انطلق في العاصمة الأفغانية كابول، الخميس، لقاء يستمر ثلاثة أيام لرجال الدين والزعامات القبلية، بهدف تقييم أداء حكومة طالبان وتقديم المشورة لها، فيما قال مصدر في وزارة الداخلية الأفغانية لـ"العربي الجديد"، إنّ مهاجمين اثنين قُتلا خلال اشتباكات بين مسلحين وقوات الأمن قرب مقر الاجتماع.
ويشارك في الاجتماع، وهو شبيه بالاجتماع التقليدي "لويا جرغه"، ما يقرب من 3500 من علماء الدين ورموز القبائل، منهم ممثلون عن اللاجئين الأفغان في باكستان وإيران، ومن دول أخرى.
ومنذ أن سيطرت طالبان على كابول في منتصف أغسطس/ آب الماضي، تحاول الحركة الحصول على الشرعية الدولية والوطنية، ولكن ثمة ملفات عديدة تحول دون الوصول إلى ذلك الهدف، منها ملف النساء والسماح لهن بالعمل والذهاب إلى المدارس.
وتحدث "العربي الجديد" مع أربعة من المشاركين في الاجتماع، كلهم تحدثوا عن التنظيم العالي للاجتماع، وأن مسؤولين في طالبان "تعاملهم مثالي، ويستمعون لما يقوله العلماء"، مؤكدين أنه "من كل مديرية يتحدث ثلاثة مشاركين من على المنصة".
غير أن الأجندة لم توزع حتى نهاية اليوم الأول على المشاركين، ويواجه الاجتماع انتقادات شديدة بسبب غياب المرأة والنقابات الشبابية ونشطاء المجتمع المدني.
وقال رئيس الوزراء في حكومة طالبان محمد حسن أخوند، في كلمة افتتاحية، إنّ "هذه حكومتكم وتقييمها لصالحكم ولصالح الشعب، وهي تصغي لكم وتسمع صوتكم".
وأضاف أنّ حكومة طالبان لا تريد الانتقام من خصومها، وأنها عفت عن كل من عمل في الحكومات السابقة، لافتاً إلى أنّ هناك جهات (لم يسمّها) تعمل ضد حكومته.
وقال رئيس الاجتماع المولوي حبيب الله حقاني، في كلمة، إنّ جميع مسؤولي حكومة طالبان ورجال الدين والزعامات القبلية "يتعاونون من أجل خدمة الدين والوطن، وليس من أجل المناصب".
في كلمة له أمام الاجتماع، طلب وزير الدفاع في حكومة طالبان، الملا محمد يعقوب مجاهد، من علماء الدين "تقديم المشورة من أجل الحصول على الشرعية الدولية".
وشدد مجاهد على أنه "ينبغي على العلماء تقديم آرائهم بكل حرية في كثير من الملفات" التي تواجهها حكومة طالبان.
وقال إنه "قد مضت سنة تقريبا على حكومة طالبان، ولم تحصل على الاعتراف من أي دولة إسلامية وغير إسلامية حتى الآن، وعلى علماء الدين أن يقدموا لها الفتاوى والمشورة لترسم سياساتها الخارجية على النحو الذي يمكنها من انتزاع اعتراف دولي". كما ذكر مجاهد أن "الحرب لا نريدها، ولا نريد أن نفوت هذه الفرصة المهمة".
وتحدث في الجلسة الأولى للاجتماع عدد من رجال الدين الذين جاؤوا من مختلف ولايات البلاد.
وقال عالم الدين من ولاية هرات، غربي أفغانستان، مولوي مجيب الرحمن أنصاري، إنّ "كل من يخالف حكومة طالبان ويقف في وجهها لا بد من قتله، وهذا أمر الشرع، والعلماء يعرفون ذلك"، بحسب قوله.
ودعا رجل الدين سيد نصر الله واعظي، من ولاية باميان ذات الأغلبية الشيعية، حكومة طالبان إلى "فتح مدارس الفتيات، وتهيئة أجواء من الأخوة والعدالة في البلاد".
من جانبه، وصف القيادي السابق في طالبان الملا عبد السلام ضعيف، في تصريح صحافي له، الاجتماع بأنّه "فرصة جيدة للتنسيق بين شرائح الشعب المختلفة وبين حكومة طالبان".
وحيال مشاركة النساء، قال نائب رئيس الوزراء الملا عبد السلام حنفي، في تصريح، أمس الأربعاء، إنّ "الرجال ينوبون عن النساء في هذا الاجتماع، وسيطرحون المسائل المتعلّقة بهن".
وينعقد اجتماع علماء الدين والزعامات القبلية وسط إجراءات أمنية مشددة، ولا يسمح لوسائل الإعلام بالدخول إليه باستثناء التلفزيون الوطني.
إطلاق نار قرب مكان الاجتماع
أمنيا، سمع إطلاق نار بالقرب من مقر الاجتماع.
وتحدثت بعض وسائل الإعلام أنه هجوم على نقطة حراسة بالقرب من مقر الاجتماع، لكن الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد قال، في تغريدة على تويتر، أنه لم يحصل أي هجوم أو مواجهة مسلحة، وأن مسلحي طالبان داهموا مكاناً مشكوكاً فيه وأطلقوا النيران عليه، ولا توجد أي مواجهة أو هجوم.
فيما قال مصدر في وزارة الداخلية الأفغانية إن قوات الأمن شنت عملية على منزل كان بداخله مسلحون، وتمكنت من قتل شخصين كانا يعتزمان استهداف الاجتماع، كما أدت العملية إلى مقتل أحد المواطنين.
ويأتي هذا الاجتماع بعد مرور أسبوع على زلزال عنيف ضرب جنوب شرق البلاد، وأسفر عن سقوط أكثر من ألف قتيل، وتسبب في تشريد عشرات آلاف الأشخاص.
كما تجري الولايات المتحدة وطالبان، اليوم الخميس، محادثات في قطر، بهدف الإفراج عن بعض احتياطات أفغانستان المجمّدة بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد، بحسب ما أعلن مسؤولون، بينما تسعى واشنطن لإيجاد طرق لضمان استخدام الأموال لمساعدة السكان.
وحتى قبل الزلزال العنيف، واجهت حركة طالبان صعوبات للانتقال من قوة متمردة قاتلت لعقدين ضد القوات الأميركية التي غادرت البلاد في أواخر أغسطس/ آب 2021، إلى حكومة مدنية، في وقت تغرق فيه أفغانستان في أزمة اقتصادية وإنسانية حادة، بعدما أوقف المجتمع الدولي المساعدات المالية التي دعمت البلاد قرابة عشرين عاماً.