بعد شهرين تقريباً على الانتخابات البرلمانية العامة في ألمانيا، وشهر على بدء أحزاب "الاشتراكي الديمقراطي" و"الخضر" و"الليبرالي الحر" محادثات تشكيل ائتلاف "إشارات المرور" الحكومي، أعلنت الأطراف الثلاثة، الأربعاء، التوصل إلى اتفاق حول التحالف الحكومي المستقبلي، وذلك بعد مفاوضات شاقة اتسمت بالكثير من السرية كأساس لإرساء الثقة المتبادلة، خاصة أن القضايا الخلافية كانت واضحة من خلال البرامج الانتخابية للأحزاب، ومنها ما يتعلق بحماية المناخ والرقمنة والحد من البيروقراطية، والسياسة الضريبية والمعاشات التقاعدية.
وقال المرشح لمنصب مستشار الاشتراكي أولاف شولتز إن الائتلاف الجديد يهدف إلى "تعزيز التماسك الاجتماعي وتحديث الدولة وإعادة هيكلة صناعتنا"، مضيفاً أن "أطراف التحالف متحدون من أجل جعل البلاد أفضل، والمضي قدماً للمحافظة عليها معاً، وبالطموح والمثابرة سنجعل بلادنا رائدة في مجال حماية المناخ، وما يوحدنا هو الإيمان بإحداث التقدم".
بدروه، اعترف الزعيم المشارك للخضر روبرت هابيك بأن المفاوضات "كانت مرهقة في بعض الأحيان"، معتبراً أن "ائتلاف إشارات المرور يتولى زمام الأمور في وقت الأزمات"، في إشارة إلى جائحة كورونا، وهناك الكثير من الخوف والقلق وعدم اليقين، لكن حزبه راض على النتائج.
من جهته، قال زعيم الليبرالي الحر كريستيان ليندنر إن الأحزاب الثلاثة لم تخف اختلافاتها خلال الحملة الانتخابية، لكن "الآن لدينا شيء واحد مشترك، وهو التغلب على الوضع الراهن، وهناك شعور في البلاد أن هناك رغبة في التغيير".
ومن المقرر أن يعمد حزب الخضر لتصويت أعضائه رقمياً اعتباراً من يوم غد الخميس، على الاتفاقية الائتلافية، أما الاشتراكي الديمقراطي فيريد أن يقرر في مؤتمر حزبي يوم 4 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وكذلك الأمر بالنسبة لليبرالي الحر وذلك يوم 5 ديسمبر.
توزيع الوزرات بين الأحزاب الثلاثة
وبينت صحيفة "بيلد" الألمانية أن الاشتراكي الديمقراطي سينال 6 وزارات، إضافة إلى منصب المستشار، فيما الخضر سيشغل 5 وزارات، والليبرالي الحر 4 وزارات، علماً أن اتفاق الائتلاف حدد ما سيناله كل حزب من وزارات، لكن من دون تحديد الشخصيات الحزبية التي ستشغلها.
في حين، أشار موقع صحيفة "تاغس شبيغل" إلى أن وزارة الصحة لا تحظى باهتمام الأحزاب.
ومن الوزارات التي قد ينالها "الليبرالي الحر"، بحسب الصحيفة، وزارتا العدل والمالية، فيما ستكون وزارات الاقتصاد والبيئة والأسرة والزراعة والخارجية من حصة حزب الخضر، علماً أن الأخير سينضم للحكومة الاتحادية لأول مرة منذ عام 2005.
وعملياً، استطاع الخضر تحقيق بعض المكاسب في ما يخص حماية المناخ، حيث بات من المقرر أن يتم تقديم التخلص التدريجي من الفحم في العام 2030 بدلاً من 2038، لكن بشرط تأمين الضمانات وتخفيف الصعوبات الاجتماعية للموظفين، إلى التوسع الهائل في الطاقات المتجددة، وأن تغطي الطاقة من الرياح والشمس 80% من استهلاك الكهرباء بحلول 2030، إلى ما لا يقل عن 15 مليون سيارة كهربائية على الطرقات الألمانية.
وفي مجالات أخرى، توافق أحزاب ائتلاف إشارات المرور على رفع الحد الأدنى للأجور خلال السنة الأولى للتحالف، وتخفيض سن الاقتراع في انتخابات البوندستاغ والانتخابات الأوروبية من 18 إلى 16 عاماً.
وفي ما يتعلق بموضوع الهجرة، تم الاتفاق على تسريع إجراءات اللجوء، ولم شمل الأسر باعتماد طرق قانونية لوصول المهاجرين إلى ألمانيا.
وبينت صحيفة "تاغس شبيغل" أن أولاف شولتز، الذي سيتم انتخابه مستشاراً جديداً لألمانيا خلفاً لأنجيلا ميركل من قبل البوندستاغ، بعد إعلان التوافق النهائي على التحالف المستقبلي خلال الأيام العشرة المقبلة؛ ضغط أخيراً من أجل إنهاء المفاوضات بأسرع وقت ممكن، وحيث يزداد وضع كورونا سوءا.
وكان ممثلو الأحزاب الثلاثة ناقشوا، أمس الثلاثاء، مع ميركل تطور وضع كورونا والتدابير المفروض اعتمادها لتدارك الأسوأ بعد أن تجاوزت أعداد المصابين بكورونا خلال الأيام الأخيرة 50 ألف مصاب.
وتنتظر الائتلاف الحكومي تحديات ضخمة مع عودة تفشي وباء كورونا في البلاد، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد والحياد المناخي.