أمل السودانيين يتجدد في جدة: مفاوضات حاسمة لإنهاء الحرب

30 أكتوبر 2023
مفاوضات جدة تبحث القضايا العسكرية والإنسانية (Getty)
+ الخط -

تتضاعف آمال الشعب السوداني في نجاح مفاوضات جدة التي تجمع بين الجيش وقوات الدعم السريع في جهود لإنهاء الصراع المستمر في السودان. ووفقاً لمعلومات "العربي الجديد"، فإن معارك عنيفة تدور في ولاية شرق دارفور وغرب البلاد، حيث يسعى الدعم السريع للسيطرة على تلك المناطق، بعد سيطرته على مدينة نيالا، ومركز ولاية جنوب دارفور.

كما أفادت مصادر أخرى لـ"العربي الجديد"، بتحركات لقوات الدعم السريع في ولاية غرب كردفان بهدف السيطرة على حقول النفط بمنطقة بليلة، بالإضافة إلى الاشتباكات المستمرة في العاصمة الخرطوم.

وتأتي هذه التحركات بالتزامن مع إعلان وزارة الخارجية السعودية، أمس الأحد، أن المحادثات بين الأطراف المتصارعة بدأت برعاية المملكة، وبمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد".

وبحسب بيان الخارجية السعودية، فإن هذه المحادثات تتناول ثلاثة ملفات رئيسة: تيسير إيصال المساعدات الإنسانية، وتحقيق وقف إطلاق النار، واتخاذ إجراءات لبناء الثقة، وفتح الباب أمام تحقيق وقف دائم للأعمال العدائية.

بيان الوسطاء أكد أن المحادثات لن تتطرق إلى القضايا السياسية، وأن الناطقين الرسميين الوحيدين في هذه المحادثات سيكونون ممثلي الجيش وقوات الدعم السريع، بهدف تعزيز قواعد السلوك التي اتفق عليها الجانبان.

وأكد بيان منفصل صادر عن السفارة الأميركية في الخرطوم، أن السلطات المدنية تلعب دوراً رئيسياً في تحديد مسار المستقبل، وأن على المدنيين أن يكونوا رواداً في عملية التسوية السياسية والانتقال الديمقراطي في السودان.

وختم البيان بدعوة الأطراف المتصارعة إلى التعاون والتفاوض بشكل بنّاء، مع التأكيد على ضرورة حماية الأرواح والحد من العنف، وإيجاد طريق للخروج من هذا الصراع من خلال الحوار والتفاوض.

الولايات المتحدة أكدت على عدم قبول حل عسكري لهذا الصراع، مشددة على أهمية وقف العنف واستعادة الحكم المدني في السودان، ومنح الشعب السوداني حقه في الحرية والسلام والعدالة. ودعت كافة الجهات الخارجية إلى تجنب تأجيج الصراع، مشيرة إلى أنه "حان الوقت لوقف العنف غير المبرر واستئناف الحكم المدني والسماح للشعب السوداني بتحقيق مطالبه بالحرية والسلام والعدالة".

من جهتها، أصدرت بعثة الأمم المتحدة بياناً يُثني فيه على المبادرات الجارية لإنهاء الصراع الذي استمر لما يقرب من 7 أشهر في السودان، ورحبت بعملية التفاوض التي تُسهم فيها المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية للتنمية "إيغاد".

كما أعربت عن أملها في أن تتيح هذه الجولة الجديدة من المفاوضات تنفيذ إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان الذي أُصدر في 11 مايو/أيار، بالإضافة إلى تحقيق وقف شامل لإطلاق النار، وهذان الأمران ضروريان لتخفيف معاناة الشعب السوداني.

ورحبت البعثة بالمبادرات الجارية التي تأتي من جهات فاعلة مدنية متنوعة، والتي تسعى جميعها إلى إنهاء النزاع. وأكدت على ضرورة إيجاد حل يمهد الطريق لاستئناف عملية الانتقال السياسي الديمقراطي. وأيضاً رحبت بالاجتماع التشاوري للسودانيين الذين وقعوا اتفاق جوبا للسلام، والذي عُقد في جوبا بجمهورية جنوب السودان في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وتعهدت البعثة بمواصلة التعاون مع الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والإيقاد، لدعم الجهود التي تُبذل للوساطة من أجل الوصول إلى حل سلمي للصراع في السودان.

