إرجاء وزير خارجية موريتانيا زيارته للرباط: نذر أزمة جديدة؟

31 مارس 2021
زيارة وزير الخارجية الموريتاني كانت مقررة اليوم الأربعاء (Getty)
+ الخط -

أرجأ وزير الخارجية الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، زيارة كان مقرراً أن يقوم بها اليوم الأربعاء إلى الرباط، حيث كان سيلتقي نظيره المغربي ناصر بوريطة، في ظل تضارب الأنباء حول أسباب الإرجاء وحديث عن نذر أزمة جديدة بين البلدين.

وفي الوقت الذي كشفت فيه مصادر لـ"العربي الجديد "، أن إرجاء الشيخ أحمد زيارته التي لم تكن مبرمجة سلفاً إلى المغرب، كان بسبب الوضع الوبائي الناجم عن تفشي فيروس كورونا في البلدين، ربط مراقبون مغاربة بين الإرجاء ووجود انزعاج مغربي من استقبال الرئيس الموريتاني زعيم جبهة "البوليساريو"، البشير مصطفى السيد، المكلف بالشؤون السياسية، في القصر الرئاسي بنواكشوط، الأسبوع الماضي.

وبحسب المراقبين، فإن المغرب يراهن على خروج نواكشوط من حيادها السلبي وتعديلها للكفة المائلة نحو الجبهة والجزائر، وإدارة الدفة قليلاً نحو الرباط، التي ترغب في "علاقات استثنائية" مع الجارة الجنوبية على أسس واقعية وعملية، يكون الجانب الاقتصادي القاطرة المحركة لها، مشيرة إلى أن الرباط في توجهها الدبلوماسي الجديد، بعد أزمة الكركرات والاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، لم تعد تقبل بالحياد السلبي بخصوص قضية وحدتها الترابية.

ويرى المراقبون أن نذر أزمة جديدة تلوح في الأفق بين المغرب وموريتانيا، بعد استقبال الرئيس محمد ولد الغزواني القيادي في "البوليساريو"، وهو الاستقبال الذي حاولت الجبهة الترويج  له كانتصار لها،كما أعاد استقبال حزب "التجمع الوطني للإصلاح" (تواصل) الإسلامي، مجدداً، وفد الجبهة، إلى الأذهان التوتّر الذي أثير في يوليو/تموز الماضي على خلفية تأسيس لجنة للصداقة مع "البوليساريو"، بتمثيل عدد من الأحزاب الموريتانية، من بينها "التجمع الوطني للإصلاح".

وكانت وسائل إعلام موريتانية قد كشفت، أمس، أن وزير الخارجية سيحل بالعاصمة المغربية الرباط حاملاً رسالة خاصة من الرئيس محمد ولد الغزواني إلى الملك محمد السادس، وأنه سيلتقي مسؤولين مغاربة قبل تسليم الرسالة الخاصة. وأوضحت المصادر ذاتها أن الخطوة الموريتانية تأتي عقب تلقي ولد الغزواني رسالة خاصة من زعيم "البوليساريو" إبراهيم غالي.

وشهدت العلاقات بين الجارين، طيلة العقد الماضي، وحتى مع وصول الرئيس الموريتاني الجديد للسلطة، حالة من الفتور والتوتر جراء ارتباطات "البوليساريو" بالنظام والقوى السياسية في هذا البلد.

وفي الوقت الذي كان فيه عددٌ من المراقبين يراهنون على أن يحمل وصول ولد الشيخ الغزواني فرصة لإعادة إطلاق علاقات مغربية - موريتانية أكثر متانة، لا سيما بعد القطيعة التي طبعت العلاقات السياسية بين البلدين في ظلّ فترة حكم محمد ولد عبد العزيز، فإن العكس هو ما حصل.

وفي ظلّ الأزمة التي تعيشها العلاقات بين الرباط ونواكشوط منذ وصول ولد الغزواني إلى الرئاسة في موريتانيا، برز، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إعراب العاهل المغربي الملك محمد السادس، خلال اتصال هاتفي معه، عن استعداده للقيام بزيارة رسمية للجمهورية الموريتانية، موجهاً في الوقت نفسه الدعوة إلى الرئيس الموريتاني لزيارة المغرب.

وبدا لافتاً، خلال الاتصال الهاتفي، تعبير قائدي البلدين عن "ارتياحهما الكبير للتطور المتسارع الذي تعرفه مسيرة التعاون الثنائي، وعن رغبتهما الكبيرة في تعزيزها والرقي بها، بما يسمح بتعميق هذا التعاون بين البلدين الجارين، وتوسيع آفاقه وتنويع مجالاته"، بحسب بيان للديوان الملكي.

ورأى مراقبون في إعلان الملك محمد السادس استعداده لزيارة نواكشوط، انعطافة جديدة في العلاقات، ومدخلاً لتقارب بين الرباط ونواكشوط سيكون له أثر إيجابي على النزاع في الصحراء، وكذا على انعكاسات التوتر الصامت بين البلدين، رغم تأكيد الجانب المغربي، منذ وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الرئاسة، على "أن لا تكون العلاقة مع موريتانيا علاقة عادية، وإنما علاقة استثنائية، بحكم ما يميزها من تاريخ ووشائج إنسانية وجوار جغرافيا".

وعاشت موريتانيا، خلال الأسابيع الماضية بعد أزمة الكركرات، جدلاً ونقاشاً حول علاقاتها بـ"البوليساريو" جراء ما لحق مصالحها من أضرار، وما ترتب من انعكاسات على أسواق الاستهلاك الموريتانية المعتمدة على معبر الكركرات، الذي يعتبر حيوياً، سواء للتصدير أو الاستيراد، ليس فقط مع المغرب، وإنما مع أوروبا من جهة، وباقي بلدان غرب أفريقيا من جهة أخرى.

المساهمون