السلطات الأفغانية تعلن تسليم إسلام آباد جثامين 39 باكستانياً يقاتلون في صفوف "طالبان"

26 يوليو 2021
تقول أفغانستان إن حرب باكستان ضدها أصبحت علنية (Getty)
+ الخط -

في وقت يستمرّ فيه تبادل الاتهامات بين باكستان وأفغانستان، وحديث الأخيرة عن أن إسلام آباد تساند "طالبان" مالياً وبتوفير المأوى ومعالجة المرضى، أعلنت السلطات المحلية في إقليم ننجرهار، شرقي أفغانستان، أنها سلّمت السلطات الباكستانية، من خلال مؤسسة الهلال الأحمر، 39 جثمانا لباكستانيين قتلوا في صفوف "طالبان" أثناء المعارك مع القوات الأفغانية في شرق البلاد.

وقال ضياء الحق أمرخيل، حاكم إقليم ننجرهار، وهو مستشار الرئيس الأفغاني في الشؤون القبلية والسياسية، في حوار له مع التلفزيون الوطني: "في السابق كنا نقول إن باكستان أطلقت حرباً غير معلنة ضد أفغانستان، لكن الأحداث الأخيرة أثبتت أن تلك الحرب أصبحت علنية، وباكستان بدأت تقاتل في أفغانستان وتساهم في الحرب الجارية بشكل مباشر".

كما أكد أمرخيل أن المجتمع الدولي "بات يعي جيداً أن الحرب الحالية في أفغانستان هي حرب باكستان، إنها تغذيها وتموّلها، وهي تعمل ذلك الآن بشكل علني ومن دون تردّد، لكن الشعب الأفغاني لن يبقى صامتاً إزاء هذا التعامل"، مؤكداً أن الحكومة المحلية في ننجرهار سلّمت، خلال الأسبوعين الماضيين عبر منفذ طورخم الحدودي، السلطات الباكستانية 39 جثة لباكستانيين قتلوا في صفوف "طالبان" بيد القوات الدولية.

كما أكد أمرخيل أن التقارير الاستخباراتية تؤكد أيضاً نقل عشرات الجثامين لباكستانيين كلّ أسبوع من خلال المنافذ والطرق غير الشرعية التي تربط بين باكستان وأفغانستان، ذلك علاوة على نقل عشرات المصابين الباكستانيين، مشدداً على أن لـ"الباكستانيين إسهام كبير في الحرب الجارية في أفغانستان".

كما أشار أمرخيل إلى أن احتفالات كبيرة تقام في باكستان بمناسبة سيطرة "طالبان" على المناطق المختلفة، متهماً المقاتلين الباكستانيين بتدمير المباني الحكومية والمؤسسات الدولية ونهب ممتلكاتها، بعد سيطرة "طالبان" عليها.

ولم تعلّق السلطات الباكستانية حتى الآن على إعلان الحكومة الأفغانية، لكنها سبق أن رفضت أي تدخل في شؤون أفغانستان، علما أن موضوع المقاتلين الباكستانيين في صفوف "طالبان" يثار باستمرار على منصات التواصل الاجتماعي.

وقبل أيام، أثار استقبال حشود من المواطنين ومن أنصار "طالبان" في مدينة بيشاور، شمال غرب باكستان، لجثمان أحد المقاتلين في الحركة، الذي لقي حتفه في مكان مجهول في أفغانستان، ردود فعل مختلفة على الصعيدين الأفغاني والباكستاني.

ونشرت آنذاك على منصات التواصل الاجتماعي مشاهد تظهر حشوداً من المواطنين ومن أنصار حركة "طالبان" أفغانستان في منطقة بورد بازار وسط مدينة بشاور، مركز إقليم خيبربختونخوا شمال غرب باكستان. وكانت تلك الحشود ترفع أعلام "طالبان" وهتافات مؤيدة لها.

وحينها، قال مصدر قبلي لـ"العربي الجديد"، فضّل عدم الكشف عن هويته، إن القتيل كان من سكان منطقة خيبر القبلية، تحديداً منطقة باره التي تُعدّ مقر حركة "جيش الإسلام"، وكانت أسرته تعيش في منطقة ريغي بالقرب من مدينة بشاور منذ سنوات، لكنه كان يقاتل في صفوف "طالبان" في أفغانستان وقُتل هناك.

وبحسب المصدر، فقد نُقل الجثمان عبر منفذ طورخم، وكانت حشود من المواطنين وأنصار "طالبان" تنتظره، ورافقته إلى حين الوصول إلى منزله في منطقة ريغي.

