كشفت مصادر مصرية خاصة عن رصد القاهرة، مسارعة أديس أبابا عمليات البناء في السد، خلال الأيام التالية لانتهاء فترة الملء الثاني، قائلة: "إنه من خلال مصادر معلومات موثقة، ورصد دقيق لموقع إنشاءات السد، تبين أن أعمال صب الخرسانة تسير بوتيرة أسرع من المعدلات الطبيعية لها وفق الجدول الزمني الذي حددته أديس أبابا سابقا".
وقالت المصادر ذاتها لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم كشف هويتها، إنه "يبدو واضحا أن إثيوبيا تستبق الذهاب لجولة مفاوضات جديدة، بفرض واقع جديد، تحسبا لتعرضها لضغوط دولية، قد تلزمها بوقف عمليات البناء خلال أي عملية تفاوضية جديدة، وفقا للاشتراطات المصرية السودانية".
وبحسب المصادر، فإن معلومات دقيقة من موقع البناء، رصدت صب كميات كبيرة من الخرسانة في الجانبين الشرقي والغربي، دون انتظار لانتهاء موسم الفيضان.
وتؤكد المصادر أن "القاهرة خاطبت أكثر من طرف دولي من الأطراف المؤثرة في الأزمة، والتي بإمكانها لعب دور، وعلى رأسهم الصين وإثيوبيا، والاتحاد الإفريقي، باستعدادها للذهاب إلى جولة مفاوضات جديدة من شأنها نزع فتيل التوتر الحاصل، شريطة إلزام إثيوبيا بوقف عمليات البناء المتبقية في السد خلال عملية التفاوض".
يأتي هذا في الوقت الذي دعا فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى إطلاق مفاوضات جادة بشأن أزمة سد النهضة، وسط مطلب مصري للوسيط الإفريقي الكونغولي، بضرورة إلزام إثيوبيا بوقف عمليات البناء المتبقية في السد قبل الذهاب لمفاوضات جديدة، وذلك في وقت تسعى فيه الجزائر لتقريب وجهات النظر، بين الدول الثلاث مصر، وإثيوبيا، والسودان، عبر جولة قام بها وزير الخارجية رمطان لعمامرة أخيرا.
وحذر خبير التفاوض الدولي السوداني، أحمد المفتي، من قبول الخرطوم والقاهرة للدعوات الخاصة بعقد اجتماع رؤساء الدول الثلاث بشأن سد النهضة.
وقال مفتي، في تصريح له، إن حضور الاجتماع يعني إعطاء شرعية للملء الثاني لسد النهضة، أيا كان مقدار هذا الملء، ويجعله سابقة قانونية تتمسك بها إثيوبيا وكل دول حوض النيل.
وتوقع خبير التفاوض الدولي، أن تكتفي إثيوبيا بحضور ذلك الاجتماع من دون الوصول إلى أي اتفاق حيث إن مجرد الحضور يحقق لها كل أهدافها، مشدداً بالقول "لكي يكون الاجتماع مجديا لابد أن تلتزم إثيوبيا قبل انعقاده بوقف التشييد إلى حين الوصول إلى اتفاق ملزم".
وأعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية، الخميس الماضي على لسان المتحدثة الرسمية باسهما دينا مفتي، أن الملء الثاني لسد النهضة تم وبالكمية التي كانت مقررة من قبل وهي 13.5 مليار متر مكعب، مضيفة أن هذا الملء لم يضر مصر والسودان، وذلك في وقت يؤكد فيه مراقبون عدم صحة البيانات الإثيوبية، خاصة في ظل عدم قدرة أديس أبابا على استكمال تعلية الحاجز الأوسط في السد بحلول موسم الفيضان. وتؤكد تقارير غير رسمية مصرية إن أجمالي ما استطاعت إثيوبيا احتجازه من المياه خلال عملية الملء الثاني لا يتجاوز 4 مليارات متر مكعب إضافة إلى 4.5 مليار كانت قد احتجزتها خلال الملء الأول.
وكان وزير الخارجية الجزائري الذي أنهى زيارة للقاهرة الأحد بعدما استمرت لمدة يومين، قد أكد على ضرورة توصل مصر والسودان وإثيوبيا إلى حلول مرضية في ملف سد النهضة الإثيوبي.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري، قال لعمامرة إن "علاقات مصر وإثيوبيا والسودان تمر بمرحلة دقيقة ومن المهم التوصل لاتفاق بينهم في ملف المياه".
وأعرب عن أمله أن "تكون الجزائر جزءا من الحل في المشكلات التي تتعرض لها الدول العربية والإفريقية، وعلى رأسها مشكلة سد النهضة"، مضيفا أن "قضية سد النهضة عالمية وتنال اهتمام المجموعة الدولية".
وأشار إلى أنه "نقل رسالة مودة وإخاء من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تجدد خصوصية العلاقات الثنائية بين مصر والجزائر"، متابعا "نقلت رسالة حسن نية لمصر من أجل مزيد من العلاقات المنيرة بين البلدين".
ودخلت الجزائر على خط الوساطات الدولية في محاولة لإحداث اختراق في أزمة سد النهضة بين دولة المنبع إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان، دون أن تعلن عن مبادرتها لحل الخلاف بين الدول الثلاث.
وأبلغت إثيوبيا كل من مصر والسودان في 22 يوليو/ تموز الماضي بأنها أكملت عملية الملء الثاني لسد النهضة، وهو ما استدعى شجبا من الدولتين اللتين تطالبان باتفاق ملزم ينظم عمل السد.