أهالي دير الزور يعانون من حصار "داعش" وتضييق النظام

28 فبراير 2015
انتشار ظاهرة الموت جوعاً في دير الزور (فرانس برس)
+ الخط -

يشبه الوضع الحالي لأحياء محافظة دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري والمحاصرة من قِبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بدايات حصار النظام للغوطة الشرقية، إذ تنتشر ظاهرة الحصار والموت جوعاً نفسها، فيما تزيد قوات النظام التي تسيطر على المنطقة من معاناة الأهالي بدل مساعدتهم.

ويتواصل الحصار الذي يفرضه عناصر "داعش" منذ أكثر من 30 يوماً على مناطق سيطرة النظام في دير الزور، وهي الجورة، هرابش، القصور وأجزاء واسعة من حي الجبيلية، أهم أحياء مدينة دير الزور شرقي سورية، والتي يقطنها أكثر من 300 ألف مدني، منهم من خارج هذه الأحياء، كما يؤكد الناشط وسام العرب. فقد نزح العديد من العائلات إلى حيي الجورة والقصور، بعد أن أصبح الوضع المعيشي صعباً داخل الأحياء المحررة والتي تتعرض للقصف بشكل يومي من قِبل قوات النظام، ناهيك عن سياسة تنظيم "داعش" الوحشية تجاه المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرته.

ونتيجة الحصار المفروض، لجأت قوات النظام للقتل والسرقة والاعتداء على المواطنين، وكان أحمد الخضر الفنش أحد ضحاياها المدنيين في ريف دير الزور، الذي قُتل إثر تعرضه لإطلاق نار من قوات النظام التي سرقت 200 رأس غنم منه.

وبات الوضع المعيشي في الأحياء المحاصرة رديئاً للغاية، وتقول أم محمود وهي من سكان حي القصور، إنها اضطرت لاستخدام الخبز اليابس لإطعام أولادها بعدما أصبح الحصول على ربطة الخبز أمراً مستحيلاً بعد الحصار المفروض، لافتة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي بدأت بالنفاد داخل المحال والمتاجر.

من جهته، يقول الناشط أبو زين الديري، إن "الحصار يشمل منع إدخال المواد الغذائية، بالتزامن مع انقطاع كامل لكافة الاتصالات الخليوية والهواتف الأرضية إلا الهواتف العسكرية منها، التي تم توزيعها على عدد من موالي النظام الذين كانوا في حزب البعث سابقاً".

ويضيف: "المدنيون في هذه الأحياء، وخصوصاً أهالي حي هرابش، بدأوا بتناول الأعشاب وبعض الخبز اليابس، وفي محاولة لفك الحصار حاول عدد من التجار إدخال سيارتين إلى الأحياء المحاصرة عبر طريق ترابي، لكن المحاولة باءت بالفشل، بسبب مقتل سائقي السيارتين على يد عناصر داعش، وتمت سرقة هذه السيارات، وفي محاولة أخرى فاشلة أيضاً قام التنظيم بسجن سائقي السيارات المهربة، ووزع المواد على سكان مدينة الميادين التي تقع تحت سيطرته بشكل مجاني".

اقرأ أيضاً: "الشبكة السورية": هناك من يحرق البشر غير "داعش"

المدنيون هم المتضررون الوحيدون

يشير الناشط وسام العرب إلى أن "قوات النظام ردّت على الحصار بقطع طريق دمشق دير الزور الدولي من ناحية تدمر الواقعة تحت سيطرته، أهم طرق الإمداد التي يستخدمها التجار لنقل البضائع من دمشق وحمص، إذ تمرّ معظم واردات المحافظة من مواد غذائية ومواد بناء عبره، الأمر الذي زاد من صعوبة الوضع المعيشي ريفاً ومدينة".

أما زيد الفراتي، أحد أعضاء حملة "دير الزور تحت النار"، فيلفت إلى أن "مقصد التنظيم في الحصار هو محاولة لإضعاف النظام، باعتبار أن هذه المناطق هي "أرض كفر"، ولكن في الحقيقة والواقع فإن التنظيم والنظام والجميع يعلم أن المتضرر الوحيد من الحصار هم المدنيون لا غير"، مشيراً إلى أن النظام يستخدم طائرة الشحن العسكري "اليوشن" التي تحط داخل مطار دير الزور العسكري لتزويد عناصره ومليشياته بجميع المتطلبات واللوازم من سلاح وعتاد وذخائر وغذاء، فيما يمتنع عن تزويد المدنيين بالمواد الغذائية عبر طائرة الشحن، بحجة أنه مسؤول عن عناصره وأنصاره، وأنه ليس هو من قطع الطريق البري أمام المدنيين ولكن "داعش" من فعل ذلك.

ويقول الفراتي إن "المشهد يعيدنا بالذاكرة إلى الخلف، حين كان النظام يحاصر الأحياء المحررة لعدة أشهر، ووقتها عانى الأهالي من الجوع والفقر، إلى أن استطاع مقاتلو الجيش الحر فتح جسر السياسية وتحرير الحويقة الشرقية، لتكون شريان الحياة لتلك الأحياء المحررة في المدينة، واليوم يشرب المدنيون في مناطق سيطرة النظام من الكأس نفسه، فهم يعانون من الجوع والفقر في ظل الحصار الذي يفرضه داعش عليهم".

ويرى الفراتي أن "المتابع للأحداث بشكل دائم في دير الزور يلاحظ أن أعمال وقرارات داعش كأنما هي دفع للأهالي للترحّم على أيام النظام على أنه أقل ظلماً، وربما الأكثر نفعاً لهم في هذه المرحلة، وهذا ما دفع العديد من الشبان في الفترة الأخيرة إلى الانتساب لصفوف مليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام، وقد قُتل العشرات منهم خلال الاشتباكات في مختلف جبهات القتال في دير الزور والمطار العسكري".

المساهمون