بلينكن وأولويات السياسة الخارجية الأميركية: الصين الأهم والباقي إدارة أزمات

04 مارس 2021
بلينكن حدد ثماني "أولويات عاجلة" للسياسة الخارجية الأميركية (غاباليرو راينولد/فرانس برس)
+ الخط -

في خطاب خاص له أمس الأربعاء، حدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ثماني "أولويات عاجلة" لسياسة الرئيس جو بايدن الخارجية، وكلها قضايا وتحديات وملفات دولية مشتركة، بالاضافة إلى العلاقات مع الصين، التي خصّها ببند مستقل باعتبارها تحتل مرتبة الند المزاحم للولايات المتحدة، أو التي تمثل، حسب تعبيره، "التحدّي الجدّي للنظام الدولي"، يعني للزعامة الأميركية. 

وأتت كلمة وزير الخارجية الأميركي هذه بعد شهر من خطاب الرئيس بايدن في الموضوع نفسه، الذي ألقاه في مقر وزارة الخارجية في الرابع من فبراير/ شباط الماضي، تحت عنوان "عادت أميركا وعادت (معها) الدبلوماسية"، وفيه شدد على أهمية الرجوع إلى التحالفات والمنظمات الدولية، وأشار إلى عدد من الأزمات والعلاقات، شملت حرب اليمن والسعودية والصين وروسيا.

خطبة الوزير، التي أُعلِن عنها قبل أقل من 24 ساعة من موعدها، جاءت كخلاصة مكثفة لوثيقة "الدليل المرحلي لاستراتيجية الأمن القومي"، التي صدرت عن البيت الأبيض بعد ساعات قليلة من كلمة الوزير التي دارت حول البنود الثمانية: جائحة كورونا، والركود الاقتصادي، وتراجع الديمقراطية في العالم، وموضوع الهجرة، والتنافس التكنولوجي، وتجديد التحالفات، وسخونة المناخ، والصين، التي حظيت باهتمام فريد حتى قبل رئاسة بايدن، فهي باتت في الحسابات الأميركية أقرب إلى "الشر الذي لا بدّ منه". 

التحدي كان وما زال يكمن في كيفية نسج علاقات مع بكين تكون من النوع الذي يضمن التوازن بين التعاون والخصومة معها في آن واحد. معادلة يؤكدها دعاة الاحتواء، ومنهم إدارة بايدن، من باب أن العملاق الطالع طرف وازن ما عاد بالإمكان الاستغناء عنه، وفي الوقت ذاته لا تتحمل واشنطن تفوقه عليها، حتى في محيطه الآسيوي. 

ومن هنا، كان شعار التحوّل نحو الشرق (الأقصى)، الذي سبق أن نادى به الرئيس الأسبق باراك أوباما، من منطلق أن المنطقة صارت مركز الثقل الاقتصادي العالمي الجديد، والمزاحم الجدي للنفوذ الأميركي. 

ويبدو أن بايدن احتضن من جديد هذا التوجه حين وضع الصين في أولوياته الخارجية الثمانية من دون غيرها من الملفات الضاغطة المتروكة على ما يبدو لإدارة أزماتها لا أكثر بالدبلوماسية التي يبشر بايدن بعودتها، ولو أن إدارته "لن تتردد في استخدام القوة إذا تعرضت المصالح الأميركية للخطر، وعندما تكون المهمة واضحة"، كما قال بلينكن، وهو في ذلك يشير ضمناً إلى الغارة الجوية الأخيرة في شرق سورية، التي استهدفت "منشآت لمليشيات مرتبطة بإيران". 

وقد لوّح الناطق في الخارجية أمس برد مماثل على الجهة التي تثبت التحقيقات ضلوعها في قصف قاعدة عين الأسد الجوية العراقية، الذي أدى إلى مقتل مدني أميركي فيها.

القضايا الأخرى، ومنها الشرق أوسطية، عرج عليها "الدليل المرحلي" بصورة موسعة نسبياً، وإن كانت خارج الاهتمامات الأساسية، وبشكل خاص تأكيده العمل مع "شركائنا لردع إيران"، مع التشديد على أن "الحلول العسكرية ليست الجواب على تحديات المنطقة"، فالإدارة تتطلع إلى "خفض التوتر الأقليمي"، وليست في وارد "إعطاء شيكات على بياض لشركائها لتنفيذ سياسات تتعارض مع مصالح أميركا". 

وطبعاً، لا يكتمل الشرح في هذا المجال من دون تجديد "الالتزام الأميركي الحديدي بدعم إسرائيل والسعي لتعزيز تكاملها مع جيرانها". ورفعاً للعتب وردت إشارة من دون التزام أي نتائج لـ"استئناف دور أميركا كمروّج (!) لحل الدولتين".

في غضون شهر، صدر عن إدارة بايدن خطابان رئيسيان ووثيقة حول سياستها واستراتيجيتها الخارجية. كلها في معظمها عناوين ضبابية وخطوط عريضة.. وخطط شبه مفقودة.

 
المساهمون