دعا الرئيس الأوكراني، الذي تتعرض بلاده لاجتياح روسي، الألمان والأوروبيين لمقاطعة صادرات الطاقة الروسية وفرض حظر على نفطها وغازها الطبيعي، كما ناشد وزير الخارجية الأوكراني بمقاطعة تلك الصادرات التي تنبعث منها "رائحة الدم الأوكراني"، وأثارت تلك المناشدات جدلا سياسيا واسعا في ألمانيا، وتواجه الحكومة الألمانية تحديا يتمثل في كونها تعتمد على روسيا لتأمين أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز وأكثر من ثلث نفطها.
وفي الإطار، قال رئيس كتلة المسيحي الديمقراطي في برلمان ولاية شلسفيغ هولشتاين توبياس كوخ، أمس الإثنين، مع وكالة الأنباء الألمانية أنه مع وقف استيراد الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا، وأوضح أنه وفي ضوء الصور "الرهيبة" من أوكرانيا، من المخجل أن تواصل ألمانيا استيراد الغاز كل يوم وبالتالي تمويل حرب بوتين، ومضيفا أنه في ظل معاناة الشعب الأوكراني الذي يقاتل من أجل الحرية والديمقراطية، يجب ألا يمنعنا ارتفاع أسعار الطاقة من قطع مصدر الدخل الرئيسي لروسيا، ومن الممكن بالتأكيد الاتفاق على حظر الاستيراد على مستوى الاتحاد الأوروبي، وهذا ما سيضرب روسيا واقتصادها المعتمد على تصدير السلع الأساسية.
أما النائب نوربرت روتغن فاعتبر في "تاغسشبيغل"، أنه وبسبب الحرب العدوانية الروسية والقصف المدمر واستهداف المدنيين والمناطق السكنية والمستشفيات، يجب أن نفعل ما بوسعنا لدعم الأوكرانيين، ووقف تجارة النفط والغاز مع روسيا، ولا سيما أنها تكلفنا ضخ ما يقارب المليار يورو يوميا في خزائن حرب نظام الكرملين، كما سحب كل نقاط القوة الاقتصادية لضرب نظام بوتين بأقصى قدرة من الداخل واستنزافه ماليا.
في المقابل، وعلى الرغم من المطالبات في ألمانيا، ومن أوكرانيا والمداولات في الولايات المتحدة، تعارض الحكومة الاتحادية حظر استيراد إمدادات الطاقة الروسية، وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، الإثنين، أنه على الرغم من أنهم يعملون بجد منذ شهور لتطوير بدائل للإمدادات الروسية إلا أن ذلك لن يحصل بين عشية وضحاها، وأبدى تمسكا بأي احتمال للاستغناء عن واردات الطاقة من روسيا على المدى القصير، ومن منطلق أنه لا توجد حاليا أي طريقة أخرى لتأمين إمدادات الطاقة في أوروبا للتدفئة والنقل والصناعة. ولذلك، المطلوب هو قرار واع من جانبنا لمواصلة أنشطة المؤسسات التجارية من إمدادات الطاقة الروسية.
الأمر نفسه، تطرق إليه وزير الاقتصاد روبرت هابيك، فتحدث ضد فرض حظر على واردات الطاقة من روسيا، مشيرا وفق شبكة إيه آر دي الإخبارية، إلى أن فرض الحظر سيشكل تهديدا للسلم الاجتماعي، فيما اعتبر زميله في حزب الخضر وزير المالية الاتحادي كريستيان ليندنر، أن الأمر مطروح على بساط البحث، لكن في الوقت الحالي يبدو أنه من المستحسن عدم اتخاذ هذه الخطوة.
وكان المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبيشترايت، قد أكد أن الحظر سيتقرر على مستوى الاتحاد الأوروبي، ولن يتم استبعاده بشكل عام.
وبحكم أن موارد الطاقة من روسيا ذات أهمية أساسية للحياة اليومية للمواطنين، تحاول دول أوروبية استبعاد إمدادات الطاقة من العقوبات، مع عمل الحكومة الاتحادية مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وخارجه منذ فترة لتطوير بدائل للطاقة الروسية، لكن المدير التنفيذي لاتحاد الغاز، تيم كيلر، حذّر من أن طرق الشراء البديلة للغاز الطبيعي ليست فعالة بما يكفي لضمان إمدادات كاملة على المدى القصير، ولن يكون الغاز المسال قادرا على تقديم مساهمة قصيرة الأجل، مشيرا إلى أن خطط الطوارئ الحكومية وفي حالة عدم تحقق أحجام التسليم وعدم استبدالها بطرق أخرى، فسيتم أولا تنفيذ عمليات قطع عن المصانع من أجل التمكن من إمداد الأسر ومجموعات العملاء الآخرين بالغاز.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين قد أكدت، اليوم الثلاثاء، أنها ستقدم مقترحات لفصل سريع بين الاتحاد الأوروبي وإمدادات الطاقة الروسية، تحديدا، ووفقا لرئيسة المفوضية، سيتعلق الأمر بضمان التوريد من موردين موثوقين خارج روسيا، والتركيز سيكون على الغاز الطبيعي المسال، مع السعي لاستثمارات في توسيع الطاقات المتجددة، بينها الرياح والمياه والطاقة الشمسية، وأنه يجب على دول الاتحاد الأوروبي إن تملأ مرافق التخزين الخاصة بها بنسبة 80% على الأقل حتى أكتوبر المقبل.
ومن المعلوم ، أن أوروبا تستهلك حاليا 500 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، جزء كبير يتم تأمينه من روسيا، ويتدفق 60 مليار متر مكعب من الغاز عبر نورد ستريم 1 في بحر البلطيق وحده كل عام، وهو الخط الذي هددت روسيا علانية أمس، ولأول مرة بوقف ضخ الغاز عبره إلى أوروبا، ومن أنها سترد على وقف نورد ستريم 2 والعقوبات الغربية عليها، إذ اعتبر نائب رئيس الوزراء الروسي الكسندر نوفاك أن الساسة الأوروبيين يدفعوننا باتهاماتهم وتصريحاتهم بهذا الاتجاه.
وبحسب استطلاع أجراه أخيرا معهد أبحاث آراء "يوغوف" بطلب من صحيفة هاندلسبلات، فإن أغلبية المواطنين يؤيدون وقف استيراد النفط والغاز الروسي على الرغم من ارتفاع أسعار الوقود إلى أكثر من 2 يورو لليتر الواحد، إذ رحب 54 % بخطوة كهذه، فيما قال 30% إنهم معها يؤيدونها تماما، فيما كان 24% أميل إلى الموافقة على حظر الغاز الروسي.