استطاعت ألمانيا من خلال رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي خلال الستة أشهر الماضية مقاربة موضوعات ملحة وأساسية للاتحاد الأوروبي، في ظل وضع استثنائي فرضه وباء كورونا بدل جدول أعمال برلين، التي سلمت اعتبارا من اليوم القيادة للبرتغال.
ويحسب لبرلين أنها استطاعت لم شمل الدول الأعضاء داخل التكتل الأوروبي، حول العديد من الملفات الخلافية الداخلية بينها الميزانية وملفا كورونا والمناخ وغيرها، لتحقق خلال الأيام الأخيرة، على مستوى الملفات الخارجية، خرقا مع بريطانيا بخصوص الاتفاق التجاري لما بعد "بريكست"، وكذا التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الصين واسع النطاق حول الاستثمارات بعد 7 سنوات من المحادثات.
وتمكنت ألمانيا، بقيادة أنجيلا ميركل، من حبك التسويات في الاتحاد الأوروبي من خلال نهج المستشارة البراغماتي وخبرتها السياسية الطويلة، لا سيما وأنها أفلحت مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، بتقريب وجهات النظر والحد من التباينات بين الأعضاء، وتبريد الرؤوس الحامية حول العديد من القضايا، كتعنت قبرص تجاه فرض عقوبات على تركيا ورفضها للعقوبات على بيلاروسيا.
ولم تتأخر الرئاسة الألمانية أحيانا في استخدام التهديد كما حصل مع المجر وبولندا عند استخدامهما لحق النقض عند التصويت على الميزانية العامة للاتحاد الأوروبي للسنوات السبع المقبلة، وصلت إلى الحديث عن خطة قيد الإعداد تستبعد بودابست ووارسو.
إلا أن تصميم ميركل على الحفاظ على الوحدة الأوروبية، أفضى وبعد إدارتها للمفاوضات بنفسها الى إيجاد آلية جديدة وحل وسط أنتج إقرار الميزانية وتم ربط صرف أموال الاتحاد الأوروبي بمراجعة تطبيق سيادة القانون أولا.
ولاقت بعدها المستشارة الكثير من الثناء من قبل الزعماء الأوروبيين، ووصفت بأنها تمتلك شخصية تتحلى بقدر كبير من التصميم والإرادة وبالالتزام الثابت تجاه أوروبا، رغم أن أصواتا أخرى داخل البرلمان الأوروبي كانت تطالب بأن تكون ميركل أكثر تشدداً مع هذين البلدين. لكن الأهم بالنسبة لبرلين كان تمرير الميزانية بقيمة 1,8 تريليون يورو، والتي تتضمن حزمة التحفيز المقدرة بحوالي 750 مليار يورو بين قروض ومنح، للتخفيف من العواقب الاقتصادية جراء وباء كورونا.
إلى ذلك، أشارت صحيفة "هاندلسبلات" في تقرير لها إلى أن مجرد التوصل الى الاتفاق المبدئي مع بكين الذي يسمح للشركات الأوروبية بالوصول بشكل أفضل وبمنافسة "أكثر عدلا" للأسواق الصينية يعتبر خطوة أساسية إلى الأمام، رغم أن الأمر مازال يتطلب الكثير من الناحية القانونية، عدا عن تصويت البرلمان الأوروبي عليه.
في المقابل، لم تتمكن برلين من تحقيق خرق جدي في مسألة الهجرة واللجوء، وهو ما أكد عليه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قائلا إن هذا الموضوع يظل أحد الخلافات الكبيرة داخل الاتحاد الأوروبي. ويأتي ذلك بفعل تضارب مصالح بعض الدول الأعضاء، مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا واحتدام الخلاف حول آلية توزيع المهاجرين الباحثين عن الحماية بين دول الاتحاد الأوروبي.