إزالة ركام رفح المصرية: استثمار يثير الشكوك

06 ديسمبر 2020
يواصل الجيش المصري حملته في رفح (فرانس برس)
+ الخط -

بدأت قوات الجيش المصري تحضيراتها لإزالة ركام مدينة رفح في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، والتي تم هدم منازلها على مدار السنوات الماضية. وتأتي الخطوة في إطار سعي الجيش لإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة، بما يؤدي إلى وقف الإمدادات عن القطاع المحاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ 14 عاماً. ومن المقرر أن يرسو عطاء إزالة ركام المنازل على إحدى الشركات المقربة من دوائر الاستخبارات المصرية، بدلاً من إسناد المهمة إلى الهيئة الهندسية في القوات المسلحة المصرية، التي تتكفل بغالبية المشاريع الاستراتيجية في مصر. في حين تشير التوقعات إلى أن إزالة الركام سيؤدي لإشعال جبهة رفح في الصراع القائم مع تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش".


الجيش المصري أنهى هدم غالبية المنازل الواقعة في نطاق مدينة رفح

وفي التفاصيل، كشفت مصادر حكومية في مجلس مدينة رفح، لـ"العربي الجديد"، أن الجيش المصري أنهى هدم غالبية المنازل الواقعة في نطاق مدينة رفح، والتي كان آخرها مناطق غرب المدينة المحاذية للحدود مع مدينة الشيخ زويد. وسبق للجيش أن أنهى أعماله في كافة الأحياء الشرقية والشمالية والجنوبية ووسط المدينة، من خلال تفجير المنازل أو هدمها بواسطة جرافات الجيش، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014. وتزامن ذلك مع استمرار صرف التعويضات المقررة من الحكومة لصالح المتضررين من هدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية، ومع بدء مرحلة جديدة من المنطقة العازلة، تتمثل في إزالة ركام المنازل التي تم هدمها، وإبعادها إلى خارج نطاق المدينة، في مهلة لا تتجاوز ستة أسابيع.

وأضافت المصادر، أن الحديث في أروقة اللجنة المختصة بمتابعة ملف المنطقة العازلة، والمكونة من القوات المسلحة المصرية، ومجلس المدينة، وعدد من الوزارات ذات العلاقة، يتمحور حول إحالة مهمة إزالة الركام لصالح شركة "أبناء سيناء". ويترأس مجلس إدارة هذه الشركة إبراهيم العرجاني، أحد أهم شركاء المسؤول في جهاز الاستخبارات المصرية محمود السيسي، نجل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمقابل مادي كبير. وتستفيد هذه الشركة من الركام في محاجر تابعة لمحمود السيسي في مناطق وسط سيناء. ويمثل ذلك تجاوزاً لأعراف العمل في المصالح الحكومية بأن يتم إجراء مناقصة وتتنافس فيها الشركات، وترسو على أفضل الخدمات والأسعار، بما يخدم المال العام وعدم هدره لصالح جهة معينة، تحتكر العمل بمفردها، من دون المرور بالقوانين المتبعة.

من جهة أخرى، تشهد مدينة رفح نشاطاً عسكرياً لتنظيم "ولاية سيناء" منذ أيام، في ظل تصاعد الحملات العسكرية الرامية للسيطرة التامة على ما تبقى من المدينة، خصوصاً المناطق الجنوبية منها، بالإضافة إلى هدم ما تبقى من منازل تقع ضمن المنطقة العازلة، تمهيداً لقرار إزالة ركام المنازل الذي يجري التجهيز له في الوقت الحالي. وبحسب مصادر قبلية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن اشتباكات شبه يومية تقع بين "ولاية سيناء" والجيش المصري في قرية المقاطعة، جنوبي رفح، وبعض المناطق الغربية لرفح، تؤدي إلى خسائر بشرية ومادية في صفوف الجانبين، فيما لا يزال الجيش يحاول السيطرة على المقاطعة التي تعتبر إحدى أهم مناطق تمركز تنظيم "داعش" في رفح.


أُحيلت مهمة إزالة الركام لصالح شركة "أبناء سيناء" المقرّبة من محمود السيسي

بدوره، كشف باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، أنه في ظل وجود بعض الجيوب للتنظيم في مدينة رفح، والتي تأكد وجودها من خلال وقوع هجمات عسكرية ضد قوات الجيش على مدار الأشهر الماضية، خصوصاً في مناطق الساحل والغرب، فإن ركام المنازل المهدمة يمثل "عش دبابير" سينفتح في وجه العاملين على تنفيذ قرار الإزالة والترحيل، حتى ولو كانت بحماية من قوات الجيش المصري. ولفت إلى أن التنظيم يعتبر رفح إحدى أهم مدن تمركزه، ونفذ فيها مئات الهجمات ضد قوات الجيش على مدار السنوات الماضية، وإزالتها تعني خسارة منطقة جغرافية واسعة كانت منطقة عمليات بالنسبة له. وبالتالي فمن المتوقع أن يتجه لاستهداف عمليات الإزالة والترحيل، بعد أن استهدف كل عمليات الهدم للمنازل وترحيل المواطنين وتجريف المزارع منذ عام 2014.

وأضاف الباحث أن إزالة الركام يعني أن رفح أزيلت عن الخريطة للأبد، وفي ظل مظلمة تاريخية لهذه المدينة العريقة، إبان الاحتلال الإسرائيلي لها ولقطاع غزة المجاور. واعتبر أن كل ذلك يتم بحجة الأمن القومي المصري، في حين أن "ولاية سيناء" ازداد قوةً في أعقاب إنشاء المنطقة العازلة، ولا يزال يضرب قوات الجيش في غالبية مناطق محافظة شمال سيناء، بل أصبح يسيطر على قرى بأكملها، من دون أن تتمكن قوات الجيش من انتزاعها منه. وأشار إلى أن مشروع إزالة رفح من بدايته إلى نهاية يعتبر مصلحة خاصة للنظام المصري، وسنشهد المزيد من الخطوات على أرض الواقع التي تؤكد خلفيات هذا القرار الظالم بحق المدينة وسكانها الذين تشردوا في أنحاء الجمهورية.

المساهمون