دعا رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، مساء الجمعة، إلى حل سياسي قائم على التوافق لقضية الصحراء، وفقاً للقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، وذلك على بعد شهر من اجتماع المجلس لدراسة تطورات الملف في أفق إصدار قرار أممي بشأن التمديد لبعثة "المينورسو"، المرتقب أن تنتهي مهمتها في 31 أكتوبر/تشرين الأول القادم.
وقال رئيس الحكومة الإسبانية، في خطاب مسجل تم بثه في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة: "ينبغي علينا إيجاد حل سياسي عادل ودائم ومتوافق عليه بشأن نزاع الصحراء، وذلك على النحو المنصوص عليه في قرارات مجلس الأمن، وفي إطار المقتضيات التي تحترم الأهداف والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة".
وتأتي دعوة سانشيز بعد سنة من إعلانه في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن "الحكومة الإسبانية ترغب في المساهمة في جهود الأمين العام أنطونيو غوتيريس، من أجل التوصل إلى حل سياسي دائم ومقبول بين الطرفين" لمشكلة الصحراء، دون أن يذكر "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير". وأثناء رحلتها إلى الجزائر في 3 مارس/آذار الماضي، سارت وزيرة الخارجية الإسبانية على النهج ذاته، مؤكدة أن بلادها "تدعم جهود الأمين العام الأممي للتوصل إلى حلٍّ سياسي في إطار قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
تظهر الإجراءات الأخيرة بداية تراجع في مساحة الدعم الخاص الذي ظلّت تستفيد منه "البوليساريو" من قبل الأحزاب والجمعيات اليسارية
وبدا لافتاً، منذ وصول الاشتراكيين للحكم، نهج مدريد لسياسة أكثر قرباً مع المغرب، وحرصها على علاقاتها مع الرباط، التي شهدت نمواً مضطرداً في السنوات الأخيرة، بلغت ذروته في مجالات الاقتصاد والتعاون الأمني والاستخباري، فضلاً عن دعم سياسي تقدمه مدريد لجارتها الجنوبية داخل الاتحاد الأوروبي.
ومقابل اتساع التقارب بين مدريد والرباط، تمرُّ العلاقة بين جبهة "البوليساريو" الانفصالية وإسبانيا بمنعطفٍ دقيق، تجمّعت فيه معطيات عدة، تذهب في اتجاه حدوث تحوّل كبير في موقف إسبانيا، التي ظلّت تاريخياً مصدر دعم وتعاطف واضحين للجبهة.
وساد التوتر خلال الأشهر الماضية علاقات الجبهة بمدريد، حتى بدا أنه بلغ نقطة اللاعودة، على خلفية تأكيد رئيس الحكومة الإسبانية تأييده التام للحلّ السياسي ومبادرة الحكم الذاتي في النزاع حول الصحراء. كما توالت مؤشرات عدة تنّم عن تغير في الساحة السياسية الإسبانية في علاقتها بقضية الصحراء، وبداية تراجع في مساحة الدعم الخاص الذي ظلّت تستفيد منه "البوليساريو"، من قبل الأحزاب والجمعيات، اليسارية على وجه الخصوص.
وبعد أن اعتادت "البوليساريو"، خلال السنوات الماضية، على استغلال تعاطف بعض البلديات الإسبانية لرفع علمها، صدر في مايو/أيار الماضي حكم المحكمة العليا بمنع رفع أعلام "البوليساريو" في الفضاءات العامة والمباني الحكومية، لأن رفعها "لا يتوافق مع الإطار الدستوري والقانوني الحالي"، أو مع "واجب التحفظ والحياد المفروض في الإدارات الإسبانية"، الأمر الذي يجعل تحدي تحجيم مساحة الدعم الخاص، الذي ظلّت تستفيد منه الجبهة في الداخل الإسباني، مطروحاً بشكل قوي على قيادتها.