لم تمض ساعات قليلة على إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه رأى صوراً لمن أسماهم "إرهابيين" يقطعون رؤوس أطفال المستوطنين الإسرائيليين، حتى تراجع البيت الأبيض بشكل غير مباشر عن هذه التصريحات، وذلك في واحدة من المعلومات الكثيرة التي تخرج عن البيت الأبيض والمسؤولين الأميركيين خلال الحرب الإسرائيلية المندلعة على قطاع غزة، بعد عملية حركة "حماس" التي استهدفت مستوطنات غلاف القطاع السبت الماضي، والمبنية على مزاعم قوات الاحتلال أو تقارير إعلامية قد تكون مبنية بدورها على مزاعم يتم تناقلها وضخّها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبشكل عام، فإن إدارة بايدن، التي أبدت دعمها الكامل لإسرائيل في حربها على القطاع، والتي تصف مقاومي حركة "حماس" بـ"الإرهابيين"، وتزعم أنهم يشبهون تنظيم "داعش"، تواصل تبرير العدوان الإسرائيلي، ومنها قول بايدن بـ"قطع الرؤوس"، علماً أن أياً من هذه المزاعم لم يجد دلائل لتدعمه، ومن الممكن وضعه غالباً في نطاق تشويه الحقائق، وقد تراجعت عنه صحف عالمية كبرى.
وكان بايدن قد توجّه، أمس الأربعاء، خلال كلمة إلى قادة المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، بكلمة، أعاد فيها ادعاءً صدر عن متحدث باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي. وقال الرئيس الأميركي، بحسب ما نقله عنه مراسل موقع "أكسيوس" الأميركي، باراك رافيد، إنه "من المهم جداً أن يرى الأميركيون ما يحصل"، مضيفاً: "أنا أفعل منذ وقت طويل، لم أعتقد يوماً أني سأرى وأحصل على صور مؤكدة لإرهابيين يقطعون رؤوس الأطفال".
لكن مسؤولاً أميركياً في مجلس الأمن القومي أكد لاحقاً لشبكة "أن بي آر"، أن بايدن كان يقصد ما ذكرته تقارير إعلامية عندما أصدر ملاحظته هذه. كما نقلت شبكة "سي أن أن" عن مسؤول في البيت الأبيض أن بايدن وإدارته لم يطلعا بأم العين على صور مثلما قال الرئيس الأميركي، وأن الأخير بنى تعليقه على تصريحات لمسؤولين إسرائيليين وعلى تقارير إعلامية.
وكانت نيكول زيديك، وهي صحافية من شبكة "أي 24 نيوز" الإسرائيلية، أول من زعم الثلاثاء أن أطفالاً قتلوا في مستوطنة كفار عزة، وقالت إن "40 طفلاً، على الأقل، قد أخذوا على نقالات". ولاحقاً، صحّحت زيديك قولها إن "جنوداً" قالوا لها "إنهم يعتقدون أن 40 رضيعاً/طفلاً قد تمّ قتلهم".
وفي وقت لاحق الثلاثاء، أبلغ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نير دينار، موقع "إنسايدر"، أن الجنود الإسرائيليين وجدوا جثث أطفال، وبعضها مقطوع الرأس، في كفار عزة، جنوب الأراضي المحتلة القريبة من الحدود مع غزة.
عزت الرشق: ندعو وسائل الإعلام الغربية إلى التحقّق مما يصلها من الاحتلال الفاشي ومصادره
وأثار هذا الزعم غضباً وشكوكاً بحسب موقع "أن بي آر" على وسائل التواصل الاجتماعي. وأمس الأربعاء، وبعد ضغوط على جيش الاحتلال لإثبات مزاعمه، قال دينار لموقع "إنسايدر" إن قوات الاحتلال لن تحقق أكثر في هذه الادعاءات، وإنّ القيام بذلك "سينمّ عن قلة احترام للموتى". وأضاف: "لن نقوم بالتحقيق حول وضع الجثث، وحتى لو فعلنا ذلك لن نعلّق علناً حول وضع جثث المدنيين، والرضّع". كما لفت إلى أن الزعم حول "الرؤوس المقطوعة" صدر بناء على ما أطلعه عليه الجنود على الأرض، وآخرون في الجيش الإسرائيلي. وقال: "ليعرف قراؤكم أن جندياً تعامل مع الجثث، كان ذلك ادعاءه. لا أملك أدلة ولا أبحث عنها".
من جهته، أكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، عزت الرشق، أن "تراجع صحف عالمية عن مزاعم قتل المقاومة لأطفال يؤكد زيف وكذب الرواية الصهيونية". ولفت إلى أنه "في ظل ما يتردد من معلومات مزيّفة يتم تداولها في وسائل الإعلام الغربية على أنها حقائق، فإننا ندعو وسائل الإعلام الغربية إلى التحقّق مما يصلها من الاحتلال الفاشي ومصادره، من معلومات ومواد مغلوطة ومزيّفة".
وأشار الرشق إلى أن الحركة "تابعت ما وَرَد على صحيفتي "واشنطن بوست" و"لوس أنجليس تايمز"، من تراجع عن رواية قتل المقاومة للأطفال واعتدائها على النساء"، مؤكداً أن "العالم سيكتشف زيف الرواية الصهيونية وأكاذيبها عن فظائع مزعومة ارتكبتها المقاومة".
وأكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" أن "تلك المزاعم لم تثبُت أي رواية منها، ولم يتم تقديم أي دليل ملموس يدعمها"، مضيفاً أن "كل الدلائل تؤكّد احترام "كتائب القسام" (الذراع العسكرية لحركة "حماس") والمقاومة الفلسطينية، قوانين الحرب، والقانون الإنساني، وحرصها على تجنّب استهداف المدنيين والأطفال والنساء"، بحسب بيان صادر عنه.