أنظمة الفرجة العربية

01 أكتوبر 2021
يستمر النظام العربي في السقوط بفخ البحث عن حلول فردية (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

حتى في زمن كورونا، لم يفوّت النظام العربي اجتماعاً دولياً، فيما حالة التشرذم، والتحديات الكبيرة، لم تدفعه إلى اجتماع مشترك للبحث في مصالحه ومستقبل دوله. وقد لا يحتاج الشارع العربي إلى كثير من التشخيص للاستدلال على مخاطر تحول هذا النظام الرسمي إلى رجل مريض، يبحث القريب والبعيد عن تقاسم تركته.

ولعل انشغال أغلبية الأنظمة في أولوية اعتبار شعوبها مصدر الخطر الرئيس، مخافة تكرر النموذجين المصري والتونسي بين عامي 2011 و2012، وعدم تشكل رأي عام عربي ضاغط ومُحاسب في العلاقة مع الغرب، يدفع بتسارع غير مسبوق نحو اعتماد سياسة "الفرجة" على تحديد مصائر الأوطان، بتفكيك وتركيب الدول، وبتأن يتجاوز مسطرة "سايكس-بيكو" قبل أكثر من قرن.

فموسمية البيانات الرسمية الاستعراضية، عن التحديات والمخاطر، تؤشر إلى مستوى خطر يتوسع في مسه مصالح الإنسان العربي العادي. فمن الخلاف الجزائري-المغربي المتواصل منذ عقود، والمتروك لمبعوثين دوليين وليس للعرب أنفسهم لحله، إلى المشرق العربي حيث تتفكك الدول وتسيطر عقلية الهيمنة بمليشيات تصنع دويلاتها الموازية، إلى استقالة القاهرة من دورها، إلى الخليج المحكوم بهاجس الشك والريبة، مع إمعان المشاريع الإقليمية في استغلال كل الثغرات، يستمر النظام العربي في السقوط بفخ البحث عن حلول فردية. وإذا كانت القضية الفلسطينية في طموح بعض الأنظمة يراد جعلها قضية ثانوية، فإن وسائل مواجهة التحديات الأخرى تبدو كتعميق لها، وكصب الزيت على نارها الملتهبة.

في السياق ذاته، يبدو غريباً للسوري سعي البعض إلى أوهام "استعادة" نظام بشار الأسد من تحالفاته الإيرانية، وسط إهمال شبه تام للجريمة المتواصلة بحق شعب يفترض أنه "شقيق". فالسكوت على سياسات التطهير والتغيير (الديمغرافي) في تركيبة سكان سورية، ليست بمعزل عن سياسة الفرجة.

وفي العموم، إذا كانت طهران، مع ركاكة شعار معاداة "الشيطانين الأكبر والأصغر"، حيث الدم العربي هو الذي يسيل، لا تخفي، لا تصريحاً ولا ممارسة، تفاخرها بالسيطرة على عواصم عربية من خلال توابعها ومليشياتها التي وصلت إلى حد رفع أعلام أفغانية في البادية السورية، وتوسّع في نفوذها من صنعاء إلى بغداد فبيروت، فإن الخطابين السياسي والإعلامي العربيين في هذا الصدد لا يعبران، لا فردياً ولا جماعياً، سوى عن مزيد من مآزق النظام الرسمي العربي. فغياب أي تنسيق أو سياسة مشتركة، ولو في صورها التقليدية ببيانات الجامعة العربية، لا يبشّر بأن الرجل المريض في طريقه للتعافي، وذلك أخطر على أوطان العرب وإنسانها من كل ادعاءات مواجهة التحديات.