أمير قطر: الاحتلال الإسرائيلي يتخذ شكل نظام الفصل العنصري في القرن الحادي والعشرين

19 سبتمبر 2023
أمير قطر: لا يجوز التسليم بالظلم الواقع على الشعب السوري كأنه قدر (Getty)
+ الخط -

شدد أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال كلمته التي ألقاها، اليوم الثلاثاء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، على ضرورة ألا يبقى الشعب الفلسطيني فريسة للاستيطان، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتخذ شكل نظام الفصل العنصري في القرن الحادي والعشرين.

وقال أمير قطر، في كلمته، إنّ "تقاعس المنظمة الدولية عن اتخاذ إجراءات ضد الاحتلال أتاح ويتيح الفرصة لإسرائيل لكي تقوض أسس حلّ الدولتين بالتوسع والاستيطان حتى أصبح الاحتلال يتخذ نظام فصل عنصري في وضح نهار القرن الحادي والعشرين".

وشدد على أنه "لا يجوز أن يبقى الشعب الفلسطيني أسير تعسف الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، ورفض الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أي حلّ سياسي عادل وفق مبادئ الشرعية الدولية".

وأضاف، في كلمته أمام الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أنّ دولة قطر تقدم "الدعم السياسي والإنساني والتنموي للشعب الفلسطيني الشقيق، وتساهم في إعمار قطاع غزة الرازح تحت الحصار، علاوة على مساهمتها المتواصلة في تمويل وكالة غوث اللاجئين، وتواصل تمسكها بالموقف المبدئي من عدالة هذه القضية".

وجدد أمير قطر تأكيد بلاده التضامن الكامل مع المغرب وليبيا عقب كارثتي الزلزال والفيضانات اللتين تعرض لهما البلدان، مقدماً التعازي لشعبي البلدين.

الإجماع على كيان الدولة والمواطَنة

وفي الملف السوري، قال الشيخ تميم في كلمته إنه "لا يجوز التسليم بالظلم الفادح الواقع على الشعب السوري الشقيق كأنه قدر، فما زالت الأزمة بانتظار تسوية شاملة من خلال عملية سياسية تؤدي إلى انتقال سياسي وفقاً لإعلان جنيف 1 وبيان مجلس الأمن رقم 2254 (المتعلق بالحلّ السياسي)".

كما أعرب عن أسفه "أن نشهد هذا العام اندلاع العنف في السودان مما ترك آثاراً خطيرة على الشعب السوداني الشقيق وفاقم من أزمة اللاجئين"، معرباً عن تنديده بـ"الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في العاصمة الخرطوم وفي إقليم دارفور، وندعو لمحاسبة مرتكبيها، كما ندعو إلى وقف القتال والاحتكام لصوت العقل وتجنيب المدنيين تبعات القتال".

وأكد دعم دولة قطر "كافة الجهود الإقليمية والدولية، لتيسير التوصل إلى وقف القتال، والحوار بين القوى السياسية السودانية حول مستقبل للسودان بجيش واحد فقط، وبحيث يقوم بحماية البلاد ولا يحكمها".

وشدد أمير قطر في كلمته على ضرورة إيجاد حلّ سياسي ومستدام في لبنان، معرباً عن أسفه لأنْ تطول الأزمة بسبب المصالح الشخصية.

وأكد الشيخ تميم في هذا الصدد على ضرورة "إيجاد حلّ مستدام للفراغ السياسي وإيجاد الآليات لعدم تكراره، وتشكيل حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشعب اللبناني والنهوض به من أزماته الاقتصادية والتنموية".

وفي ما يخص الوضع الليبي، قال أمير قطر: "نؤكّد دعمنا الدائم لمساعي الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا (عبد الله باتيلي) وجهوده لحلّ الأزمة".

أما فيما يتعلق باليمن، فدعا الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى تسوية الأزمة بموجب قرارات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وخلص إلى أنه "من الواضح أن الحل في جميع الدول الشقيقة التي ذكرتها يكمن في الإجماع على كيان الدولة والمواطنة".

تدنيس المصحف

وعن تدنيس نسخ من القرآن الكريم وحرقها في بلدان أوروبية العام الجاري، جاء في كلمة أمير قطر "اسمحوا لي أن أنبه إلى ضرورة محاربة العنصرية وحملات التحريض على شعوب وديانات وحضارات بأكملها. وبالمناسبة أقول لإخواني المسلمين إنه لا يجوز أن يشغلنا معتوه أو مغرض كلما خطر بباله أن يستفزّنا بحرق القرآن الكريم أو بنذالة أخرى. فالقرآن أسمى من أن يمسه معتوه. قال تعالى: ’خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين’. وفي الوقت ذاته أقول لكل من يبرر هذه الأفعال القبيحة بأنها حرية تعبير: لا يجوز أن يكون المسّ المقصود بمقدسات الآخرين نموذجاً عن حرية التعبير".

كما كشف عن مواصلة قطر تنسيق الجهود الدولية لضمان التزام اتفاق الدوحة، المبرم بين الولايات المتحدة الأميركية وحركة "طالبان"، وذلك "لنحول دون انزلاق أفغانستان نحو أزمة يصعب حلّها".

