تعطّل عمل البرلمان العراقي بعد جلسته الأخيرة التي عقدت مطلع الشهر الجاري، ورفعت حتى إشعار آخر. وبينما لم يتبق من عمر الدورة البرلمانية الحالية إلا أقل من 90 يوما فقط، إذ من المقرر أن يحل البرلمان نفسه في 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، أي قبل موعد إجراء الانتخابات بثلاثة أيام، أكد نواب أن جهات سياسية تسعى لتعطيل عمل البرلمان لمنعه من استجواب عدد من الوزراء والمسؤولين، ولتحقيق أجندات أخرى.
وخلال الدورة البرلمانية الحالية، وجّهت انتقادات كثيرة إلى البرلمان ودوره الرقابي والتشريعي، إذ أكد سياسيون أن البرلمان هو الأضعف بين الدورات السابقة، وأنه مرهون بإرادات القوى السياسية الكبيرة.
ورفع البرلمان جلسته الأخيرة من دون تحديد أي موعد لعقد جلسة لاحقة، على الرغم من الحاجة لتشريع عدد من القوانين وبحث عدد من الملفات، ومساءلة عدد من المسؤولين والوزراء. ويعتقد نواب أن أي عودة لعمل البرلمان لن تكون إلا في حال أرادت ذلك بعض القوى الكبيرة المهيمنة على عمله.
النائب نوفل الناشئ انتقد تعطيل عمل البرلمان كمؤسسة تشريعية ورقابية، وقال، لـ"العربي الجديد"، إن "القوى السياسية من قبل تتحجج بأن الوزير لا يمكن أن يستجوب ولا أن يصل إلى البرلمان، وهذا له أثر كبير على عمل البرلمان"، مبينا أن "هناك اتفاقا بين رؤساء القوى والوزراء لمنع عملية الاستجواب".
وأضاف أن "البرلمان وعمله مرهونان بالإرادات السياسية، ولا يتم أي تشريع أو قرار إلا بموافقة الأحزاب"، مشيرا إلى أنه "قد يعود عمل البرلمان، لكن إذا اقتضت ذلك مصالح القوى السياسية الكبيرة، ووفقا للقوانين التي تريد تلك القوى تمريرها، أما القوانين الأخرى فلا تدخل ضمن جدول الأعمال ولا تعقد لها أي جلسات لها".
عضو اللجنة القانونية البرلمانية النائب حسين الغزي أكد أن "أغلب القوانين في البرلمان سترحل إلى الدورة البرلمانية المقبلة، باعتبار أن الحملة الدعائية للانتخابات قد بدأت رسميا، ولا أتصور أن يكون هناك انعقاد للبرلمان إلا بجلسة وجلستين فقط"، مؤكدا، لـ"العربي الجديد"، أن "القوانين المعطلة في البرلمان أكثر من 10 قوانين سيتم ترحيلها".
أما النائب أرشد الصالحي، فقال لـ"العربي الجديد" إن "القوانين المتبقية قسم منها سياسي وقسم يحتاج إلى توافق بين القوى، بالنسبة للقوانين المهمة التي يجب أن تشرع، قانون العنف الأسري، وقانون حرية التعبير الذي أنجزناه كلجنة حقوق إنسان برلمانية منذ 4 أشهر، لكنه لم يدرج على جدول أعمال الجلسة، كما أن قانون إصلاح النزلاء أجرينا تعديلات عليه وقدم إلى هيئة الرئاسة، وهي قوانين كان من المفترض أن تمرر خلال الدورة الحالية".
ورأى الخبير السياسي علي المهداوي أن البرلمان بشكل عام لم يؤد دوره المطلوب خلال دورته الحالية، لا تشريعيا ولا رقابيا، مبينا، لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يمكن إغفال أنه حتى مع إمكانية عقد جلسات البرلمان، فإن الإرادة السياسية فرضت نفسها على عمله، وعطلت الجلسات لغايات، منها ملف الاستجواب".
وشدد على أن "ملف الاستجواب هو ملف شائك وفيه مساومات بشأنه"، مشيرا إلى أن "البرلمان منبثق من تحالفات وكتل سياسية، وبالتأكيد سيبقى خاضعا لإراداتها".
ومن القوانين التي ما زالت معطلة على رفوف البرلمان؛ قانون الاعتداء على الطفل، وقانون مجلس الوزراء والوزارات، وقانون الإعمار والإسكان، وقانون الاستثمار المعدني، وأغلبها تدور حولها خلافات سياسية.
يشار إلى أن البرلمان كان من المفترض أن يستجوب وزراء الزرارعة، والنفط، والمالية، ومحافظ البنك المركزي، فضلا عن عدد من المسؤولين، حول بعض الملفات والخلل في عمل مؤسساتهم، إلا أن القوى الداعمة لهؤلاء المسؤولين تعترض على حضورهم إلى البرلمان.