أنظار السودانيين تتجه إلى نيويورك ترقباً لجلسة مجلس الأمن حول سد النهضة

08 يوليو 2021
يأمل السودان بالضغط على إثيوبيا للعودة إلى المفاوضات وفق جدول زمني(محمود حجاج/ الأناضول)
+ الخط -

تتجه أنظار السودانيين، اليوم الخميس، إلى مدينة نيويورك الأميركية، ترقبًا لما ستخرج به جلسة مجلس الأمن الدولي من دعم للموقف السوداني بشأن سد النهضة الإثيوبي.
وتأتي الجلسة بناء على طلب من السودان الذي بعث في 21 يونيو/حزيران الماضي، برسالة يطلب فيها عقد الجلسة والضغط على إثيوبيا لوقف الملء الثاني لسد النهضة، إضافة للتدخل الدولي لتعزيز المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي بإضافة كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للوساطة، وذلك وفقاً لمقترح وساطة رباعية قدمه منذ أشهر بهدف بث روح جديدة في عملية التفاوض المتعثرة منذ سنوات.
وتساند الخرطوم كما تقول حق إثيوبيا في إنشاء سد النهضة، وتؤكد أن قيام السد له فوائد عديدة للسودان، منها زيادة الدورات الزراعية بمشروع الجزيرة، وتقليل الطمي، وتقليل خطر الفيضانات، عدا عن الاستفادة من الكهرباء المنتجة، لكن كل تلك الفوائد ستتحول إلى أضرار، كما يقول الوفد الحكومي المفاوض، حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بين السودان، ومصر، وإثيوبيا حول قواعد ملء وتشغيل السد.

ويشير الوفد إلى أن 20 مليون سوداني من القاطنين على طول النيل الأزرق ونهرالنيل، سيصيبهم الضرر، منبهًا إلى أن عدم تبادل المعلومات والبيانات بين السودان وإثيوبيا، سيعرض سد الروصيرص  القريب من سد النهضة، وسدود سودانية أخرى إلى أضرار بالغة، كما يبدي السودان حذره من اضطراب معدلات التدفق اليومي للمياه من سد النهضة.
واستبق السودان جلسة مجلس الأمن بحملة دبلوماسية واسعة، حيث اجتمع وكيل وزارة الخارجية السفير محمد شريف بكل السفراء المعتمدين في الخرطوم عبرالمجموعات الآسيوية والعربية والأفريقية والأوروبية، وشرح لهم بالتفصيل دواعي ودوافع طلب السودان عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي.
وفي نيويورك، اجتمعت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، بكل من مندوبي الدول داخل مجلس الأمن، سواء الأعضاء الدائمون أو خلافهم، كما أجرت اتصالاً هاتفياً بوزير التنمية والتعاون الألماني، وعقدت كذلك اجتماعات بالمجموعات العربية والمجموعات الأفريقية، في سبيل حشد أكبر دعم لموقف السودان.
وقبل انعقاد الجلسة بساعات، أكدت الوزيرة مريم الصادق المهدي، أن اللجوء للمجلس هدفه "تعزيز المسارالأفريقي، ودعم مبادرة الحل الأفريقي للمشاكل الأفريقية، وليس لإيجاد مسار جديد، أو نية لإبقاء الملف على أجندة المجلس، لفترات قد تطول" فيما يبدو أن هذه التصريحات تأتي ردًا على تصريحات إثيوبية اتهمت السودان ومصر بمحاولة تدويل القضية وإعطائها بعداً أمنياً.