وقال في هذا الصدد "نواصل تنسيق الجهود الدولية وتيسير الحوار بين الأمم المتحدة والدول المعنية وحكومة تصريف الأعمال الأفغانية لضمان الالتزام باتفاق الدوحة، بما يضمن عدم تكرار أخطاء الماضي".

وأوضح أن ذلك يأتي "حتى نحول دون انزلاق أفغانستان نحو أزمة إنسانية يصعب التعامل معها أو أن تصبح ملاذاً للأفراد والجماعات الإرهابية، ولنضمن حصول الشعب الأفغاني على ما يحتاجه من دعم ومساعدة دوليين، ويتمتع بحقوق الإنسان بما فيها حقوق الأقليات وحق المرأة في التعليم والعمل".

وفي سياق حديثٍ عن المنطقة، جدد أمير قطر الترحيب بالانفراج الذي شهدته هذا العام والمتمثل بالحوار البناء وإعادة العلاقات بين كل من الدول الشقيقة المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وبين جمهورية مصر العربية والجمهورية التركية.

أما فيما يخص الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قال أمير قطر في كلمته "تستمر الحرب في أوروبا. وهي تستنزف إلى جانب روسيا وأوكرانيا أوروبا بأكملها وأثرت وتؤثر على العالم بأسره في مجالات حيوية مثل الطاقة والغذاء".

وجدد الدعوة "لجميع الأطراف إلى الامتثال لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها واللجوء إلى الحل السلمي الجذري على هذه الأسس".

مواكبة التطور العلمي

ودعا أمير قطر في كلمته إلى وجوب "مواكبة التطور العلمي والتقني ويجب أن تزول الحواجز بين الدول في هذا المجال"، مجدداً الدعوة إلى توحيد الجهود لمنع إساءة استخدام الفضاء السيبراني.

وقال إن "التطور التقني المتسارع وتزايد الاعتماد عليه يفتح آفاقاً غير مسبوقة لتطور الإنسانية نحو الأفضل. ولا شك أن العلم والتكنولوجيا هما المفتاح لزيادة الإنتاجية وتحسين نوعية حياة البشر"، قبل أن يحذر من أن "الاحتفاء بالوسائل من دون التفكير المسؤول بالغايات التي تستخدم من أجلها أدى إلى كوارث كبرى مثل استخدام السلاح النووي، وإجراء التجارب الخطيرة على البشر، والإبادة الجماعية في معسكرات الاعتقال".

وكشف أن الدوحة ستحتضن "قمة الويب 2024"، موضحاً أن "انعقادها فرصة هامة لاستعراض التطور في مجال التكنولوجيا، وخلق فرص تعاون جديدة في عالم التكنولوجيا لصالح البشرية جمعاء. وهذه مناسبة لأرحب بالجميع في الدوحة".

دور الرياضة في التواصل

ورأى أمير قطر أنّ "طريق حلّ النزاعات بالطرق السلمية طويل وشاق لكنه أقل كلفة من الحروب وهو في صلب سياستنا الخارجية". وقال في هذا الصدد: "تدفع المسؤولية الدولة إلى تعزيز دورها في تقديم المساعدات الإنسانية وفي جهود الوساطة وحل النزاعات، التي تؤثر على منطقتنا".

وأشار إلى أنّ "شعوبنا شعوب متسامحة ومحبة للسلام وخلال بطولة كأس العالم سنحت الفرصة ليتعرّف العالم على ثقافتنا وقيمنا، وأكدنا خلال فعاليات كأس العالم 2022 على أن للرياضة دوراً في التواصل بين الشعوب والثقافات".

وأضاف "آمل أن نكون قد أسهمنا في هذه البطولة في كسر القوالب النمطية، وقدمنا للعالم صيغة جديدة للبطولات الممتعة والآمنة".

وتابع في كلمته "كان لدينا في قطر حلم بأن تكون بلادنا من الأمم المزدهرة التي ينعم شعبها بالرفاه والازدهار، واستثمرنا في تحقيق حلمنا هذا عقوداً من التخطيط والعمل التنموي الشامل. وقد حققنا الكثير بفضل من الله ثم بتكاتف الجميع في قطر".

وفي ختام كلمته، دعا الشيخ تميم القادة إلى العمل على تمكين شعوبهم من سبل العيش بسلام وأمن والتطلع إلى مستقبل أفضل لجيل الأبناء، كاشفاً عن وجود "معوقات على مستوى المجتمع الدولي تتمثل أساساً في عدم إخضاع التناقضات والتنافس بين الدول الكبرى لمبادئ حد أدنى ملزمة في قضايا عابرة لاختلاف أنظمة الحكم، وتهم الإنسانية جمعاء مثل التغير المناخي، وقضايا البيئة عموماً، والفقر، والظلم الصارخ المتمثل بالاحتلال والعنصرية وجرائم الحرب".

وشدد على أن "هذا هو الإجماع الذي يجب أن يحصل هنا في هذه المنظمة الدولية، لكي لا نغرق في التفاصيل، ولكي لا يضيع مستقبل شعوب بأكملها بسبب عدم استعداد هذه الدول للتعاون في تنفيذ القانون الدولي".

المساهمون