أعرب المغرب اليوم الأحد، عن أسفه لاستضافة السلطات الإسبانية زعيم جبهة "البوليساريو" للعلاج إثر تدهور وضعه الصحي جراء إصابته بفيروس كورونا الجديد، في وقت تلوح نذر أزمة جديدة بين البلدين.
وقالت وزارة الخارجية المغربية، في أول تعليق رسمي على استقبال إسبانيا زعيم "البوليساريو"، إن" المغرب يأسف لموقف إسبانيا، التي تستضيف على ترابها المدعو إبراهيم غالي، زعيم مليشيات البوليساريو الانفصالية، المتهم بارتكاب جرائم حرب خطيرة، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
وقالت وزارة الخارجية، في بيان لها، إن المغرب "يعبر عن خيبة أمله من هذا الموقف الذي يتنافى مع روح الشراكة وحسن الجوار، والذي يهم قضية أساسية للشعب المغربي ولقواه الحية".
واعتبرت الوزارة أن "موقف إسبانيا يثير قدرا كبيرا من الاستغراب وتساؤلات مشروعة: لماذا تم إدخال المدعو إبراهيم غالي إلى إسبانيا خفية وبجواز سفر مزور؟ ولماذا ارتأت إسبانيا عدم إخطار المغرب بالأمر؟ ولماذا اختارت إدخاله بهوية مزورة؟ ولماذا لم يتجاوب القضاء الإسباني بعد مع الشكاوى العديدة التي قدمها الضحايا؟".
وكشفت الوزارة أنه "لهذه الأسباب تم استدعاء السفير الإسباني بالرباط إلى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، لإبلاغه بهذا الموقف وطلب التفسيرات اللازمة بشأن موقف حكومته".
ويأتي الموقف المغربي الغاضب من الخطوة الإسبانية في وقت كانت قد نفت وزيرة خارجيتها، في مؤتمر صحافي أول أمس الجمعة، أن يكون استقبال غالي للعلاج سببا للصراع مع الرباط، مشيرة إلى أن "المغرب دولة صديقة وشريكة في مختلف القطاعات، وهذا لا يمنع التزام حكومة مدريد بتعهداتها الإنسانية".
ويتوقع مراقبون أن ينعكس استقبال غالي بإسبانيا سلبا على الأزمة الصامتة التي تمر بها العلاقات بين الرباط ومدريد، والتي كان آخر فصولها التأجيل المتكرّر للقمّة الإسبانية المغربية، التي كان من المقرّر عقدها في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث تم تأجيلها أكثر من مرة إلى موعد لاحق لم يحدد إلى حد اليوم.
كما عرفت العلاقات بين الجارين توترا بعد إعلان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في 10 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء، إذ اعتبرت مدريد على لسان وزيرة خارجيتها أن القرار الأميركي لا يخدم نزاع الصحراء، بل يزيد من تعقيده، لأنه يقوم على ما وصفتها بـ"القطبية الأحادية" وليس على البحث عن الحل الذي تشارك فيه مختلف الأطراف، سواء القوى الممثلة في مجلس الأمن أو القوى الإقليمية التي لديها علاقة بالنزاع، وبالتالي ضمان استمرار الحل.
وكانت وسائل إعلام إسبانية قد كشفت أن زعيم "البوليساريو" أدخل إلى مستشفى بلدة لوغرونيو، ليلة الأربعاء الماضية، بسبب صعوبات شديدة في التنفس، وأنه لم يكشف هويته الحقيقية لإدارة المستشفى، وقدم هوية جزائرية مزورة، تحمل اسم "محمد بن طبوش".
وجرى نقل غالي في طائرة خاصة من الجزائر نحو إسبانيا على وجه السرعة، بسبب تدهور حالته الصحية وصعوبة تعامل المستشفيات الجزائرية مع حالته. وجاء اختيار إسبانيا بعد رفض ألمانيا، التي تمر علاقاتها بالرباط بحالة توتر، استقبال زعيم "البوليساريو"، خلافا لما كان عليه الحال مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أو مسؤولين في الجبهة.
وأثار تواجد زعيم "البوليساريو" بإسبانيا للعلاج مطالب حقوقية بتفعيل إجراءات توقيفه، على خلفية التحقيقات التي كانت قد أجرتها المحكمة الوطنية الإسبانية معه خلال العام 2008 ثم مرة أخرى عام 2016، وذلك في ما يتعلق بتهم "إبادة جماعية وجرائم أخرى" منسوبة إليه، بموجب ادعاءات ضده رفعتها جماعات صحراوية منشقة عن الجبهة الانفصالية التي يتزعمها.