أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت: لا حصانات والعد التنازلي بدأ

04 يناير 2021
5 أشهر مرت بلا محاسبة (حسين بيضون)
+ الخط -

خمسة أشهر مرّت على انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب 2020، من دون أن تطاول المحاسبة والتوقيفات أيا من الرؤوس السياسية الكبيرة، في حين يستمرّ المسؤولون في رمي التهم في ملاعب الآخرين، وتبرئة أنفسهم للتنصّل من المساءلة، ويستغلّون الحصانات تارةً والنصوص الدستورية التي لا يتذكرونها إلا حينما تكون في صالحهم، ويتسلّحون بالغطاء الطائفي المذهبي الذي يجعل منهم "خطا أحمر" بوجه أي قرار قضائي، تماماً كما حصل بمجرّد أن ادعى المحقق العدلي القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزراء السابقين، النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، حيث بدأ التمرّد والتحرّك المضاد الذي حرف القضية عن مسارها، فبات طلب نقل الدعوى من صوان إلى قاضٍ آخر هو الحدث والخطوة التي علّقت التحقيقات.

وعقد أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت مؤتمراً صحافياً، اليوم الاثنين، أكدوا فيه أنهم سبق وأعطوا القاضي صوان "الثقة" واجتمعوا معه مرّات عدّة، وحمّلوه أمانة حفظ دماء شهدائهم برقبته، وطلبوا منه عدم الرضوخ لأي ضغوطٍ سياسية وعدم التنحي مهما حصل، فكان أن وعدهم بذلك، وعلى هذا الأساس منحوه الدعم والتأييد، لكنه، على حدّ قولهم، ارتكب هفوات كثيرة بدأت مُستغرَبة حتى انتهت مُستَهجنة على قاضٍ متمرّس محنَّك ضليع بالقوانين والدستور.

وقال الأهالي من أمام مرفأ بيروت، إنه "من غير المقبول أو المسموح أن يتلطّى المتهمون الذين تم استدعاؤهم خلف حصانات سياسية أو طائفية كما حصل مع الرئيس حسان دياب والنائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر بشكل خاص، ومن المعيب في جريمة بحجم التفجير أن يفعل هؤلاء ومن خلفهم ومن برَّرَ لهم ما فعلوه، فكل الحصانات السياسية والطائفية سنسحقها تحت أقدام عوائل شهدائنا".

وأضاف المتحدث باسم الأهالي في المؤتمر، "لا يحلمنَ أحد مهما علا شأنه في البلد أنه يستطيع لفلفة أو تضييع أو تمييع أو تقطيع الوقت لطمس الحقيقة والتلاعب بنتائج التحقيقات؛ فلا ارتياب مشروع غير ارتيابنا نحن عوائل الشهداء بكم يا أرباب السلطة والحكم في لبنان؛ فتاريخكم الأسود لا يجعلنا نشعر بالاطمئنان أبداً"، مضيفاً: ننتظر من محكمة التمييز سرعة رد ملف التحقيقات للقاضي صوان".

وحذّر الأهالي من أي تسريب قد يخلّ بمسار التحقيقات، مؤكدين أن لديهم معلومات عن بعض التسريبات وسيتطرّقون إليها لاحقاً، وشددوا على أنّ "العد التنازلي لنفاد صبرنا بدأ ولا تستهينوا بالأمر، فالزمن تغيّر، وما قبل جريمة تفجير مرفأ بيروت غير ما بعدها، فأحسنوا قراءة ما بين السطور، وخياراتنا عدة ومفتوحة، ونعوّل على تأييد وتعاطف حتى مناصريكم معنا ومع مظلومية شهدائنا وسنكون وقود ثورة حقيقة لا يمكنكم تفريقها لا بأحزابكم ولا طوائفكم وسنقتلع كل شيء".

وادعى المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت فادي صوان، بتاريخ العاشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، على دياب وعلي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص، الأمر الذي أثار ردود فعل سياسية وطائفية غاضبة ومعترضة على خطوة صوان، ولم يمتثل المدعى عليهم أمام المحقق العدلي الذي اتهموه بتجاوز القانون والدستور ووضعوا ادعاءه في دائرة الاستهداف، والمؤامرة، والاستنسابية، باستثناء فنيانوس الذي حضر إلى قصر العدل للمثول أمام صوان قبل أن يعلم بتأجيل الاستجواب.

كما تقدّم النائبان حسن خليل وزعيتر بطلب نقل الدعوى إلى قاضٍ آخر غير صوان بسبب "الارتياب المشروع"، الأمر الذي دفع بالمحقق العدلي إلى وقف التحقيقات وتعليقها مؤقتاً بانتظار القرار المرتقب لمحكمة التمييز.

وفي الرّابع من كلِّ شهرٍ، يستذكر اللبنانيون "مجزرة" انفجار مرفأ بيروت ويحتسبون الأيّام التي مرّت من دون أيِّ تقدّمٍ على صعيد التحقيقات، لا بل يسجّلون المماطلة بذرائعٍ وحججٍ لم تعد تنطلي على مواطنين فقدوا الثقة تماماً بالدولة وسلطاتها وأجهزتها التي كانت مجتمعة تعلَم بوجود مواد نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 ولم تتخذ أي إجراءٍ للحؤول دون وقوع الكارثة التي حوّلت عاصمة لبنان إلى مدينة منكوبة.

وبالتزامن مع مرور خمسة أشهر على الانفجار، خرج وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، في مقابلة تلفزيونية أمس الأحد، ليضع انفجار مرفأ بيروت في خانة "القضاء والقدر"، وذلك في معرض المقارنة مع فيروس كورونا التي حمَّل فيها أيضاً اللبنانيين المسؤولية وبأنهم يصابون به بإرادتهم، فانهالت عليه التعليقات المستنكرة والغاضبة من وزيرٍ في حكومة كان رئيسها يعلم بالمواد وألغى زيارته إلى مرفأ بيروت لأجل ذلك ولم يتحرّك سريعاً لإخراجها أو حتى تنبيه أهالي العاصمة بوجود قنبلة ستنفجر فيهم بأية لحظة، مشددين على أن ما حصل ليس قضاء وقدراً بل جريمة موصوفة أودت بحياة أكثر من 190 شخصاً.

كما لم يسلَم حسن من ردود الفعل التي طاولت طريقة مقاربته كوزير للصحة لملف كورونا والتجاوزات التي ارتكبها شخصياً لناحية التدابير والإجراءات الوقائية قبل أن يضع اللوم على الناس في تفشي الفيروس.