أوكرانيا في الحملات الانتخابية للرئاسة الفرنسية: سؤال عن صوت باريس الغائب

26 يناير 2022
مرشحة الانتخابات الرئاسية الفرنسية فاليري بيكريس (فرانس برس)
+ الخط -

تشكل الأزمة الأوكرانية أحد محاور النقاش لدى عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية، خصوصاً أن لفرنسا موقفاً واضحاً تجاه التحضيرات العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا، فهي أساس "رباعية النورماندي" التي تضم ألمانيا وأوكرانيا وروسيا، فضلاً عن الثنائي الذي تشكله باريس وبرلين في ملف العقوبات التي قد تُفرَض على موسكو في حال تطوُّر الأمور إلى اجتياح روسي.

من ضمن المواقف اللافتة للمرشحين للانتخابات الرئاسية، موقف المرشحة الجمهورية فاليري بيكريس، إذ قالت في مقال نشرته في صحيفة "لوموند"، اليوم الأربعاء، إن "اندماج أوكرانيا في حلف (الناتو) لا يمثل أولوية في أوروبا المسالمة والمصالحة"، مع الإقرار بأنّ ذلك يشترط "ألا تكون حدودها مهددة وأن سيادتها وسلامتها محترمة".

وكشفت بيكريس أنها في حال وصولها إلى سدة الحكم، فإنها ستقترح إقامة "مؤتمر حول الأمن الأوروبي" يجمع بين الاتحاد الأوروبي وروسيا والدول الأوروبية "من المحيط الأطلسي إلى جبال الأورال"؛ حيث سيكون المؤتمر مسؤولاً عن تحديد هيكل أمني أوروبي جديد، و"استخلاص الدروس من التطورات التي حدثت على مدار الأربعين عاماً الماضية".

وأضافت: "بعد مرور ما يقرب من خمسين عاماً على اتفاقيات هلسنكي التي أدت إلى إنشاء مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا، الذي أصبح منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، حان الوقت لإصلاح هيكل الأمن الأوروبي، من أجل منح القارة الأوروبية أخيراً إطاراً أمنياً تفتقر إليه".

وقالت المرشحة الجمهورية: "إذا ما تحقق ذلك يمكننا دراسة شروط إنشاء مجلس الأمن الأوروبي، الذي لن يؤثر بأي شكل من الأشكال في صلاحيات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكنه سيكون إطاراً للحوار الدائم مع روسيا بشأن قضايا الأمن القاري. وستكون هذه أيضاً فرصة لتأكيد الاستقلال الذاتي الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي".

وبينما يبدو نظرياً أن خطة بيكريس تحتاج إلى وقت لتنفيذها، ولا سيما أن هوية الرئيس الفرنسي الجديد لن تحسم قبل شهر حزيران/يونيو المقبل، يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحركات دبلوماسية مكثفة في هذا الشأن، حيث أكد وزير الخارجية جان إيف لودريان خلال جلسة لمجلس الشيوخ، اليوم الأربعاء، أن "أي اعتداء عسكري روسي على الأراضي الأوكرانية سيكون له عواقب كثيرة"، مشيراً إلى أن هناك محادثات مكثفة ومستمرة "مع حلفائنا الأوروبيين والولايات المتحدة، لإظهار موقف موحد وحازم لمنع التصعيد في أوكرانيا".

وبين موقف الجمهوريين والتحركات الدبلوماسية الفرنسية على المستوى الرسمي، تبرز وجهات نظر مختلفة في صفوف مرشحي اليسار، ولا سيما بين مرشح أحزاب البيئة يانيك جادو، ومنافسه زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة" جان لوك ميلانشون.

في موضوع أوكرانيا، يتهم جادو ميلانشون بأنه "مع أي شيء ضد الولايات المتحدة مهما كان سيئاً"، ويعتبر أن فرنسا تواجه "تهديدات بالغة الخطورة، على المستويين الوطني والأوروبي "جراء ما يحدث على الحدود الأوكرانية، ويرى أن بلاده "في مواجهة الأنظمة الاستبدادية أو الديكتاتورية مثل الصين وروسيا وتركيا".

وجهة النظر هذه لا يتفق معها ميلانشون، خصوصاً أنه يعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مثالاً يحتذى به، وأن روسيا "حلت المشكلة في سورية"، وعندما سئل خلال المناظرة الرئاسية مع المرشح اليميني المتطرف إريك زيمور في 9 ديسمبر/كانون الأول عمّا إذا كان يجب على فرنسا الدفاع عن وحدة الأراضي الأوكرانية في حال نشوب نزاع مسلح مع روسيا، أجاب: "لست متأكداً من أن روسيا تهدد الأراضي الأوكرانية".

في المقابل، يظهر موقف لافت عن مرشح "الحزب الشيوعي" فابيان روسل، الذي قال في مقابلة على قناة "فرانس انفو"، اليوم الأربعاء، إن الوضع الحالي هو "أننا نجلس على برميل بارود في أوروبا، وفلاديمير بوتين وجو بايدن هما من يملكان القرار، في حين أن فرنسا والاتحاد الأوروبي ليس لهما رأي"، معرباً عن أسفه أن كل ما يمكن سماعه اليوم "أصوات أحذية الجنود الروس وكذلك جنود الناتو".

وتساءل روسيل قائلاً: "هناك حرب قد تندلع على بعد ساعتين من فرنسا. هل يمكنك أن تتخيل الجنرال شارل ديغول ينتظر ثانية واحدة حتى ينتهي الروس والأميركيون من الحديث؟ أين صوت فرنسا اليوم؟ إنها غائبة تماماً".

المساهمون