إسبانيا تحشد أوروبياً في سبتة ومليلية: تمهيد لضم المدينتين إلى منطقة "شنغن"؟

15 يونيو 2021
تدرس مدريد ضم سبتة ومليلية إلى منطقة "شنغن"(Getty)
+ الخط -

تتجه الأزمة بين المغرب وإسبانيا إلى مزيد من التوتر في ظل تخطيط مدريد في سياق سياسة "كسر العظام" مع الرباط، للعب ورقة تعزيز التواجد الأوروبي في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وضمهما بشكل كامل إلى منطقة "شنغن" الأوروبية.
وكشفت وسائل إعلام إسبانية، اليوم الثلاثاء، أن حكومة بيدرو سانشيز تعتزم الرفع من عناصر وكالة مراقبة الحدود الأوروبية "فرونتكس" في سبتة ومليلية، وذلك بغية تعزيز الطابع الأوروبي للمدينتين، في ما يبدو أنه محاولة لتوظيف قرار البرلمان الأوروبي، الصادر الخميس الماضي، والقاضي باعتبار المدينتين حدوداً خارجية للاتحاد الأوروبي، كرد على التحركات المغربية ومحاولة قلب الطاولة على الرباط.

وحسب صحيفة "إلباييس" الإسبانية، المقربة من الحكومة، فإن الأزمة الدبلوماسية الحالية بين البلدين تدفع مدريد لاعتماد سياسة الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل وتعزيز تواجدها في المنطقة، مشيرة إلى أن ذلك سيجعل الوضع غير مريح بالنسبة للرباط، لأن وجود "فرونتكس" يوضح للمغرب أن المدينتين هما الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي دأبت فيه مدريد، خلال السنوات الماضية، على رفض وجود عناصر "فرونتكس" في المدينتين تفادياً لأي توتر مع الرباط، اعتبرت الصحيفة الإسبانية، أن تعزيز الطابع الأوروبي لسبتة ومليلية يمثل، من الناحية السياسية، رسالة قوية للمغرب في خضم الأزمة الحالية، لافتة إلى أن الحكومة الإسبانية تعتبر أن الوقت حان لوضع أسس جديدة لتحقيق علاقة أكثر استقراراً، عبر التأكيد على أن المدينتين هما الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وإسبانيا.
وإلى جانب تعزيز التواجد الأوروبي، تراهن السلطات الإسبانية في صراعها مع المغرب على تعديل الاستراتيجية المتعلقة بسبتة ومليلية، عبر إمكانية إعادة النظر في ضم المدينتين المستقلتين إلى منطقة "شنغن"، وهو ما أعلنت عنه وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا، اليوم الثلاثاء، من خلال كشفها أن حكومتها تدرس ضم المدينتين بشكل كامل إلى منطقة "شنغن" الأوروبية.

وبينما يبدو أن مدريد تحاول استغلال قرار البرلمان الأوروبي، القاضي باعتبار سبتة ومليلية حدوداً خارجية للاتحاد الأوروبي، كرد على التحركات المغربية لحشرها في الزاوية والضغط عليها اقتصادياً من خلال استبعاد الموانئ الإسبانية من عملية "مرحبا 2021" الخاصة بعودة المغتربين المغاربة لصالح الموانئ الإيطالية والفرنسية والبرتغالية، توقع الباحث في العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، أن الأمور تتجه نحو المزيد من التعقيد خاصة في ظل رفض الجانب الإسباني الاعتراف بالخطأ، وعدم عمله على دفع عجلة التفاهم والتوافق إلى الأمام.
ولفت، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه "ما دامت مدريد تعامل الرباط بمنطق استعماري استعلائي، فإن ذلك لن يدفع المغرب إلى الرضوخ والاستكانة، وإنما، على عكس ذلك سيتقوّى طلبه على استعادة سبتة ومليلية المحتلتين".
وأضاف: "لم تعد إسبانيا القوة التي يخشاها المغرب، فرغم تفوقها العسكري والاقتصادي، إلا أنه قادر على الوقوف الند للند، وعلى التأثير بشكل أكبر في الوضع الإسباني مستقبلا بالسلب أو الإيجاب. وعلى كل، يملك المغرب أوراقاً دبلوماسية وسياسية وأمنية قد تجعل إسبانيا أكثر اتزانا ونضجا في علاقاتها معه".
ويعتبر أونغير أن الدبلوماسية الإسبانية تعمل على إجهاض كل مؤشرات التهدئة، في وقت ينتظر المغرب نقداً ذاتياً جراء الأخطاء المرتكبة تجاه شريك أساسي وجار تاريخي.

قضايا وناس
التحديثات الحية

 وأشار إلى أن "إسبانيا تمارس سياسة النعامة بخصوص ما يدور وحقيقة الوضع، فالعالم بأسره وفي مقدمته المؤرخون الإسبان يعرفون أن سبتة ومليلية أراضٍ مغربية محتلة، وأن الرباط تنتظر الفرص السانحة للمطالبة بها بلهجة قوية ومسموعة، ولن تفرط في أي شبر من تراب البلاد".
وتعيش العلاقات المغربية الإسبانية على وقع أزمة مكتومة مستمرة منذ أشهر أشعلها استقبال مدريد زعيم "جبهة البوليساريو"، إبراهيم غالي، في 18 إبريل/ نيسان الماضي، بهوية جزائرية مزيفة، للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا. 
وزاد تدفق المهاجرين من الأراضي المغربية إلى مدينة سبتة المحتلة الشهر الماضي من حدة الأزمة.
والخميس الماضي، تبنى البرلمان الأوروبي مشروع قرار يرفض استخدام المغرب مراقبة الحدود والهجرة، والقصّر غير المصحوبين على وجه الخصوص، كضغط سياسي ضد دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وذلك على خلفية الهجرة غير المسبوقة لآلاف الأشخاص نحو مدينة سبتة المحتلة في 17 مايو/ أيار الماضي، من بينهم مئات القاصرين.
في المقابل، أعلن المغرب، الأسبوع الماضي، رفضه للقرار الصادر عن البرلمان الأوروبي بشأن أزمة الهجرة في سبتة المحتلة، معتبراً أن توظيف البرلمان الأوروبي في الأزمة بين الرباط ومدريد" له نتائج عكسية ومزايدة سياسية قصيرة النظر"، ومؤكداً أنه "لم يعد مقبولاً وضع الأستاذ والتلميذ".

دلالات