- لازاريني يسلط الضوء على الأوضاع المأساوية في غزة، بما في ذلك الدمار والمعاناة الإنسانية، مطالبًا بتحقيقات مستقلة لضمان المساءلة وحماية العاملين في المجال الإنساني.
- الجزائر تقدم مساهمة مالية لأونروا وتنتقد الهجمات الإسرائيلية، بينما تعبر الولايات المتحدة ودول أخرى عن دعمها للوكالة. ممثلو الصين وروسيا يدعون لوقف إطلاق النار وضمان دخول المساعدات، مؤكدين على أهمية دعم أونروا.
اشتكت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الأربعاء، من ضغوط إسرائيلية كبيرة لإيقاف عملها في قطاع غزة. ولفتت أونروا، إلى أنها لا تستطيع إدخال مساعدات إلى شمال القطاع رغم قرارات محكمة العدل الدولية التي تدعو تل أبيب لزيادتها.
جاء ذلك في إحاطة قدمها مفوض عام وكالة "أونروا" فيليب لازاريني، أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، بعدما طلب الأردن جلسة للنقاش بشأن وضع الوكالة واستهدافها. وعقد الاجتماع على مستوى وزاري رفيع بتنسيق من مالطا التي ترأس مجلس الأمن الدولي للشهر الحالي. وقف الحضور بداية الجلسة دقيقة حداداً على أرواح العاملين في المجال الإنساني. وجاء ذلك بطلب من الجزائر وروسيا والصين.
وقال لازاريني، إن هناك "حملة خبيثة لإنهاء عمليات أونروا، مع ما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على السلام والأمن الدوليين. وفي هذا السياق، يُطلب من مجلس الأمن الدولي أن ينظر في التحديات الوجودية التي تواجه الوكالة". وشدد المسؤول الأممي على أن ذلك يأتي "وعلى الرغم من أن الأغلبية العظمى من الدول الأعضاء تدعم ولايتها إلا أن الوكالة تواجه حملة لإخراجها من الأراضي الفلسطينية المحتلة".
لازاريني: هناك حملة خبيثة لإنهاء عمليات أونروا
وأوضح أن "إسرائيل تسعى إلى إنهاء عمل وكالتنا، ورفضت طلبات متكررة لنا لإيصال مساعدات إلى شمال غزة".
وتابع مستنكرًا: "لا نستطيع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة رغم قرارات محكمة العدل الدولية (التي تطالب إسرائيل) بزيادة إدخالها".
وحول دور أونروا قال لازاريني إنها تشكل "قوة استقرار في منطقة الشرق الأوسط والعمود الفقري للإغاثة وتنسيق العمليات الإنسانية والمساعدات المنقذة للحياة في غزة". ثم توقف المسؤول الأممي عند آثار ستة أشهر "من القصف المستمر والحصار بلا رحمة أدت إلى تحويل غزة لشكل لا يمكن التعرف عليها. لقد تحولت المنازل والمدارس والمستشفيات إلى أنقاض، وتحتها عدد لا يحصى من الجثث، ويتحمل الأطفال العبء الأكبر من وطأة هذه الحرب. وقد انفصل أكثر من 17 ألف شخص عن عائلاتهم، وتُركوا وحدهم ليواجهوا الرعب في غزة".
وأضاف: "نحن أمام مجاعة وشيكة من صنع البشر.. يقتل الأطفال ويُصابون ويُجوعون، ويُحرمون من أي أمان جسدي أو نفسي. وفي الشمال، بدأ الرضع والأطفال الصغار يموتون بسبب سوء التغذية والجفاف". وأشار إلى وجود ما يكفي من المساعدات عبر الحدود لإدخالها "إلا أن أونروا مُنعت من تقديم هذه المساعدات وإنقاذ الأرواح".
وأشار إلى منع موظفي الوكالة من المشاركة في اجتماعات التنسيق بين الإسرائيليين والجهات الإنسانية. وأضاف: "والأسواء من ذلك أنه تم استهداف منشآت أونروا وموظفيها حيث قتل منذ بدء الحرب 178 موظفا لأونروا ناهيك عن إلحاق الضرر أو تدمير أكثر من 160 مبنى لأونروا، يستخدم معظمها لإيواء النازحين الذين لجؤوا إليها، مما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص".
