قالت مسؤولة في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن تقريراً أولياً حول المزاعم الإسرائيلية عن الوكالة سيصدر مطلع مارس/ آذار المقبل، متوقعة أن تراجع الدول التي قطعت التمويل عن الوكالة قراراتها بعد إصدار التقرير.
وقالت مديرة شؤون أونروا في لبنان دوروثي كلاوس، إن الوكالة تتوقع أن يكون تقريرها الأولي عن "الاتهامات الإسرائيلية بمشاركة 12 من موظفي أونروا في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على إسرائيل"، جاهزاً بحلول أوائل الشهر المقبل.
وأضافت كلاوس، في تصريحات للصحافيين في لبنان، أنّ الوكالة تتوقع من المانحين الذين أوقفوا تمويلهم، بعد ظهور الاتهامات، أن يراجعوا قراراتهم بناءً على التحقيق.
وكان عدد من الدول، تتقدمهم الولايات المتحدة، قد أعلنت وقف تمويل أونروا بعد مزاعم إسرائيلية، في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، عن مشاركة 12 من موظفي الوكالة الأممية في عملية "طوفان الأقصى"، 7 أكتوبر الماضي. وقالت الوكالة وقتها إنها ستفتح تحقيقاً في هذه المزاعم، وإنها قامت بالفعل بقطع علاقتها بالموظفين الذين تحدثت عنهم إسرائيل.
وأدان خبراء أمميون، يوم الجمعة الماضي، "بأشد العبارات الممكنة" أي جهود لـ"نزع الشرعية" عن أونروا، وقالوا في بيان إنّ "القرار غير المتناسب بشكل صارخ بتعليق بعض أكبر الدول المانحة التمويل عن (أونروا) يتحدى المبدأ الأساسي للإنسانية".
وشدد البيان على أن "حرمان نساء حوامل الضروريات الإنسانية الأساسية والرعاية الطبية المنقذة للحياة والغذاء والمأوى والرعاية السابقة للولادة، ليس أمراً لا يمكن الدفاع عنه فحسب، بل إنه يشكل عائقاً أمام الرحلة المعقدة بالفعل نحو السلام".
تداعيات قطع التمويل عن "أونروا" على لبنان
وفي السياق نفسه، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، الدول المانحة لإعادة النظر في موضوع وقف تمويل "أونروا"، مشدداً على أن "التمويل يشكّل حاجة ملحّة وضرورية لقضية لم يخترها الفلسطينيون، بل فُرضت عليهم فرضاً".
وأكد ميقاتي أنه "سيتواصل مع الدول المانحة في المؤتمرات واللقاءات التي يعقدها لحضّهم على إعادة النظر في هذا الموضوع بالنظر إلى تداعياته وتأثيراته المباشرة في مجمل الواقع اللبناني".
وأتت تصريحات ميقاتي خلال لقائه، اليوم، دوروثي كلاوس، بحضور باسل الحسن، رئيس "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني".
ويخشى اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من تأثير قرار عدة دول تعليق تمويلها لأونروا على أوضاعهم والخدمات التي تُقدَّم لهم، وخصوصاً في مجالات التعليم، والرعاية الصحية والإغاثة والحماية، ومساعدات طارئة أخرى، ويستفيد نحو 200000 لاجئ فلسطيني يعيشون في لبنان من خدمات أونروا، بحيث تبلغ ميزانية الوكالة في لبنان حوالى 170 مليون دولار.
من جهتها، قالت كلاوس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الحسن، عقب اللقاء بميقاتي: "لقد أنهينا للتوّ اجتماعاً جيداً للغاية مع ميقاتي، حيث أعلمناه بالعواقب المحتملة لما يحصل مع أونروا وتداعياته على المجتمع الفلسطيني هنا في لبنان، إن أوقفت الدول المانحة التمويل".
وأضافت: "نتوقع أن يتبيّن لدينا في أول مارس/آذار ما إذا كانت هذه الهيئات المانحة ستغيّر قرارها بشأن تعليق التمويل، وفي حال عدم إعادة هذا التمويل، فإنّ جميع الفلسطينيين في لبنان سيتأثرون".
وأردفت: "ذلك يشمل عدداً كبيراً من الأولاد، وما يقارب 2000 مريض يتوجهون إلى عيادتنا و50 ألف مريض يحتاجون إلى دعم استشفائي كل عام، وأيضاً عدداً كبيراً من المرضى الذين يعتمدون على الأدوية، إضافة إلى أن هناك 12 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في لبنان"، لافتة إلى أنّ "كل هذه الهيئات ستتأثر وليس لدينا أي معلومات عمّا إذا كانت أي هيئات مانحة ستتدخل للمساهمة".
وأوضحت في السياق أنّ "أونروا تستطيع أن تؤمّن الخدمات حتى نهاية شهر مارس في الوضع الحالي"، مشيرة إلى أنّه "ليس لدى المنظمة أيّ خطة بديلة".
بدوره، قال الحسن إنّ "الاتصالات التي نقوم بها بالشراكة مع أونروا، وبتوجيهات رئيس الحكومة، هي في كيفية القيام بالمواءمة بين البعد الإنساني والتداعيات السياسية لقطع التمويل والتشديد على مسألة أنّ التداعيات الإنسانية على اللاجئين أكبر من أيّ هواجس سياسية".
ورداً على سؤال عن مدة تعليق المساعدات وإلى متى سيستمر هذا الضغط، أجاب الحسن: "موضوع التعليق الآن مرتبط بمسألتين أساسيتين، هما التحقيقات المتعلقة بموضوع مشاركة موظفين في عملية طوفان الأقصى، والانتهاء من صدور التقرير الأول للجنة التي شُكِّلَت بإشراف الأمين العام للأمم المتحدة وتترأسها وزيرة خارجية فرنسا السابقة من أجل تقديم التقرير الأولي في ما يتعلق بآليات عمل وكالة أونروا".
قطع التمويل سيُجبر أونروا على إيقاف عملياتها
وكان المفوّض العام لأونروا، فيليب لازاريني، قد حذر، يوم الخميس الماضي، من أنّ استمرار تعليق التمويل الدولي المخصّص للوكالة، البالغ اليوم 440 مليون دولار أميركي، سيضطرها إلى إنهاء عملياتها بحلول نهاية فبراير/ شباط الجاري في قطاع غزة والمنطقة ككلّ.
وشدّد لازاريني على أنّ وكالة أونروا "ما زالت منظمة الإغاثة الكبرى في واحدة من أشدّ الأزمات الإنسانية تعقيداً في العالم"، مشيراً إلى أنّه "إذا ظلّ التمويل معلّقاً، فمن المرجّح أن نضطر إلى إنهاء عملياتنا بحلول نهاية فبراير الجاري، ليس فقط في قطاع غزة، بل كذلك في كلّ أنحاء المنطقة".
ويُذكر أنّ وكالة أونروا تقدّم خدماتها في أقاليم عملياتها الخمسة في الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، منذ تفويضها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوفير المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في عام 1949، إلى حين حلّ قضيتهم.