أوروبا... لجوء بائس

02 ديسمبر 2022
تشهد شوارع دول أوروبية على بؤس اللاجئين (Getty)
+ الخط -

كشف الخلاف الإيطالي-الفرنسي بشأن استقبال لاجئين/مهاجرين، أنقذتهم منظمات غير حكومية في البحر الأبيض المتوسط، عن حالة بائسة تعيشها أنظمة لجوء القارة العجوز.

فشوارع دول أوروبية تشهد منذ أسابيع على ذلك البؤس، كما في بلجيكا وهولندا وفرنسا، وغيرها، حيث يفترش الناس العراء، في أجواء ماطرة وباردة، وبما تيسر من مساعدة تقدمها منظمة "أطباء بلا حدود"، في اختزال صريح لمعنى رفضهم التحلل من التزامات قانونية ودولية بشأن اللاجئين من قبل بعض أوروبا، ومنهم إيطاليا، المحكومة بائتلاف تقوده زعيمة حركة متهمة بميولها الفاشية.

فاليوم تعيش أوروبا واقعاً يجعل صورتها كأنها "تختنق"، أو "تغرق"، أو حتى "تُجتاح"، وفقاً لمصدر تلك الصورة، باعتبار أن أرقام لاجئي العام الحالي 2022، بتقديم نحو 600 ألف طلب لجوء وكأنه "كارثة"، مقارنة بـ"أزمة لجوء 2015-2016".

والوقائع في غرب وشمال القارة تُظهر ميلاً حقيقياً لإلقاء المسؤولية بعيداً، بل تحميلها، في صورة نمطية وتعميمية، لهؤلاء اللاجئين الباحثين عن أفق حياة مستقبلية. فمنذ أشهر، ومع بداية غزو روسيا لأوكرانيا، انكشف شيء من التنميط، ولا داعي الآن لاستعادة كل تفاصيل نقاشاته. يكفي أن نعرف أن ساسة القارة، الذين يصورون الوضع بـ"الكارثي"، يغمزون من زاوية أن اللاجئين هم من فقراء العالم الثالث، بينما جرى التعامل مع موجات اللجوء الأوكراني، نحو 6 ملايين، بكثير من التضامن.

ما يجري من مآسٍ، في فقدان أكثر من ألفي روح غرقاً في مياه البحر الأبيض المتوسط، وبلطجة في بحر إيجه وعلى طول طريق البلقان، وصور التمييز المنتشرة بحق طالبي لجوء فقراء من دول نامية، وأولئك من أوكرانيا، لا يعني أن أوروبا لا يمكنها فعل المزيد لأجل وقف أسباب التدفق.

فأغلب الكلام منذ 7 سنوات عن "مساعدة اللاجئين في مناطق الجوار" فشل. هذا إن صدقنا أنه الحل السحري لوقف تزايد أرقام اللاجئين والمهاجرين. فحين هرعت أوروبا لتسخير إمكاناتها في دول الجوار الأوكراني بقي مشهد الملايين من لاجئي أوكرانيا محصوراً أيضاً في دول الجوار، الأقل ثراء وإمكانات.

ما تحاول أوروبا صناعته في دول منشأ اللاجئين هو مزيد من اتفاقيات صد محاولات الهجرة، والتلويح بمراكز في أفريقيا، والضرب بعرض الحائط أبسط قواعد حقوق الإنسان في التعاطي مع تركهم عرضة لجشع مراكب التهريب. وكأن اللاجئ، الذي يبيع كل ما يملك للهرب، هو المسؤول عن الأزمة، لا سياسات طويلة ومعقدة، وسعت الفجوة بين الأثرياء والفقراء.