وطالب المسؤول الأممي في هذا السياق بإجراء تحقيقات مستقلة لضمان المساءلة "عن التجاهل الصارخ لمساءلة الحماية المكفولة للعاملين في المجال الإنساني والإغاثة وتحركاتهم ومبانيها بحسب القانون الدولي".
وحذر من أن عدم القيام بذلك سيؤدي إلى سابقة خطيرة تقوض العمل الإنساني حول العالم.
وعبر عن قلقه الشديد إزاء تدهور الأوضاع في الضفة الغربية والقدس المحتلة وخاصة هجمات المستوطنين. وأضاف: "إن الهجمات اليومية التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون، والتوغلات العسكرية، وتدمير المنازل والبنية التحتية المدنية، تشكل جزءاً من نظام فصل وقمع".
وتوقف عند "التدابير التعسفية التي تفرضها إسرائيل لتقييد تواجد الموظفين وحركتهم. لقد أصبح من الصعب بشكل متزايد إبقاء مدارسنا ومراكزنا الصحية مفتوحة أو الوصول إليها. كما تجري حاليا إجراءات تشريعية وإدارية (إسرائيلية) لطرد وكالة أونروا من مقرها في القدس الشرقية وحظر نشاطها على الأراضي الإسرائيلية".
محاولات لتصفية الوكالة ومعها قضية اللاجئين الفلسطينيين
وكرر لازاريني تحذيراته التي صرح بها في اجتماع سابق للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر مارس/ آذار، ومفادها أن "الدعوات المطالبة بإغلاق أونروا...تهدف إلى إنهاء وضع ملايين اللاجئين الفلسطينيين. وهي تسعى إلى تغيير المعايير السياسية القائمة منذ فترة طويلة لتحقيق السلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي حددتها قرارات الجمعية العامة وهذا المجلس. إن الاتهامات بأن أونروا تتعمد إدامة وضع اللاجئ هي اتهامات كاذبة وغير صادقة".
وشرح في هذا السياق: "إن الوكالة موجودة لأن الحل السياسي غائب، فهي موجودة لغياب دولة يمكنها تقديم الخدمات العامة الحيوية. وبدلا من حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فإن المجتمع الدولي يحاول احتواء الصراع".
وأضاف: "يستمر الحديث عن حل الدولتين في كل مرة فيها تصعيد... لقد تم إنشاء أونروا قبل 75 عاما كوكالة مؤقتة، في انتظار التوصل إلى حل سياسي لقضية فلسطين". وأضاف: "وفي حال التزم المجتمع الدولي حقا بالتوصل إلى حل سياسي، فإن أونروا تستطيع استعادة طبيعتها المؤقتة من خلال دعم عملية انتقالية محددة زمنيا، وتقديم خدمات التعليم والرعاية الصحية والدعم الاجتماعي. ويمكنها القيام بذلك إلى أن تتولى إدارة فلسطينية هذه الخدمات، وتستوعب الموظفين الفلسطينيين في أونروا كموظفين مدنيين".
وختم إحاطته أمام المجلس قائلا: "أدعو أعضاء المجلس إلى التصرف وفقا لقرار الجمعية العامة رقم 302 وحماية الدور الحاسم لأونروا الآن وفي إطار المرحلة الانتقالية...ولا يمكنها أن تتخلى عن دورها المركزي في تقديم الخدمات الحيوية وحماية حقوق الإنسان إلا عندما يتم التوصل إلى حل سياسي. حتى ذلك الحين، يجب أن يترجم الدعم السياسي من الدول الأعضاء بتقديم التمويل للوكالة".
ثم حث الدول الأعضاء على "الالتزام بعملية سياسية حقيقية تتوج بحل يمكن أن يحقق السلام للفلسطينيين والإسرائيليين. ويجب أن تدعم هذه العملية حقوق لاجئي فلسطين وتطلعهم إلى حل سياسي عادل ودائم لمحنتهم".
مواقف دولية
من جهته، استهل وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، مداخلة بلاده أمام المجلس بالحديث عن معاناة واستشهاد الآلاف من الفلسطينيين في غزة بالإضافة إلى حديثه عن معاناة الفلسطينيين منذ النكبة وتهجيرهم وقتلهم منذ أكثر من خمسة وسبعين عاما.
وقال: "واليوم صارت وكالة أونروا محل استهداف مشين من قبل الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، والذي لم يتردد في قصف منشآت المنظمة واستباحة دماء العاملين بها واختلاق الحجج الباطلة لتجفيف مصادر تمويلها".
استهل وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، مداخلة بلاده أمام المجلس بالحديث عن معاناة واستشهاد الآلاف من الفلسطينيين في غزة
ولفت إلى أن "الجزائر وبقرار من الرئيس عبد المجيد تبون، تعلن تقديم مساهمة مالية استثنائية قدرها 15 مليون دولار أميركي لصالح أونروا، وهي المساهمة الاستثنائية التي تضاف إلى ما سبق أن بادرت الجزائر بتقديمه بصفة مباشرة للسلطة الفلسطينية.
وتحدث عن استهداف أونروا لأنها "ترتبط بقرار الجمعية العامة رقم 194 حول حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم ووطنهم... وتستهدف كجزء من المخطط الإسرائيلي بتصفية القضية الفلسطينية وإفراغ المشروع الوطني الفلسطيني من محتواه وهدم أركان الدولة الفلسطينية". وطالب المجتمع الدولي بالرد "بموقف شجاع وحماية الوكالة... وعدم نقل مهامها إلى منظمات وهيئات بديلة كما تريد إسرائيل وإقرار آليات تضمن تمويلاً مستداماً لأنشطتها عبر إدراجها ضمن ميزانية المنظمة".
إلى ذلك، تحدث نائب السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، روبرت وود، عن الدور الحيوي الذي تلعبه الوكالة ودعم بلاده لها. وتحدث عن تحقيقات تجريها الأمم المتحدة متعلقة باتهامات إسرائيلية لـ12 موظفا باشتراكهم بأحداث السابع من أكتوبر. وكانت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى قد جمدت مساهماتها على الرغم من إقالة ووقف الأمم المتحدة لموظفيها حتى قبل بدء التحقيق في المزاعم الإسرائيلية. وقال إن بلاده ستسترشد بما سيخرج عن التحقيقات الجارية.
ووجه كل من ممثلي الصين وروسيا إسرائيل بالالتزام بوقف إطلاق النار وتأمين دخول المساعدات الإنسانية. كما أشاروا إلى الدور الحيوي والرئيسي الذي تلعبه أونروا وإلى ضرورة دعمه.
ومن جهته، طالب ممثل الرئيس الفلسطيني الخاص، زياد أبو عمرو، بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق وتنفيذ قرارات مجلس الأمن بما فيها القرارات 2712 و2728 و2720.
وشدد على أن تقديم المساعدة لا يمكن دون توقف "العدوان الإسرائيلي عن قتل، وتشريد، وتهجير وتجويع الفلسطينيين في غزة". وطالب بفتح جميع المعابر ومحاسبة إسرائيل. وتحدث عن الدور التاريخي للوكالة ومحورية دورها.
وفي السياق، تحدث وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، عن معاناة الفلسطينيين عموما والغزيين والهجمات الإسرائيلية والقتل والتجويع والتهجير الذي يشهده قطاع غزة. وأشار إلى الدور الحيوي والرئيسي الذي تلعبه أونروا وعلى ضرورة دعمها، مؤكدا أنه لا يمكن الاستغناء عن دورها أو استبداله. وحث الدول الأعضاء على الاستمرار بدعمها. وشدد على أن الهجوم على أونروا من قبل إسرائيل يهدف، حتى قبل عمليات السابع من أكتوبر، لاغتيالها سياسيا واغتيال قضية اللاجئين الفلسطينيين. وشدد على ضرورة عدم السماح بذلك.