الأمين العام لـ "الأطلسي" ستولتنبرغ يثير الجدل في بلده النرويج بعد حصوله على منصب حاكم المصرف المركزي

05 فبراير 2022
ستولتنبرغ صديق مقرَّب من رئيس الحكومة النرويجية الحالي يوناس غار ستور (Getty)
+ الخط -

يثير الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، ينس ستولتنبرغ، هذه الأيام جدالاً وخلافات في بلده الأم النرويج، على خلفية حصوله على منصب حاكم (محافظ) المصرف المركزي النرويجي، ومنصب في إدارة "صندوق البترول" الكبير في البلد. 

ففيما يعتقد البعض أن الرجل الذي تبوأ سابقاً منصب رئاسة حكومة أوسلو، حتى اختياره في 2014 لمنصبه الحالي في الأطلسي، يستحق الوظيفة القادمة على رأس أرفع منصب مالي، يذهب آخرون إلى إثارة الجدل حول "المحسوبية" والمحاباة، مشككين في استقلالية المصرف المركزي. 

صحيح أن ستولتنبرغ تقدم بطلب الحصول على وظيفة كغيره، بمن فيهم إيدا وولدن باك، نائبة محافظ المصرف المركزي الحالي، التي كانت من بين 22 شخصية تقدمت بسيرتها الذاتية للوظيفة، إلا أن حصوله على الوظيفة أثار شكوكاً من شخصيات مهنية ويمين ويسار النرويج حول شبهة محسوبية مكنته من الوظيفة. وكان محافظ البنك المركزي الحالي، أوستين أولسن قد أعلن مغادرته المنصب هذا الشهر، قبل عام من نهاية ولايته.

وستولتنبرغ شخصية معروفة في النرويج، وخصوصاً في يسار الوسط، الذي رأس أكبر أحزابه، الحاكم حالياً، "حزب العمل" (اجتماعي ديمقراطي)، وهو صديق مقرب من رئيس الحكومة الحالي يوناس غار ستورا. 

وتُولي النرويج، كما بقية مجموعة "دول الشمال"، أهمية خاصة لاستقلالية المناصب الهامة، القضائية والمالية، خصوصاً استقلالية البنوك المركزية. وعليه، يجد البعض صعوبة في تفهم كيف أن رئيس حكومة أسبق، منتمياً إلى معسكر سياسي بعينه، سيوفق بين "الاستقلالية" و"المهنية" المطلوبة.  

ومنذ الإعلان أمس الجمعة، على لسان وزير المالية، تريغي سلاغسفولد فيدوم (يسار وسط)، عن حصول ستولتنبرغ على المنصب، توسع الجدل المتواصل منذ 13 يناير/كانون الثاني الماضي.  

وتحدت حكومة يسار الوسط، برئاسة ستورا، كل الانتقادات والتحذيرات التي ترى أن ما جرى بمثابة "تعيين سياسي" وأنه ينسف استقلالية البنك المركزي على وجه التحديد.  

وزارة المالية النرويجية حاولت خلال الساعات الماضية تخفيف حدة الجدل الذي سبّبه الإعلان، مؤكدة استقلالية المصرف المركزي. ولفت وزير المالية، فيدوم، إلى أن اختيار الشخص المناسب لم يكن بالأمر السهل، معتبراً أن مؤهلات ستولتنبرغ "تؤهله بخلفيته الجامعة بين الاقتصاد وفهم المجتمع وخبرته الإدارية في تسيير البنك المركزي". 

ويملك ستولتنبرغ (مواليد 1959) تاريخاً حافلاً في العمل الحكومي والإداري، وهو حاصل على ماجستير في الاقتصاد الاجتماعي عام 1987 من جامعة أوسلو، وعمل فيها محاضراً بين 1989 و1990، وتولى منصب وزير المالية بين 1996 و1997، وعمل صحافياً غير متفرغ في صحيفة "أربيدربلاديت" (صحيفة العمل) بين 1979 و1981.

ومع تكشف المزيد في الصحافة المحلية عن الطريقة التي دُفع فيها ستولتنبرغ إلى التقدم بملفه إلى الوظيفة، تزايدت حدة النقاشات الداعية إلى تجميد منحه المنصب. وكشفت صحيفة "أفتنبوستن" عن أن الترشيح جرت مناقشته "في أثناء مأدبة عشاء في منزل كنوت برونتلاند، (ابن رئيسة الحكومة السابقة من يسار الوسط، غرو هولم برونتلاند)".

وزارة المالية اضطرت، على وقع التشكيك في أحقية الرجل بالمنصب، إلى إصدار بيان يشدد على الاستقلالية، معتبرة أن "ستولتنبرغ لم يتبوأ أي منصب حكومي منذ ثماني سنوات". لكن تأكيد الحكومة رفضها المساس باستقلالية البنك المركزي وفرضية "التعيين السياسي" لم يمنع دخول خبراء على الخط، مطالبين بتراجع عن منحه المنصب.

وعلى المستوى السياسي، لم تتراجع حدة الانتقادات، إذ دعت أمس وزيرة المالية السابقة، رئيسة حكومة يمين الوسط، سيف ينسن، إلى سحب المنصب من ستولتنبرغ، معتقدة أن منحه إياه "سيشكل تهديداً كبيراً لسمعة النرويج وللثقة باستقلالية البنك المركزي النرويجي وصدقيته". 

وإلى جانب فتح إعلان توليه منصبه الجديد في بلده، ثمة سجال آخر يفتحه ذلك على مستوى "ناتو"، حيث يتعين إيجاد الأمين العام الجديد، وسط أزمة عميقة يعيشها الحلف في العلاقة مع روسيا. وتُطرح في الأوساط الأوروبية خيارات كثيرة حول إمكانية اختيار سيدة من شرق أوروبا لقيادته.