ألمانيا: تزويد الجيش بالطائرات المسيرة يفجر خلافاً حاداً داخل الائتلاف الحاكم

19 ديسمبر 2020
اتهامات للاشتراكي الديمقراطي بـ"تعطيل التعاون" داخل الائتلاف الحاكم (الأناضول)
+ الخط -

أثار رفض قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا، لتسليح الجيش الألماني بطائرات بدون طيار لمهامه الخطيرة في الخارج غضب الشريك الأكبر في الائتلاف الحاكم، حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وكذلك الحزب الاجتماعي المسيحي، ووجهت انتقادات واتهامات شديدة اللهجة من قبل خبراء أمنيين لقيادة الاشتراكي بأنه يعرض حياة جنود الجيش الألماني للخطر.

ووصل الأمر بالسياسي عن "الاجتماعي المسيحي"، الشريك الأصغر في الائتلاف، شتيفان مولر، في حديث مع صحيفة "بيلد"، للقول إن "الاشتراكي الديمقراطي لا يبدو غير مبال وحسب، بل يوافق على تعريض الجيش للأذى وتركه أعزل ضد هجمات معينة، وهذا أمر غير لائق للغاية ومخيب للآمال من الناحية الإنسانية"، واصفا تصرفه تجاه الجنود بغير المسؤول. وأبرز مولر أن "الحزب الاشتراكي يخرق الاتفاق ويجهز نفسه للتحالف مع الخضر واليسار".

وكانت قيادة "الاشتراكي الديمقراطي" وكتلته في البرلمان قد ارتأتا مواصلة النقاش العام حول تسليح الجيش بهذا النوع من الطائرات، لأن الطائرات القتالية بدون طيار "تقتل دون تمييز، وتزيد عدد الضحايا المدنيين في أي ضربة جوية، وتلاحق مستخدميها بالفعل اتهامات كبيرة بقتل مدنيين والتسبب في مجازر".

وعلى ضوء ذلك، بات مستبعداً اتخاذ القرار قبل الانتخابات البرلمانية العامة في سبتمبر/أيلول العام المقبل، وهو ما أشار إليه الباحث السياسي فرانك كابيلان، مضيفا في لقاء مع مجموعة فونكه الإعلامية أن "قيادة الاشتراكي متفقة على أنه يجب أن تلعب السياسة الأمنية دورا رئيسيا في الحملة الانتخابية، وحيث يحاول الاشتراكي وقبل أشهر معدودة من الانتخابات العامة تقديم نفسه على أنه حزب سلام".

يأتي ذلك رغم أن المتحدث باسم لجنة الدفاع داخل كتلة "الاشتراكي الديمقراطي" في البرلمان أقدم على التنحي عن منصبه احتجاجا على الاختلاف في وجهات النظر مع قيادته، في ظل تراجع حزبه عن دعم تزويد الجيش بهذا النوع من الطائرات.

وعلى ضوء النقاشات والجدل برزت مواقف مؤيدة لدعم الجيش بهذا السلاح، من قبل خبراء في المجال الأمني والدفاعي، لكون حيازة هذا النوع من الطائرات تأمين على حياة الجنود. وفي رد على إمكانية استخدامها بشكل مفرط، اعتبر رئيس مؤتمر ميونخ للأمن فولفغانغ إيشينغر في تصريحات لصحيفة تاغس شبيغل"، أن "هذا اتهام لا أساس له من الصحة، وأي شخص يتحدث بهذه الطريقة يعبر عن شكوكه في أن قيادة القوات المسلحة أو حتى الحكومة يمكن أن تخطط عمدا لعمليات تتعارض مع القانون الدولي".

وأضاف إيشينغر قائلاً: "لدينا جيش برلماني! يخضع كل انتشار من قبل الجيش لقواعد صارمة ورقابة برلمانية"، وأن "المقارنة مع مهمة الطائرات بدون طيار الأميركية خاطئة أيضا، وطبيعة عملها لها طابع وهدف مختلفان تماما إذا ما توفرت للجيش الألماني. ومن وجهة نظري هذه حجة سياسية زائفة إلى حد ما".

واعتبر أن الصراع النموذجي في المستقبل سيكون بواسطة أسلحة بعيدة المدى وطائرات بدون طيار يمكنها البقاء في الجو لساعات عديدة، عدا عن أنها تصيب أهدافها بدقة شديدة.

وبعد أن أبدى أسفه لتراجع الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن خطوته بخصوص تزويد الجيش بهذا النوع من الطائرات في مهماته الخارجية، شدد على "مسؤولية الدولة عن ضمان توفير أفضل حماية ممكنة لجنودنا وأبنائنا وبناتنا بالمال". 

"تعطيل التعاون" داخل الائتلاف الحاكم

في سياق ذي صلة، تفيد التعليقات بأن هناك شيئا واضحا فقط من هذا الرفض، وهو أن الحزب "الاشتراكي الديمقراطي"، يهدد بتعطيله مشروعا متعلقا بالسياسة الدفاعية، التعاون السلس داخل الائتلاف الكبير، علما بأن القيادة العسكرية للجيش تدعم بقوة الاستحواذ على الطائرات بدون طيار.

وقال المفتش العام للجيش ابرهارد زورن لشبكة التحرير الألمانية، إن الطائرات المسيرة بدون طيار "ضرورية لحماية نسائنا ورجالنا أثناء العمل، لم يعد من الممكن تخيل الصراعات الحالية والمستقبلية بدون طائرات من دون طيار"، ومشددا على أهمية الاهتمام بالقوات المسلحة وتعزيز قيمتها العملياتية.

تجدر الإشارة إلى أنه وتحت عنوان "الجيش الألماني الحديث" نص اتفاق التحالف الحاكم بين الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديمقراطي على أنه وقبل أي شراء مستقبلي للطائرات بدون طيار يجب وضع مبادئ للمفاهيم وأسس الاستخدام، مع الرفض القاطع لعمليات القتل التي تتعارض مع القانون الدولي بما في ذلك القتل بطائرات بدون طيار".