يحاول الرئيس الأميركي، جو بايدن، الإيحاء بتماسك أعضاء إدارته خلف سياسته حيال حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ولكن أصواتاً منتقدة لموقفه الداعم للحرب من بعض الموظفين في مؤسسات أميركية بدأت تخرج للعلن تُظهر خلاف ذلك.
فبينما يبذل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، جهداً واضحاً لإظهار دعم غير محدود لإسرائيل في حربها على غزة، كشف موقع أكسيوس الإخباري الأميركي، اليوم السبت، عن قيام موظفة في الوزارة بجمع التواقيع على برقية معارضة لموقف الإدارة من الحرب على غزة.
"متواطئ في الإبادة الجماعية"
ومن المتعارف عليه، بحسب "أكسيوس"، أن يقوم الموظفون الذين يعارضون سياسة المؤسسة التي يعملون بها بإرسال مثل هذه البرقيات لتضمينها رأيهم المعارض، ويحرص المسؤولون على عدم نشر هذه البرقية بطبيعة الحال مع التعهد للموظفين بألا يؤثر ذلك على وضعهم الوظيفي.
وهذا ما قامت به سيلفيا يعقوب، مسؤولة الشؤون الخارجية في مكتب شؤون الشرق الأوسط لأكثر من عامين، حيث أرسلت بريداً إلكترونياً، أول أمس الخميس، لجمع التواقيع على برقية معارضة لموقف بايدن وقالت فيها:
"في ضوء الهجوم الشنيع الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، والرد الذي أعقب ذلك من قبل حكومة إسرائيل، والتأييد الكامل على ما يبدو من قبل حكومة الولايات المتحدة لهذا الرد، قمنا بصياغة برقية معارضة تدعو إلى إجراء تغيير كبير في سياسة الإدارة القصيرة والطويلة".
ولكن يعقوب لم تكتف بالبرقية فهي ردت على منشور لبايدن في منصة إكس يتحدث فيه عن أسباب طلبه المزيد من الدعم العسكري لإسرائيل من الكونغرس، وقالت مخاطبة بايدن: "أنت تقدم المزيد من المساعدة العسكرية للحكومة التي تهاجم بشكل عشوائي سكان غزة الأبرياء.. أنت متواطئ في الإبادة الجماعية".
Our national security depends on both supporting Israel to combat terrorism, and alleviating the suffering of civilians in Gaza.
— President Biden (@POTUS) November 1, 2023
That's why I requested a security package from Congress that allows us to honor both humanitarian and defense aid.
Durable peace depends on it. https://t.co/GIpLdUN2b4
وكان مسؤول وزارة الخارجية، جوش بول، قد أعلن استقالته، الشهر الماضي، بسبب "خلاف في السياسة بشأن مساعدتنا المستمرة المميتة لإسرائيل"، كما شهد البيت الأبيض استياءً داخلياً بشأن السياسة تجاه غزة وعقد كبار مساعدي بايدن عدة اجتماعات مع الموظفين الذين عبروا عن انتقاداتهم بشكل خاص، وفق "أكسيوس".
رسالة مفتوحة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)
وفي السياق، عنونت مجلة فورين بوليسي الأميركية "المزيد من المسؤولين الأميركيين يدعون دون ذكر أسمائهم إلى وقف إطلاق النار في غزة"، واستعرضت المجلة في مقالها، اليوم السبت، رسالة مفتوحة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) إلى جوقة المعارضة الداخلية المتزايدة بشأن سياسة بايدن تجاه إسرائيل.
ووقع المئات من مسؤولي الوكالة الأميركية على رسالة تدعو إدارة بايدن إلى الضغط من أجل "وقف فوري لإطلاق النار ووقف الأعمال العدائية" في حرب إسرائيل على غزة وفقاً لنسخة من الالتماس.
وتعكس الرسالة المفتوحة القلق المتزايد داخل الحكومة الأميركية بشأن كيفية دعم بايدن لإسرائيل في حربها، ويمثل الالتماس، بحسب "فورين بوليسي"، خلافاً متزايداً بين حكومة بايدن والمسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى الذين يعارضون داخلياً نهج البيت الأبيض في الحرب.
وتدعو الرسالة الداخلية، التي يتم توزيعها للتوقيع عليها بين موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إلى "وقف فوري لإطلاق النار" و"وقف الأعمال العدائية". كما تدعو الولايات المتحدة إلى الانضمام إلى المجتمع الدولي في "إلزام جميع الأطراف، بما في ذلك دولة إسرائيل، بالقانون الدولي، الذي يشمل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية والمستوطنات على الأراضي المحتلة".
وبحسب ما ورد، وقع 370 مسؤولاً في الوكالة الأميركية على الرسالة حتى صباح الجمعة، بعد أن وصل عدد الموقعين لحوالي 200 مساء الخميس. وينص الالتماس على أنه تم إخفاء هوية الموقعين بسبب "القلق على سلامتنا الشخصية وخطر احتمال فقدان وظائفنا بسبب مناشدتنا بوقف فوري لإطلاق النار ووقف الأعمال العدائية".
"عاصفة من المعارضة"
وقالت المتحدثة باسم الوكالة، جيسيكا جينينغز، لـ"فورين بوليسي": "نحن ممتنون للغاية لتفاني موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وشركائها الذين يعملون على مدار الساعة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية بشكل كبير، بما في ذلك الغذاء والمياه والدواء".
وأضافت: "لقد كانت الولايات المتحدة واضحة في ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لحماية المدنيين الفلسطينيين، وإننا ندعم الوقف الإنساني للقتال من أجل توصيل المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة وتوزيعها على المحتاجين في غزة". وأشارت للرسالة بطريقة غير مباشرة: "نحن نقدر الحوار المستمر الذي نجريه مع موظفينا وشركائنا المتفانين، ونواصل الترحيب بفريقنا لمشاركة آرائهم مع القيادة".
وأكد مسؤولو الوكالة الذين وقعوا الرسالة أن بايدن وحكومته لم يذهبوا إلى حد كاف في الضغط على إسرائيل لتخفيف معاناة المدنيين في غزة، وجاء في الرسالة: "نحن مضطرون إلى رفع أصواتنا الجماعية ووعينا الأخلاقي لحث الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية وإدارة بايدن على الانضمام إلى الدعوات المتزايدة، وطنيا وعالميا، من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين دولة إسرائيل وحماس".
وتعكس الاعتراضات الموضحة في الرسالة عاصفة من المعارضة تختمر في وزارة الخارجية في الوقت الذي يشعر فيه بعض الدبلوماسيين بالقلق إزاء ما يعتبرونه دعماً أميركياً على بياض لإسرائيل، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
وقالت وزارة الخارجية إنها ترحب بالمعارضة وأصرت مراراً وتكراراً على أنها تضغط على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي.
كما تواجه إسرائيل أيضاً ضغوطاً من حلفاء بايدن الديمقراطيين، حيث أصدرت مجموعة من 13 مشرعاً ديمقراطياً بياناً مشتركاً حذرت فيه من أن "الفشل في توفير الحماية الكافية للمدنيين غير المقاتلين يهدد بتصعيد كبير للصراع في المنطقة ويفرض ضرراً شديداً على آفاق التعايش السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين".