تتصاعد مخاوف الإسلاميين في الجزائر في الفترة الأخيرة، من وجود خطط سياسية يدفع إليها جزء متشدد في التيار العلماني، لفرض مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات رئاسية يتم عبرها تحييد الرئيس عبد المجيد تبون، وإرجاء تنظيم الانتخابات النيابية المبكرة المقررة قبل نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
وقال رئيس حركة "مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري، في مؤتمر صحافي عقده السبت، إن هناك مؤامرة يقودها ما وصفه بـ"التيار العلماني الإقصائي" تستهدف فرض مرحلة انتقالية.
وأضاف: "التيار العلماني الاستئصالي يريد انتخابات رئاسية مسبقة، وقد كفر بها بالأمس، فما الذي تغير، أم أن عدم القدرة على خوض الانتخابات التشريعية والمحلية هو الغول الذي يخيفهم، ثم لماذا محاولة فرض مرحلة انتقالية لقلب الطاولة على الجميع؟"
وخاطب مقري قيادات التيار العلماني قائلاً: "إذا كان هذا مطلبكم، فصارحوا الجزائريين بأنكم لا تريدون الالتقاء والحوار والتفاوض والانتقال الديمقراطي".
وأشار إلى أن هؤلاء تحالفوا مع الدولة العميقة وحاولوا فرض شخصية عسكرية قديمة تنتمي للتيار العلماني لخلافة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة"، في إشارة إلى اللواء المتقاعد علي غديري الذي كان مرشحاً في الانتخابات التي كانت مقررة في إبريل/ نيسان 2019، ثم يوليو/ تموز من نفس السنة قبل إلغائهما، بسب مظاهرات الحراك الشعبي.
ورأى مقري أن الانتقال الديمقراطي لا يتم إلا عبر طريقين، هما قلب نظام الحكم وتحكم الثوار في النظام وهو ما حدث في إيران، وهو خيار غير مطروح في الجزائر، أو خيار التفاوض عليه بين نخب السلطة والمعارضة لحل الأزمة و"الخيار الأخير هو ما نؤمن به وندعو إليه، بالاستفادة من التجارب وعدم تضييع الفرص والوقت والذهاب للمجهول".
وأشار إلى أن المؤتمر المرجعي لقوى المعارضة المنعقد في مزفران (منطقة في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية) في يونيو/حزيران 2014، أقر خيار الانتقال الديمقراطي المتفاوض عليه، وقال: "لذلك لا يمكن أن يزايد علينا التيار العلماني المتطرف بالحوار مع السلطة".
ويقصد مقري بـ"التيار الاستئصالي" بعض الأحزاب التقدمية كـ"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" وحزب "الاتحاد من أجل التغيير"و"الحركة الديمقراطية والاجتماعية" ونخب أخرى، والتي تعتبر الرئيس تبون غير شرعي وتطالب برحيل النظام.
ووجه مقري مساءلة سياسية لهذه القوى التي تبدي مواقف راديكالية في الفترة الأخيرة وقال: "هل أنتم مستعدون للحوار والذهاب والالتقاء على مطالب واضحة وشاملة وبعدها نتفاوض مع السلطة، مشكلتكم أنتم أيها العلمانيون المتطرفون أنكم تكفرون بالحوار وتؤمنون بالقطيعة والإقصاء، وإلا كيف ترفضون الحوار وتريدون الديمقراطية".
وانتقد رئيس الحزب الإسلامي في هذا السياق الشعارات الراديكالية التي تستهدف الجيش في مظاهرات الحراك، في إشارة إلى الشعار الذي يثير في الفترة الأخيرة الكثير من الجدل في الجزائر وفي صفوف مكونات الحراك "مدنية ماشي عسكرية"، قائلاً إن "تمدين الحكم لا يعني العداوة بين العسكري والسياسي".
وبحسب رئيس "حركة "مجتمع السلم"، فإن الحراك الشعبي حقق منذ فبراير/ شباط 2019 منجزات مهمة، إذ "نجح في كسر مشروع العهدة الخامسة وفضح الصراعات داخل النظام السياسي".
وشدد مقري على أن مطلبين أساسيين من مطالب الحراك لم يتحققا بعد، وهما: "السيادة الشعبية عبر الانتخابات النزيهة والشفافة، واستكمال السيادة الوطنية، لإبعاد الوصاية الفرنسية بالخصوص وكل وصاية على الشأن الوطني".
وحذر مقري من محاولة التيار الاستئصالي السيطرة على الحراك الشعبي، باستبعاد أطراف ورموز شعبية أخرى لا تتطابق وجهات نظرها مع مقاربات هذا التيار، في إشارة منه إلى محاولات بعض المتظاهرين المتشددين لطرد ناشطين بارزين في الحراك محسوبين على التيار الإسلامي والمحافظ، كما حدث للناشط البارز سمير بلعربي في مظاهرة بمدينة خراطة في 16 فبراير/ شباط الجاري.
ورفض، في السياق، مزايدات سياسية ضد حزبه، بشأن مشاركتهم في الحراك، وقال: "مناضلو الحركة وقياداتها، كانوا من أوائل المشاركين، ولا يوجد أي حزب نزل إلى الشارع غيرنا وقتها في الجمعة الأولى للحراك، لذلك لا يمكن لأي كان المزايدة علينا أو تحييدنا".
واستغرب مقري من الجدل الذي أثاره لقاؤه بالرئيس عبد المجيد تبون، وكشف مجدداً أن الأخير تعهد خلال اللقاء بضمان شفافية الانتخابات المقبلة، وأضاف: "يعيبون علينا لقاءنا بالرئيس والحوار معه، وتقديمه لنا ضمانات بعدم التزوير، نحن جربنا العمل السياسي ومورس علينا التزوير مورس لسنوات، سنعطي فرصة للرئيس إلى غاية الانتخابات التشريعية، وإن حدث العكس، فسنعود لموقفنا".
وفي نفس السياق، حذر رئيس حركة البناء الوطني (إسلامي) مما وصفه بـ"أقلية منظمة ذات معارضة راديكالية تمتلك المال، أدوات التعفين والجهة الأولى تسعى لفرض المرحلة الانتقالية واستهداف مؤسسة الجيش بشعارات زائفة".
ونشر بن قرينة تقدير موقف، عبر فيه عن مخاوف من أن "تميل موازين القوى الحالية وينكسر المسار، تحت وقع خديعة الشعار "مدنية ماشي عسكرية"، فتعمّ بعده الفوضى، وتضيع على الجزائر الجديدة الفرصة على حين غفلة من الأغلبية الساحقة".
وأشار إلى أن ما يسميه بـ"تيار الخيار الدستوري العريض المتصالح مع المؤسسة العسكرية، أصبح يتدحرج إلى الخلف، مكتفياً بردات الأفعال دون أن يصنع الحدث، رغم أنه يمتلك كل الإمكانيات لحسم معركة التنافس، ولكن مكمن ضعفه للأسف الشديد هو التشتت والافتقار للقيادة".