تمكنت حركة "طالبان"، يوم الخميس، من السيطرة على ثلاثة أقاليم مهمة هي، إقليم غزنه الذي يعد البوابة الرئيسية للعاصمة، وإقليم هرات، العاصمة الاقتصادية للبلاد والمجاورة لإيران، وإقليم بادغيس المجاور لهرات.
كما تمكنت الحركة من إحراز تقدم كبير في مدينة قندهار، مركز إقليم قندهار، ومدينة لشكر كاه، مركز إقليم هلمند.
وكان شائعاً في الساحة الأفغانية أن "طالبان" لا يمكن لها أن تسيطر على هرات لأن حاكم الإقليم سابقاً، الجنرال إسماعيل خان، صاحب نفوذ في الإقليم وقوة، كان يقود المعارك بنفسه، ولذلك اعتبرت "طالبان" السيطرة على مدينة هرات أمراً مهماً.
وقال الناطق باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، أثناء إعلانه السيطرة على الإقليم، إن الحركة سيطرت على أهم إقليم في جنوب غرب أفغانستان وهو إقليم هرات.
ولا شك أن لهرات أهمية كبيرة لثلاثة أمور: لأنه مجاور لإيران، كما أن فيه معبر إسلام قلا الحدودي، الأهم مع إيران أيضاً، والذي سبق وأن سيطرت عليه "طالبان"، علاوة على كونه العاصمة الاقتصادية لأفغانستان، لأن معظم الأحياء الاقتصادية تقع في هذا الإقليم.
أما التقدم في كل من إقليم هلمند وقندهار، فله أيضاً أهمية قصوى لأن "طالبان" كانت تحاول منذ أشهر السيطرة على المدينتين، لكنها لم تتمكن من ذلك رغم ما لحق بكل من "طالبان" والحكومة والبنية التحتية في المدينتين من خسائر كبيرة.
ومن الأسباب الرئيسة للتصدي لزحف "طالبان" في هلمند هو وجود القائد العسكري في الجيش الأفغاني سميع سادات، الذي عُين أمس قائداً للقوات الخاصة بسبب ما قام به من المعارك مع "طالبان" خلال الأسابيع الماضية.
وتمكنت "طالبان" اليوم من السيطرة على مناطق مهمة داخل مدينة لشكر كاه، منها أكاديمية الشرطة ومركز القوات الخاصة، وذلك بعد أن سيطرت على مقر أمن الإقليم أمس الأربعاء.
وقال مصدر أمني في المدينة لـ"العربي الجديد" إن معظم المسؤولين في الحكومة الذين كانوا متواجدين في الخطوط الأمامية أمام "طالبان" وفي المباني الحكومية قد خرجوا في وقت متأخر من مساء اليوم من مواقعهم وتم نقلهم عبر المروحيات إلى قاعدة شورابك العسكرية، تمهيداً للخروج من المدينة، ما يعني أن المدينة على وشك السقوط.
أما عن مدينة قندهار الاستراتيجية، فيبدو أن الأمور تسير بخلاف توقعات "طالبان"، إذ ما تزال المقاومة فيها شديدة منذ أسابيع، حين طوقت "طالبان" المدينة.
وكان الناطق باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد قد أعلن، في تغريدة له اليوم، أن السيطرة على المدينة وشيكة، وذلك بعد أن وصلت قوات الحركة إلى قلب المدينة وسيطرت على دوار الشهداء، لكن المعارك داخل المدينة ما تزال شديدة وقوات الأمن الأفغانية تقاوم بشراسة.
وانتهت صباح اليوم قصة إقليم غزنه المهم، الذي يبعد عن العاصمة 150 كيلو متراً، بسيطرة "طالبان" على المدينة واعتقال الاستخبارات الأفغانية لحاكم الإقليم داوود لغماني بدعوى أنه سلم المدينة إلى "طالبان"، ويشتبه أن يكون على صلة بالحركة، لكن سيطرة "طالبان" على المدينة شكلت ضربة للحكومة وخطراً كبيراً لإقليمين واقعين بين غزنه والعاصمة كابول وهما: إقليم لوجر وإقليم ميدان وردك.
ويبدو أن السيطرة على مدينة قلعة نو مركز إقليم بادغيس، التي سيطرت عليها "طالبان" مساء اليوم، لم يكلف الحركة كثيراً، والتزمت الحكومة صمتاً مطبقاً تجاه ذلك، عدا ما قالته الداخلية بشأن اعتقال حاكم إقليم غزنه داوود لغماني.
وينتظر الأفغان، وسط ترقب وخوف، ماذا ستكون قصة الغد، وما إذا كانت ستتمكن الحكومة من استعادة المدن وعواصم الأقاليم، التي خسرتها، وسيطرت عليها "طالبان"، والتي وصلت إلى 12 مدينة، أم ستواصل "طالبان" تقدمها، إذ تهدف "طالبان" إلى السيطرة على كامل قندهار وهلمند.
من جهة أخرى، قال متحدث باسم حركة "طالبان" اليوم الخميس لقناة تلفزيون الجزيرة إن السقوط السريع للمدن الكبرى في أفغانستان يشير إلى ترحيب الأفغان بالحركة.
وأضاف المتحدث "الشعب الأفغاني يريدنا ويرحب بنا وسقوط المدن الكبرى بسرعة مؤشر على ذلك". ومضى يقول "لن نغلق الباب أمام المسار السياسي".
ودعا مبعوثون من الولايات المتحدة والصين وروسيا ودول أخرى اليوم الخميس إلى تسريع عملية السلام في أفغانستان باعتبار ذلك "مسألة ملحة للغاية".