كما أخذت اجتماعات الوزيرة مع المجموعة الأفريقية ومع مندوب جنوب أفريقيا، بُعداً تطمينياً، وسط نفي سوداني لمحاولة خلق  اصطفاف عربي يساند السودان ومصر، واصطفاف أفريقي يساند إثيوبيا من الجهة الأخرى.
وشددت المهدي على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، تتمكن إثيوبيا بموجبه من توليد الطاقة الكهربائية، بما يجنَّب السودان الآثار الكارثية التي يمكن أن يحدثها سد النهضة، كما حثت المجموعة الأفريقية على وجه التحديد، على مساندة المخرج الذي سيعتمده المجلس والذي سيعيد بموجبه الملف إلى الاتحاد الأفريقي، لوقاية الإقليم من أي مهددات لسلمه واستقراره.
وفي لقاء خاص جمع الوزيرة المهدي بالسفيرة ليندا توماس غرينفيلد المندوبة الدائمة للولايات المتحدة الأميركية، طلبت الوزيرة دعم الولايات المتحدة للسودان في جلسة مجلس الأمن.
ووفقًا لبيان صادر عن الخارجية السودانية، فإن المندوبة الدائمة للولايات المتحدة، تعهدت بوقوف بلادها مع الموقف السوداني في ما يتعلق بالحاجة إلى تعزيز العملية الأفريقية، بعد إقرارها بعدالة ووجاهة مطالب السودان.
وأوضح البيان أن السفيرة الأميركية أكدت أن الولايات المتحدة تدرس مختلف الخيارات بشأن الوثيقة التي يمكن أن يخرج بها المجلس عقب اجتماعه اليوم، فيما تشير الأنباء إلى أن الخرطوم تعتمد بشكل أساسي في تحركاتها على دعم الولايات المتحدة، لا سيما في ظل التطور المتنامي في العلاقات السودانية الأميركية، وفي ظل الإحراج الذي تعرضت له واشنطن بعد رعايتها للمفاوضات مطلع العام الماضي، حينما انسحبت إثيوبيا في اللحظات الأخيرة من جلسة مخصصة للتوقيع على اتفاق بين الدول الثلاث.
ويكشف مصدر حكومي مطلع على ملف التفاوض لـ"العربي الجديد"، أن الخرطوم وعبر كل تحركاتها الدبلوماسية روجت لمشروع قرار له طابع إلزامي يقود للتفاوض برعاية الاتحاد الأفريقي، وتعزيز الوساطة الأفريقية بإضافة فاعلين جدد إلى جانب الاتحاد الأفريقي.
كما ينص القرار كذلك على تحديد مدة زمنية لا تزيد عن 6 أشهر للوصول لاتفاق حول قواعد الملء والتشغيل، لكن المصدر لم يبد ثقة كاملة في صدور القرار بالنحو الذي تريده الخرطوم، معربًا عن خشيته من تعطل صدور القرار داخل مجلس الأمن.
من جانبه، يقول المحلل السياسي علي ميرغني لـ"العربي الجديد"، إن الآمال والطموحات السودانية المنعقدة على جلسة الأمن الدولي، غير واقعية بالمرة، مشيرًا إلى أن "أقصى ما يمكن أن يحصل عليه السودان في تلك الجلسة هو بيان رئاسي للمجاملة وتطييب للخواطر".
 وأوضح ميرغني لـ"العربي الجديد"، أن لا شيء يمكنه وقف الملء الثاني لسد النهضة من جانب إثيوبيا، حيث توقع وحسب المعطيات والمؤشرات والتصريحات الصادرة من أديس أبابا، ان تبدأ إثيوبيا في الملء الثالث مباشرة في سبتمبر/ أيلول المقبل، وفق قوله.
وفي تطور لاحق، أعلنت وزارة الري والموارد المائية في السودان، أن وزيرها ياسر عباس، رد أمس الأربعاء، على رسالة نظيره الإثيوبي بيكيلي سيليشي التي أخطر فيها السودان ببدء الملء الثاني لسد النهضة.
وأوضحت الوزارة أن عباس أبلغ نظيره الإثيوبي، أن "المعلومات التي قدمتها أثيوبيا، بشأن الملء للسنة الثانية، ليست ذات قيمة تذكر بالنسبة للسودان الآن، بعد أن تم صنع أمر واقع"، مشيرًا بحسب بيان الوزارة إلى أن القرار الإثيوبي للبدء في ملء سد النهضة للعام الثاني على التوالي يشكل تهديداً للسودان.
وأوضح أن إثيوبيا قررت ملء السد للسنة الثانية فعليا في الأسبوع الأول من شهر مايو/آيارالماضي، عندما قررت مواصلة تشييد الممر الأوسط للسد، مشيرًا إلى أنه "حال تجاوز تدفق المياه سعة البوابتين السفليتين، فإنه سيتم تخزين المياه إلى أن يمتلئ السد وتعبر المياه من فوقه في نهاية المطاف".

وأكد عباس في رسالته، أنه يأمل أن تقبل إثيوبيا اقتراح السودان باستئناف المحادثات بشأن سد النهضة في أقرب وقت ممكن، على أن تكون عملية مفاوضات فعالة ومجدية، مشيرًا إلى مقترح السودان بشأن مفاوضات معززة يقودها الاتحاد الأفريقي ومجموعة من الكيانات الدولية والإقليمية لدعم التوصل إلى اتفاق ودي.
واضاف عباس حسب البيان، أن السودان قد اتخذ تدابير كثيرة للحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية المتوقعة للملء الثاني الأحادي لسد النهضة، مشيرًا إلى أنها " لن تخفف إلا القليل من التداعيات السالبة على التشغيل الآمن لسدودنا الوطنية".
وأكد أن الوضع الحالي يتعارض بشكل مباشر مع مبدأ التعاون وعدم تسبب ضرر ذي شأن وفقًا للمبادئ المنصوص عليها في القانون الدولي للمياه، وقال: "إن تدابير الحد من الأضرار التي اتخذها السودان بسبب عدم تعاون إثيوبيا، هي ذات كلفة اقتصادية واجتماعية فادحة، عدا عن أن الملء والتشغيل لسد كبير مثل سد النهضة، دون إجراء دراسات أساسية وضرورية لتقييم الأثر البيئي والاجتماعي يعد انتهاكًا مباشرًا للممارسات والأعراف الدولية المستقرة في بناء وتشغيل السدود الضخمة".
وفي ما يتعلق بالعرض الإثيوبي لتبادل البيانات، قال وزير الري السوداني، إن السودان يشترط أن يتم تبادل هذه البيانات في إطار ملزم قانونًا يخاطب مخاوف السودان بما في ذلك شروط سلامة السد ومتطلبات إجراء تقييم للآثار البيئية والاجتماعية.
وأشار إلى أن إثيوبيا نفسها قد اتخذت موقفا مماثلا فى رسالتها للسودان بتاريخ 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، التي نقلت للسودان الحاجة إلى إبرام اتفاق أولاً بين الدول ذات السيادة من أجل تبادل المعلومات.