ترحيب باستئناف التفاوض

سياسياً، رحب تحالف الحرية والتغيير باستئناف التفاوض. وأكد المتحدث الرسمي باسم التحالف، شهاب إبراهيم، لـ"العربي الجديد"، أن الخطوات الأخيرة التي اتخذها الميسرون تؤكد جدية التحالف في تحقيق نجاح جولة التفاوض الحالية. وقال إن "هذه الخطوات أسفرت عن نتائج ملموسة وحقيقية، مختلفة تماماً عن محاولات سابقة".

وأشار إلى أن "بيان الميسرين يحمل نقطة مهمة بالنسبة للرأي العام، حيث تم تحديد الناطق الرسمي بالتفاوض للحديث عن أي تطورات في العملية التفاوضية، مما يمنع تداول الشائعات التي يمكن أن تؤثر سلباً على التفاوض".

وبالنسبة لحصر المفاوضات على الجوانب العسكرية والإنسانية دون الجوانب السياسية، أوضح إبراهيم أن "منبر جدة تم تصميمه من الأساس للعمل على وقف إطلاق النار وإنهاء حالة الحرب، وفتح ممرات إنسانية لضمان وصول المساعدات إلى المتضررين. وهذا يعني عدم التطرق لأي قضايا سياسية. وقد تم تحديد دور ومسؤوليات المنبر بوضوح لتجنب أي اختلاف في هذا الصدد".

وأشار إلى أن "هناك أطرافا خارجة عن منبر جدة تسعى لتبني مسار العملية السياسية، لذلك أُرسلت رسائل تطمينية من المنبر لتلك المجموعات التي تسعى إلى المشاركة في الحوار". وأوضح أن "الجهد المشترك بين السعودية والولايات المتحدة موجه حالياً نحو إيقاف الحرب على الأقل، دون التطرق إلى الجوانب السياسية في الوقت الحالي".

أما فتح فضيل رئيس حزب بناة السودان، فيقول من جهته، إن من "المبكر جداً الحديث عن اختراق في المفاوضات في بداياتها لكن الثابت أن هذه الجولة تتسم بضغوط من الوسطاء وهذا ما ظهر في مسألة السرية المشددة، وهي محاولة لتقليل أي مؤثرات خارجية على فرق التفاوض".

فضيل أشار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تأجيل مناقشة القضايا السياسية يأتي بسبب أن جدول أعمال الاجتماع في جدة يرتكز بشكل أساسي على الجوانب العسكرية والأمنية والإنسانية. وهذا يرتبط أيضاً بحساسية المرحلة الحالية والتي فرضت هذا التأجيل. وهناك زيادة كبيرة في نشاط الجوانب العسكرية بعد بدء عملية التفاوض، مما يجعل القضايا الأمنية والعسكرية أكثر أهمية من القضايا السياسية".

ولفت المتحدث نفسه إلى أن هناك عاملاً إضافياً يتعلق بتصاعد الخلافات السياسية، وهو عامل أساسي قد يكون السبب في اندلاع الحرب. وبالتالي، أكد على أهمية "عدم محاولة معالجة الأزمة بسببها بمفردها، حيث قد يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة مرة أخرى، ويعقد الأمور أكثر تعقيداً بسبب الضرورة في تحديد الأطراف المشاركة في العملية السياسية وقواعدها والقضايا التي سيتم مناقشتها ومكان إجراء هذه المناقشات".

وفي الوقت ذاته، شدد على أن القضية "العسكرية الأساسية تمثل تمرد فرقة عسكرية ضد الجيش، ولكن من وجهة نظره، هذا التمرد يعكس صراعا عسكرياً ينبع من قضايا سياسية". ودعا أيضاً إلى عدم التشاؤم من نتائج اجتماع منبر جدة، وفي الوقت نفسه، شجع على عدم رفع سقف التوقعات إلى مستويات مرتفعة.

المساهمون