من طرفها، أعلنت شرطة مدينة بشاور أنها تجري تحقيقا في القضية. وقال مسؤول شرطة بشاور معظم أنصاري، في مؤتمر صحافي، إن الشرطة باشرت التحقيق في قضية رفع الحشود أعلام "طالبان" أفغانستان وهتافات مناصرة لها. ولفت إلى أن الشرطة تلقّت أخباراً تثبت نقل جثمان من أفغانستان، واستقبال حشود له مع رفع أعلام "طالبان". وقد تم دفن الجثمان في مدينة بشاور.

باكستان: عبور 46 من عناصر الجيش الأفغاني الحدود

إلى ذلك، أعلن مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني عبور 46 من عناصر الجيش الأفغاني الحدود الأفغانية الباكستانية في نقطة شترال الحدودية بين الدولتين، وتسليم أنفسهم إلى الجيش الباكستاني بعد أن ضاقت بهم السبل في المناطق الأفغانية.

وقال مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني، في بيان، إن ضابطاً في الجيش الأفغاني تواصل مع قوات الجيش في نقطة شترال الحدودية بين الدولتين، وطلب منها المساعدة بعد أن ضاقت بهم السبل، مشيراً إلى أن قوات الجيش الباكستاني المتمركزة في نقطة أندوه سكتر في منطقة شترال سمحت لعناصر الجيش الأفغاني بالدخول إلى المناطق الباكستانية.

كما ذكر البيان أن قوات الجيش قدمت الاحتياجات والمساعدات الأولية لعناصر الجيش، وبينهم خمسة ضباط، وهم الآن مع قوات الجيش، وسيتم تسليمهم إلى الجيش الأفغاني بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة.

وكانت الداخلية الأفغانية قد أعلنت، قبل يومين، أنها قامت بسحب جميع القوات شبه العسكرية من الحدود مع أفغانستان بعد قرار الجيش الباكستاني نشر قواتها على كامل الحدود، نظراً للوضع السائد في أفغانستان، والخوف من تسلّل المسلحين إلى داخل الأراضي الباكستانية.

وقال وزير الداخلية الباكستاني شيخ رشيد أحمد، في تصريح صحافي له، إن الحكومة الباكستانية قرّرت سحب جميع القوات شبه العسكرية المنتشرة على الحدود مع أفغانستان لتحلّ محلها قوات الجيش الباكستاني، مشيراً إلى أن الوضع في أفغانستان "صعب للغاية، وباكستان تدرك حساسية ذلك الوضع والخطر على أمنها القومي، من هنا اتخذت هذا الإجراء".

وأضاف الوزير أن القرار جاء من أجل قطع الطريق على اللاجئين الأفغان الذين يدخلون إلى الأراضي الباكستانية بطريقة غير شرعية، كما أن "هناك خشية من دخول المسلحين عبر المنافذ الكثيرة التي تقع على امتداد الحدود بين باكستان وأفغانستان". كما لفت رشيد أحمد إلى أن من أهداف هذه الخطوة أيضاً "قطع الطريق على مهربي المخدرات".

وكان مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني قد أكد، في وقت سابق، في بيان له، أن الجيش الباكستاني "يراقب الوضع على الحدود مع أفغانستان عن كثب، ومستعد لمواجهة أي خطر قد يقع على الحدود بين الدولتين".

كما نوه بيان الجيش إلى أن هناك أيضاً خشية من عبور قوات الأمن الأفغانية الحدود ودخولها إلى باكستان، على غرار ما حدث على الحدود بين طاجكستان وأفغانستان، وفي هذه الحالة "هناك خشية من تعقبهم من قبل المسلحين داخل الأراضي الباكستانية، لذلك هناك ضرورة ملحة لمراقبة الأوضاع من قبل الجيش".

يذكر أن "طالبان" تسيطر على مناطق واسعة من الحدود مع باكستان، وهي تسيطر حالياً على معبر تشمن الواقع في مديرية سبين بولدك الحدودية. وسمحت السلطات الباكستانية للمواطنين الأفغان، أمس الأحد، بالعبور عبر المنفذ بعد أن أغلقته لأيام بعد سيطرة "طالبان" عليه.

وكانت حركة "طالبان" قد ادّعت أنها تسيطر على 90 في المئة من المناطق الحدودية والمعابر مع دول الجوار، الأمر الذي نفته الحكومة الأفغانية، معتبرة ذلك "ادعاء لا أساس له من الصحة".

المساهمون