استمع إلى الملخص
- عبد القادر بن قرينة، المنافس السابق، يظل فاعلاً في المشهد السياسي مؤيدًا لتبون ويقود حملته الانتخابية القادمة، مما يعكس تحولات مهمة في توجهات السياسة الجزائرية.
- علي بن فليس وعز الدين ميهوبي اختارا الانسحاب من الحياة السياسية، بينما أجبر عبد العزيز بلعيد على الانسحاب بسبب انقلاب داخل حزبه، مما يسلط الضوء على التحديات والتغيرات الديناميكية في السياسة الجزائرية.
عشية استدعاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في الثامن يونيو/ حزيران المقبل، للهيئة الناخبة لإجراء الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، يبرز سؤال حول المآلات السياسية للمرشحين الأربعة الذين نافسوا تبون في الانتخابات الرئاسية الجزائرية السابقة عام 2019.
ويكشف مسح سريع للمشهد أن ثلاثة من بين أربعة مرشحين سابقين أعلنوا اعتزال العمل السياسي، سواء بفعل شعور بنهاية مسار سياسي، أو رغبة في التحول نحو مسار آخر، أو بفعل ضغوط ودوافع داخل أحزابهم، بينما أعلن رابع المرشحين في الرئاسيات السابقة، وضع نفسه في مصاف "مساعد الرئيس"، بعدما دفعته المواقف والتطورات ليكون في مقدمة الحزام السياسي الداعم للرئيس تبون.
يكاد يكون عبد القادر بن قرينة، الوحيد من منافسي تبون في انتخابات 2019 الذي استمر في المشهد السياسي حتى الآن، إذ لم يكد الرئيس تبون يتسلم السلطة بنهاية عام 2019، حتى كان منافسه بن قرينة قد قفز من موقع المنافس له إلى موضع المؤيد لسياساته والداعم له، عبر تشكيل تكتل سياسي في أغسطس/ آب 2020، برفقة أحزاب فتية وبضع شخصيات مستقلة باسم قوى الإصلاح، وقاد شخصيات من التكتل للقاء للرئيس الجديد دعماً له.
كان واضحاً أن بن قرينة بصدد تموضع جديد لمرحلة ما بعد الرئاسيات، تعزز بإعادة انتخابه في مايو/ أيار 2023 رئيسا لحركة البناء الوطني (إسلامي). ويقدم بن قرينة نفسه في الساحة السياسية مساعدا للرئيس، وقال في لقاء مع كوادر حزبه عقده في السابع من فبراير/ شباط الماضي "لقد كنت شخصياً منافساً للرئيس في الانتخابات السابقة، لكنني بعد فوزه، وانطلاقاً من قناعات جماعية، أصبحت معاوناً للرئيس قصد إنجاز تعهدات امتثالاً للمسؤولية السياسية والأخلاقية"، وهو يتهيأ منذ فترة لتصدّر الحملة الانتخابية لصالح الرئيس تبون في الانتخابات الرئاسية الجزائرية في سبتمبر المقبل.
وبخلاف بن قرينة، المرشح الرئاسي الأبرز الذي كان منافساً بارزاً في انتخابات 2019، غادر علي بن فليس، وهو رئيس حكومة سابق، المشهد السياسي بعد ثلاث تجارب خاضها في الترشح لانتخابات الرئاسة في عامي 2004 و2014، وتخلى عن رئاسة حزبه طلائع الحريات الذي أسسه عقب انسحابه من جبهة التحرير الوطني. ومثلت النتائج التي حصل عليها بن فليس صدمة بالنسبة له، حيث حصل على 10 في المائة من مجموع الأصوات، ما دفعه الى الإعلان مباشرة بعد تسلم الرئيس تبون السلطة نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2019، الاستقالة من منصبه أمينا عاما لحزبه طلائع الحريات.
وكان آخر ظهور سياسي لبن فليس، عقب استقباله من قبل الرئيس تبون في قصر الرئاسة في يناير/ كانون الثاني 2020، لكنه يواجه في الوقت الحالي معضلة تخص نجله المتهم في قضية الإضرار بالاقتصاد الوطني، تخص تسريب كراس شروط صفقة شراء طائرات مدنية، وحكم عليه بالسجن 20 عاماً بداية شهر مايو الحالي.
ثاني أبرز المرشحين، والذي كان قريباً من المرور إلى دور ثانٍ في انتخابات الرئاسة عام 2019، بفعل دعم غير معلن حينها من جناح في السلطة، عز الدين ميهوبي، اختار الإعلان رسمياً اعتزاله العمل السياسي، بعدما كان قد سلم الأمانة العامة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي إلى وزير التجارة الحالي الطيب زيتوني في يونيو/ حزيران 2020، لكن انسحاب ميهوبي كان مرتبطاً بمشكلات سياسية، وتداول اسمه في مقالات صحافية عن مشاركته في اجتماعات تستهدف تحضير منافس لتبون في الانتخابات الرئاسية الجزائرية لعام 2024.
وأصدر ميهوبي في يناير 2023، بياناً يتبرأ فيه من هذه التقارير والمعلومات، وقال: "لفتَ انتباهي ورود اسمي في أخبار أو مقالات بمواقع إلكترونية، ضمن قراءات وتكهنات لا صلة لي بها، أبرئ نفسي منها"، مشدداً على أنه "يجدد مرة أخرى للرأي العام اعتزاله للعمل السياسي والحزبي، وتفرغه التام للكتابة وتكريس جهده للعمل الأدبي والفكري، الذي بدأ به مسيرته قبل أربعين عاماً، مساهماً في الفعل الثقافي الذي يشكّل ركيزةً هامة في بناء كيان الدولة، وتعزيز تنوعها، وهويّتها، وإشعاعها على العالم".
الانسحاب من المشهد السياسي لم يكن هو نفسه الخيار الذي قرره عبد العزيز بلعيد لمساره السياسي، رابع المنافسين للرئيس عبد المجيد تبون في انتخابات عام 2019، إذ أجبر بفعل انقلاب داخل حزبه جبهة المستقبل على الانسحاب، على الرغم من أنه قاد بعد الانتخابات الرئاسية، الحزب إلى تحقيق نتائج جيدة في الانتخابات النيابية والمحلية التي جرت على التوالي في يونيو ونوفمبر/ تشرين الثاني 2021، لكن محاولته المفاصلة مع الحزام الحكومي للرئيس تبون، ورغبته في اتخاذ مواقف نقدية تجاه سياساته، ألبتا عليه كوادر حزبه، ما دفعهم إلى التخطيط لإزاحته في المؤتمر العام للحزب الذي جرى في يناير 2024، حيث أجبر على الاستقالة من الحزب بعد سلسلة احتجاجات ضده، على الرغم من أنه ما زال في مقتبل مساره السياسي.