بعدما انتزعت حركة "طالبان" السيطرة على كامل أفغانستان، في عمليات عسكرية متتالية بدأتها قبل أسابيع وانتهت، الأحد الماضي، بدخول كابول وإسقاطها، استطاعت الحركة في خضم ذلك الاستيلاء على الأسلحة والمعدات التي تركتها القوات الأفغانية لحظة فرارها.
وأظهرت مقاطع فيديو قيام عناصر "طالبان" بتفقد صفوف طويلة من العربات، وفتحهم صناديق أسلحة جديدة، ومعدات اتصال، وحتى طائرات مسيرة حربية، وفق تقرير لوكالة "رويترز" نشر باللغة الإنجليزية.
وقال مسؤول أميركي لـ"رويترز"، مفضلا عدم ذكر اسمه، "كل شيء لم يتم تدميره هو الآن بين يدي طالبان".
ويقول مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إن هناك مخاوف من أن يتم استخدام تلك الأسلحة في قتل المدنيين، أو أن تستولي عليها جماعات مسلحة أخرى مثل تنظيم "داعش" الإرهابي لاستهداف المصالح الأميركية بالمنطقة، أو أن يتم تسليمها إلى خصوم واشنطن، بمن فيهم الصين وروسيا.
وحسب تقرير "رويترز" فإن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لديها مخاوف حقيقية بشأن مآل تلك الأسلحة، ما يجعلها بصدد تقييم عدد من الخيارات للتعامل مع ذلك.
وقال المسؤولون إن خيار شن ضربات جوية لتدمير المعدات الكبيرة مازال مطروحا، وذلك في ظل مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى رد فعل معاد من "طالبان" في وقت يظل فيه هدف الولايات المتحدة هو إجلاء الأشخاص.
مسؤول أميركي آخر قال لـ"رويترز" إنه في ظل عدم وجود أرقام نهائية، فإن التقييمات الاستخباراتية الحالية تشير إلى أن "طالبان" تتحكم على ما يبدو في أكثر من ألفي عربة مصفحة، و40 طائرة، بينها مروحيات "بلاك هاوك" ومروحيات هجومية، وطائرات مسيرة عسكرية.
في غضون ذلك، ذكرت "رويترز" أن السرعة التي سيطرت من خلالها "طالبان" على أفغانستان تشبه ما حدث في العراق حينما استولى عناصر "داعش" على الأسلحة الأميركية التي كانت بحوزة القوات العراقية في العام 2014.
وبين 2002 و2017، قدمت الولايات المتحدة للجيش الأفغاني ما قيمته نحو 28 مليار دولار من الأسلحة، بما في ذلك المسدسات، والصواريخ، ونظارات الرؤية الليلية، وطائرات مسيرة صغيرة لجمع المعلومات الاستخباراتية.
ولفت تقرير "رويترز" إلى أن مروحيات "بلاك هاوك" كانت العنوان الأبرز للدعم العسكري الأميركي لأفغانستان، حيث كان ينظر إليها على أنها الامتياز الأكبر لدى الجيش الأفغاني على "طالبان".
وبين 2003 و2016 زودت الولايات المتحدة القوات الأفغانية بـ208 طائرات من هذا النوع، وفق الإحصاءات الرسمية.
وخلال الأسبوع الماضي، اعتمد عدد من الربابنة الأفغان على تلك المروحيات في الفرار من "طالبان". وقال مسؤول أميركي إن ما بين 40 و50 مروحية حطت بأوزباكستان وكان على متنها ربابنة أفغان يطالبون باللجوء. وحتى قبل سيطرتها على العاصمة كابول، كانت "طالبان" قد بدأت حملة تصفية للربابنة.
وكانت بعض المروحيات متواجدة بالولايات المتحدة من أجل أعمال الصيانة وستظل هناك، فيما تلك التي كانت متوجهة إلى العودة لأفغانستان سيستخدمها الجيش الأميركي للمساعدة في عمليات الإجلاء من كابول.
وأبدى مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، وفق "رويترز"، مخاوفهم من أن تتمكن "طالبان" من استخدام المروحيات، رغم أنها تتطلب صيانة دورية، والعديد منها لا يمكن التحليق بها دون تدريب معمق.
بيد أن المخاوف الآنية، حسب التقرير ذاته، تتمثل في الأسلحة والمعدات التي يسهل استخدامها، مثل نظارات الرؤية الليلية. ومنذ العام 2003، زودت الولايات المتحدة القوات الأفغانية بما لا يقل عن 600 ألف سلاح، و162 ألف جهاز اتصال، و16 ألف نظارة رؤية ليلية.
"القدرة على التحرك ليلا أمر قد يغير جميع المعادلات"، وفق تصريح أدلى بها أحد المساعدين بالكونغرس الأميركي لـ"رويترز".
وقال مسؤولون أميركيون إن التوقعات تشير إلى أن "طالبان" ستلجأ إلى استخدام جل الأسلحة التي استولت عليها، لكنه من السابق لأوانه معرفة ما يخططون للقيام به، بما في ذلك إمكانية تسليم بعض تلك المعدات إلى دول منافسة مثل الصين.