أكدت إثيوبيا، اليوم تمسكها باستئناف التفاوض مع مصر والسودان بشأن ملف سد النهضة، في وقت أثار بيان صادر عن دولة الإمارات بشأن أزمة السد، استياء الإدارة المصرية.
وقال السفير الإثيوبي في القاهرة، ماركوس تيكيلي، في مؤتمر صحافي من القاهرة، "نتفاوض برعاية الاتحاد الأفريقي، والمفاوضات بشأن سد النهضة ستستأنف قريباً، ونحاول الوصول إلى اتفاق مرض لجميع الأطراف".
ولفت إلى أن أديس أبابا ملتزمة بالتفاوض وفق الحلول السلمية، وذلك رداً على تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، والتي هدد فيها من يمس "بحقوق مصر المائية".
وقال رداً على تصريحات السيسي حول حقوق مصر المائية إن "إثيوبيا ملتزمة بالمفاوضات والحلول السلمية".
كما بين أنه "لم يتم التواصل مع إثيوبيا رسمياً بعد بشأن لجنة الوساطة الرباعية التي توافقت عليها مصر والسودان، وسمعنا عن اللجنة من الإعلام".
وكان السيسي، قد قال خلال زيارته إلى قناة السويس، أمس الثلاثاء، إن "مياه مصر خط أحمر، وإن أي تحرك سيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل، وإنه لا أحد يستطيع أن يأخذ نقطة مياه واحدة من مصر".
ولفت إلى أن "هناك تحركاً إضافياً في المفاوضات خلال الفترة المقبلة وصولاً إلى اتفاق قانوني ملزم مع جميع الأطراف بخصوص ملء وتشغيل السد".
الخرطوم تطالب واشنطن بالتدخل
من جانبه، دعا السودان الولايات المتحدة الأميركية للانخراط في تفاوض بنّاء من أجل إلزام إثيوبيا بعدم ملء سد النهضة في مرحلته الثانية، دون موافقة كل من السودان ومصر.
وجاءت الدعوة على لسان وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، خلال اجتماعها، اليوم الأربعاء، في الخرطوم، بالمبعوث الأميركي للسودان، دونالد بوث، والذي يزور البلاد هذه الأيام.
وأوضحت الوزيرة، للدبلوماسي الأميركي، طبقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية، أنّ "تصرفات إثيوبيا الأحادية زعزعت الثقة المتبادلة بينها والسودان، ما قاد الخرطوم للجوء إلى مقترح تشكيل آلية رباعية من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وذلك عقب مراوغة إثيوبيا، ومحاولتها كسب الوقت لإكمال عملية الملء الثاني للسد، وهو ما لا يجب التهاون معه والسكوت عليه"، حسب ما جاء في البيان.
ونسب بيان الخارجية السودانية للمبعوث الأميركي دونالد بوث، تأييده لضرورة التوصل لاتفاق ملزم ومرضٍ لجميع الأطراف في قضية سد النهضة، مؤكداً اهتمام الولايات المتحدة بأمن واستقرار الدول الثلاث، السودان ومصر وإثيوبيا، وكل دول القرن الأفريقي.
وأضاف بوث أنّ الولايات المتحدة يمكنها تقديم الدعم الفني اللازم في ملف سد النهضة للخروج من هذه الأزمة بمواقف مرضية لجميع الأطراف.
علامات استفهام
في مقابل ذلك، أثار بيان صادر عن دولة الإمارات بشأن أزمة السد، استياء الإدارة المصرية. وقال مصدر مصري إن "البيان حمل لهجة ومفردات مخيبة للآمال".
وفي وقت سابق اليوم، أصدرت الإمارات، بياناً، أكدت خلاله على اهتمامها البالغ وحرصها الشديد على استمرار الحوار الدبلوماسي البناء والمفاوضات المثمرة لتجاوز أية خلافات حول سد النهضة بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان.
كما أكدت أهمية العمل من خلال القوانين والمعايير الدولية المرعية للوصول إلى حل يقبله الجميع ويؤمن حقوق الدول الثلاث وأمنها المائي، وبما يحقق لها الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، ويضمن ازدهار وتعاون جميع دول المنطقة.
وعلق المصدر الدبلوماسي، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، على بيان الإمارات قائلاً "هناك علامات استفهام على الموقف الرسمي من جانب الإمارات، وتحركاتها بشأن أزمة سد النهضة على وجه الخصوص، ومساعيها للوساطة بين السودان وإثيوبيا في قضية الحدود بين البلدين، وعرضها الوساطة بين الأطراف الثلاثة بما فيها مصر لحل أزمة سد النهضة، في وقت لم تقدم أبوظبي ما هو مأمول منها من جانب القاهرة في الأزمة، اعتماداً على ما تملكه من علاقات ونفوذ لدى أديس أبابا".
وأضاف المصدر أن "القاهرة قررت الاعتماد على ما تملكه من مسارات في تلك الأزمة، دون الاعتماد على مساعدة من أطراف كنا نظنهم حلفاء"، بحد تعبير المصدر، الذي أكد أن "المنحى التصاعدي في التعامل مع الأزمة بدأ بالتصريحات الأخيرة للرئيس خلال زيارته لقناة السويس".
لم يكن عفوياً
وفي الشأن، قال مصدر خاص، لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات السيسي بشأن أزمة السد على هامش زيارته للقناة في أعقاب أزمة السفينة الجانحة، لم يكن عفوياً.
وكشف أن "أحد المستشارين المقربين من السيسي همس في أذنه بأن ذلك هو التوقيت المناسب لاتباع منحى تصاعدي في ضوء التصريحات المتتالية للمسؤولين الإثيوبيين، والتي كان من شأنها الحط من شأن الإدارة المصرية وقدرتها على إدارة الأزمة وإظهارها في صورة الدولة الضعيفة غير القادرة على اتخاذ أية ردود أفعال بشأن أزمة السد، واعتبار قضية الملء الثاني أمراً واقعاً ومحققاً".
وتابع: "أحد المستشارين قال للرئيس إن الربط بين القناة ومياه النيل كان تاريخياً، عندما قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم القناة، من أجل توفير الأموال اللازمة لبناء السد العالي في أعقاب تعنت البنك الدولي وقتها لإقراض مصر".
وأصدرت وزارة الطاقة والنفط في السودان، أمس الثلاثاء، بياناً، أكدت فيه أن الملء الثاني المرتقب لسد النهضة الإثيوبي سيؤثر سلبياً على إنتاج الطاقة الكهربائية في السودان.
وأشار وزير الطاقة والنفط السوداني، جادين علي عبيد، خلال لقاء رئيس البعثة الأميركية للسلام في السودان دونالد بوث، أن توقيت المرحلة الثانية من ملء سد النهضة خلال الفترة من يونيو/ حزيران إلى أغسطس/ آب سيؤدي إلى انخفاض منسوب المياه في النيل إلى أدنى مستوى بما يؤثر على محطات التوليد المائي وإنتاج الطاقة الكهربائية بالسودان.
السعودية والبحرين تساندان مصر
يأتي ذلك في الوقت الذي أصدرت فيه وزارة الخارجية السعودية بياناً، أكدت فيه "دعمها ومساندتها لموقف جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان العربية"، مؤكدة أن "أمن مصر والسودان المائي لا يتجزأ عن الأمن العربي، وأن السعودية تدعم وتساند أي مساع لإنهاء ملف سد النهضة ترعى مصالح كل الأطراف".
وشدد البيان السعودي على ضرورة استمرار المفاوضات للوصول إلى اتفاق عادل وملزم في أقرب وقت بخصوص سد النهضة وفق القوانين والمعايير الدولية بما يحافظ على حقوق جميع دول حوض النيل ويخدم مصالح شعوبها.
في السياق ذاته، أصدرت وزارة الخارجية البحرينية بياناً أعلنت فيه عن التضامن مع مصر في الحفاظ على أمنها القومي والمائي، وحماية مصالح شعبها، وحقها المشروع في الحياة، ودعمها للجهود المبذولة لحل أزمة تشغيل وملء سد النهضة بما يحفظ الحقوق المائية لدول مصب نهر النيل وفق القوانين الدولية، لتحقيق طموحات التنمية في دول حوض النيل جميعها، حفاظًا على السلم والأمن والاستقرار في المنطقة.