وفي السياق، أوضحت مصادر مصرية تحدّثت إليها "العربي الجديد"، أنّ "الأوضاع الإقليمية ربما عادت مجدداً لتمنح (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن، نقطة قوة من وجهة نظره، بعدما بادر بإعلان دعم وتأييد واضح للسعودية أخيراً، في قضية اختفاء الصحافي جمال خاشقجي، حيث يعوّل على ذلك الموقف للهروب، ولو مؤقتا، من الضغوط المصرية لإتمام المصالحة الداخلية مع حماس". ولفتت المصادر إلى أنّ زيارة كامل، وإن كانت قد أُلغيت، إلا أنّ الاتصالات لن تتوقّف بشأن التوصّل إلى موعد جديد وترتيب لقاء عاجل بينه وبين عباس، في وقت تصف فيه المصادر العلاقة بين الجانبين بـ"الأسوأ".
وأوضحت المصادر أنّ قادة جهاز الاستخبارات المصري قادوا سلسلة اتصالات على صعيد آخر، لوقف ضربة موسعة لقطاع غزة من جانب الاحتلال الإسرائيلي، في أعقاب إطلاق الصاروخين. وقالت المصادر إنّ المكتب السياسي لـ"حماس" أكّد للوفد الأمني الذي كان يزور غزة، بقيادة مسؤول الملف في جهاز الاستخبارات المصري، اللواء أحمد عبد الخالق، أنّها لم تطلق أي صواريخ صوب الأراضي المحتلة. مشددةً، في الوقت ذاته، على أنّها تأكّدت من أنّ كافة الفصائل المشاركة، بشكل أو بآخر، في متابعة مجريات الأمور في القطاع، لم تطلق هي الأخرى. وأوضحت المصادر أنّه في تطوّر غير مسبوق، ألمحت حماس إلى أصابع تعبث بالأوضاع في المنطقة، متهمةً أطرافاً في رام الله بالضلوع في تلك الواقعة، بهدف استفزاز إسرائيل، والتعجيل بمواجهة شاملة في القطاع.
وفي الإطار ذاته، أكّد عضو القيادة السياسية في حركة "حماس"، باسم نعيم، أمس الخميس، أنّ أجهزة الأمن في قطاع غزة تجري تحقيقات لمعرفة الجهة التي تقف وراء إطلاق الصاروخين من غزة، فجر الأربعاء. وقال نعيم، في حديث لوكالة "فرانس برس"، "توجد تحقيقات من أجهزة الأمن في غزة لمعرفة الجهة التي تقف وراء إطلاق الصواريخ"، مضيفاً "ستُتخذ إجراءات حازمة بحقّ من يخترق الإجماع الوطني أو يحاول دفع الشعب الفلسطيني لمواجهة تخدم أجندات غير وطنية".
وأكد نعيم أنّ "حماس والفصائل تعمل على تجنّب أيّ تصعيد على الأرض، لكنّها جاهزة للردّ على أي عدوان إسرائيلي في أي لحظة"، مضيفاً أنّ "بيان حماس والغرفة المشتركة (التي تضم حماس وفصائل المقاومة) يعبّر عن تطوّر مسؤول لدى حماس بعيداً عن ردات الفعل".
وحول زيارة كامل، قال باسم نعيم إنّ "الزيارة لم تلغَ وإنّما أرجئت لبعض الوقت لأسباب لوجستية ترتبط بجدول زيارته مع الرئيس المصري" عبد الفتاح السيسي لروسيا. وشدّد على أنّ مصر "ستستكمل جهودها"، لكن "الأمور لا تزال معقدة، والسلطة (الفلسطينية) وأبو مازن مسؤولان عن التعطيل الأكبر للمصالحة والتهدئة". ورداً على إطلاق الصاروخين، شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت مواقع لـ"حماس" في القطاع، وأسفرت عن استشهاد فلسطيني وإصابة ثلاثة آخرين. وأثار هذا التصعيد الخشية من مواجهة جديدة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية على حدود غزّة. لكنّ المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر "الكابينت" قرّر، بعد 6 ساعات من الاجتماعات، العودة إلى الهدوء على حدود القطاع، وعدم الشروع في عملية عسكرية في الوقت الراهن. كما دعا جميع المستوطنين في مستوطنات بئر السبع وغلاف غزة للعودة إلى العمل بشكل طبيعي.
من جهته، دعا رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة، يحيى السنوار، أمس الخميس، اللجنة المركزية لحركة "فتح" واللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" إلى عقْد جلساتهم المقبلة في قطاع غزة، برئاسة عباس. وقال السنوار، خلال لقائه بوفد من الشباب في قطاع غزة "أنا شخصياً سأسهر على سلامة وراحة الرئيس عباس حال زيارته لغزة".
وأكد السنوار أنّ حركته "ماضية في المصالحة ولن تسمح بفشلها من أجل الحفاظ على المشروع الوطني"، مضيفاً "حماس اتخذت قراراً لا رجعة عنه بالمطلق وهو أنّها لن تعود لتكون طرفاً من أطراف الانقسام". وتابع قائلاً "لا يوجد غالب أو مغلوب في المصالحة، والمنتصر هو شعبنا وقضيته العادلة، وجاهزون للتنازل في العلاقات الوطنية من أجل مصلحة شعبنا... وكلما كانت فصائل شعبنا قوية كانت القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني قوياً". وفي سياق منفصل، تطرّق السنوار لقضية صفقة تبادل أسرى جديدة مع الاحتلال، مؤكداً استعداد حركته لعقد صفقة جديدة تشمل الإفراج عن مروان البرغوثي وحسن سلامة وعباس السيد وأحمد سعدات وغيرهم.