مستشفى العريش العام، بحضور السفير التركي بالقاهرة صالح موطلو شن.
حول هذه التطورات، اعتبر أستاذ العلوم السياسية، عصام عبد الشافي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث عن الموقف الأميركي من التهجير، واضح ومعلن وليس جديداً بالمرة". وأضاف: "هناك وثيقة رسمية صدرت عن الولايات المتحدة، تحديداً في ظل إدارة دونالد ترامب في 20 يناير/كانون الثاني 2020، تتحدث عن مخططات التوطين والتهجير في المنطقة العربية، خصوصاً بما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين".
واعتبر أنه "كان هناك مخطط لعملية تبادل للأراضي بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك بين الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة، برعاية أميركية، وتضمنت هذه الوثيقة المزايا الاقتصادية التي ستحصل عليها كل دولة، والالتزامات الأميركية الخاصة بدعم المدنيين المهجرين نتيجة هذا الصراع".
وأكد عبد الشافي أنه "من المهم الوقوف على هذه الوثائق وتحليلها بمنتهى الدقة، لأن الكثير من السياسات الأميركية هي سياسات معلنة، والكثير منها يتم من الخطط المنشورة، وهناك أجهزة رقابية أميركية ومؤسسات سياسية تقوم بدور رقابي، وبالتالي كل ما يخرج عن أميركا يمكن الوقوف عليه والوصول إليه بطريقة سهلة".
تمرير الأميركي للتهجير القسري من غزة
وتعليقاً على الخطاب الموجه من مكتب الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أيام إلى الكونغرس لطلب تمويل جزء منه مخصص للمهجرين إلى خارج غزة، قال مدير برنامج الشرق الأوسط في "معهد كارنيغي للسلام الدولي"، عمرو حمزاوي، إن "اللغة المستخدمة في طلب بايدن بالغة الخطورة وتمرر للتهجير القسري لأهل غزة إلى خارجها ولعموم الشعب الفلسطيني إلى خارج أراضيه".
وأضاف في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) أن "هذه اللغة، والأصوات داخل البيت الأبيض المنحازة بالكامل لإسرائيل التي تقف من خلف حديث التهجير واللجوء العابرين للحدود، لا تمانع في التورط في جريمة انتهاك السيادة المصرية وجريمة تصفية القضية الفلسطينية على حسابنا بصيغة تهجير قسري لأهل غزة إلى سيناء".
مصادر قبلية: يستعد مطار العريش للعودة إلى العمل مجدداً
واعتبر حمزاوي أن "مسؤوليتنا اليوم، شعبا ومؤسسات دولة وحكومة ومجتمعا مدنيا، هي إعلان الرفض الكامل لأي مسعى أميركي ـ إسرائيلي لانتهاك سيادتنا الوطنية واستباحة أرضنا في سيناء، وأن نظهر أن الموقف الشعبي، مثل الموقف الرسمي، متعاطف مع فلسطين وحق شعبها في تقرير المصير والحياة الكريمة ولكن في دولته المستقلة وعلى أرضه وليس على أرض مصر".
بدوره، أعرب الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة "إسطنبول أيدن، عمار فايد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" عن اعتقاده أن "بايدن وإدارته يأخذون هذا المخطط على محمل الجد".
وأشار إلى أن "إسرائيل تواجه أزمة ديمغرافية كبيرة، وتبحث منذ سنوات عن حلول لها، بما في ذلك إمكانية تهجير بعض الفلسطينيين، لكنها لم تجد صيغة يمكن ترويجها. الآن ترى أنها فرصة مناسبة، خصوصاً بعد أن باتت لديها قناعة أن بيئة غزة لا يمكن أن تكون آمنة للاحتلال على المدى الطويل من دون تخفيف الكتلة السكانية فيها".
وأضاف فايد: "على الرغم من ذلك، لا أعتقد أن الإدارة الأميركية حالياً لديها تصور واضح لكيفية فعل ذلك، بل حاولت الترويج للفكرة خلال جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، وقوبلت برفض من كل الدول تقريباً".
وعن محتوى الطلب الذي قدمه بايدن للكونغرس والمتعلق بالدعم المالي لقطاع غزة، رأى فايد أن "الاعتمادات المالية قد توجه للمخيمات الإغاثية المحتملة داخل غزة نفسها، فضلاً عن جهود منع الهجرة غير النظامية". وأوضح أن "موافقة الكونغرس على النفقات لا تعني أن المخطط سيتحقق بالضرورة، وطالما الموقف العربي لم يتغير وأهل القطاع صامدون، يمكن إفشاله".