أكدت مصادر أمنية من مدينة سنجار التابعة لمحافظة نينوى، 110 كيلومترات غربي الموصل، أن قيادة الجيش العراقي أمهلت مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، حتى الأول من إبريل/ نيسان المقبل لمغادرة المدينة لبدء تطبيق الاتفاقية الموقعة منذ نحو خمسة أشهر بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان العراق، لحل مشاكل القضاء الذي يعتبر أبرز المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.
وينص الاتفاق على أن يتم حفظ الأمن في القضاء من قبل قوات الأمن الاتحادية بالتنسيق مع قوات البشمركة، وإخراج كل الجماعات المسلحة غير القانونية إلى خارج القضاء، من بينها فصائل "الحشد الشعبي" ومسلحو "الكردستاني"، وإلغاء أي دور للكيانات المرتبطة بهذا الحزب في المنطقة.
وفي السياق، قال حيدر ششو، وهو قائد لفصيل مسلح حليف لقوات البشمركة، في إقليم كردستان العراق، إن "الجيش العراقي أمهل المسلحين الموالين لحزب العمال الكردستاني إلى الأول من شهر إبريل/ نيسان المقبل للخروج من مركز مدينة سنجار"، مرجحاً "استخدام القوة لإخراج القوات التابعة للعمال من سنجار في حال رفضت". وأشار ششو في تصريحات صحافية اليوم السبت إلى أن "هذه القوة تتمركز في مبانٍ حكومية، مع أن القوات تعتبر غير قانونية".
وشهدت الأيام الماضية وصول عدد من القيادات الأمنية العراقية إلى مدينة سنجار والاجتماع مع وجهاء ومسؤولين محليين بالمدينة دون الإعلان عن نتائج تلك الاجتماع، لكن عناصر "العمال الكردستاني" في المدينة نظموا احتجاجات وافتعلوا أزمات مع قوات الجيش العراقي في محاولة إلى جره لصدامات مسلحة.
وحول ذلك قال عضو "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، عماد باجلان، إن "هناك إصراراً من بغداد وأربيل على تطبيق الاتفاقية التي تنهي الجدل حول سنجار وتسمح بترميم الأوضاع فيها وعودة النازحين"، داعياً في اتصال مع لـ"العربي الجديد" "لضمان عودة الحياة الطبيعية للمدينة التي تأثرت كثيراً بسبب تنظيم (داعش) من جهة، و(العمال) من جهة أخرى".
وأوضح أن "العمال الكردستاني أضر ّكثيراً بمصالح العراق وإقليم كردستان وتسبب بكوارث أمنية بحق أهالي مدينة سنجار، وعليه أن يراجع نفسه وأن يخضع إلى إرادة حكومتي بغداد وأربيل".
في المقابل، استبعد مستشار رئيس حكومة إقليم كردستان العراق لشؤون الإيزيديين، شيخ شامو، اليوم السبت، خروج مسلحي حزب "العمال الكردستاني" من سنجار، دون قتال أو مواجهات مع الجيش العراقي، مؤكداً أن الحزب مكلف بالبقاء في القضاء خدمة لمصالح إيران وتركيا.
وقال شامو لموقع "باس نيوز"، الإخباري المقرب من حكومة إقليم كردستان العراق "لقد أمهلت الحكومة العراقية مسلحي حزب العمال عدة مرات للخروج من سنجار، لكن لا أعتقد أن الحزب سيقبل ذلك، لأن قراره ليس بيده، والأجندة التي تم تكليفه بها تفرض عليه البقاء في سنجار"، معتبراً أن "الحزب مرتبط إدارياً في سنجار مع الحشد الشعبي الذي تديره إيران"، وفقاً لقوله.
من جانبه، بيَّن القيادي في حزب "العمال الكردستاني" كاوة شيخ موس أنه "لا يعلم إن كان هناك مهلة أطلقها الجيش العراقي لحزب العمال أو لا"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "المقاتلين الموجودين حالياً في سنجار هم من أهالي القضاء ويعملون على حماية مدينتهم".
وأكمل أن "هناك حوارات تجرى حالياً بين أهالي سنجار ووفود من الحكومة العراقية، من أجل التوصل إلى تفاهمات في سبيل حماية المدينة من الاعتداءات الخارجية، والعمل على تشكيل قوة مسلحة نظامية من أهالي سنجار، إضافة إلى رفض عودة قوات البشمركة الكردية، وقد تظهر نتائج الحوارات مطلع الشهر المقبل"، وفقاً لقوله.
وكان زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق"، أحد أبرز الجماعات المرتبطة بإيران في العراق، قيس الخزعلي، قد طرح أمس الجمعة رأياً آخر، ينسجم غالباً مع موقف "العمال الكردستاني"، إذ دعا أخيراً إلى إلغاء اتفاقية سنجار، واصفاً إياها بـ"صفقة خيانة انتخابية".
وكتب الخزعلي في تغريدة عبر "تويتر" أنّ "اتفاقية سنجار وللأسف الشديد هي صفقة سياسية لحسابات انتخابية على حساب مصلحة المواطنين الإيزيديين، والمضي في هذه الصفقة معناه إعادة سنجار إلى من فرط بها وغدر بأهلها"، مبيناً أنه "يجب التوقف عن هذه الاتفاقية التي أقل ما يقال عنها إنها (اتفاقية الخيانة) واعتماد الحل الصحيح، وهو الاستجابة لمطالب أهالي سنجار ودعمهم وتمكينهم للدفاع عن مدينتهم خصوصاً (الحشد الشعبي من أبناء الطائفة الإيزيدية)".
ودعا الحكومة إلى أن "تقوم بإعادة تأهيل البنى التحتية، وتوفير الخدمات الضرورية لعودة أهاليها إليها لتخليصهم من الصفقة السياسية التي تريد بقاءهم بعيداً عن مدينتهم للضغط عليها لأخذ أصواتهم في الانتخابات المقبلة".
كذلك أشار إلى ضرورة أن "تقوم الحكومة بالحل الصحيح قبل أن تنفلت الأمور، وإلا فإن أي صدام عسكري قد يحصل فإنه ليس من مصلحة أهالي سنجار ولا مصلحة الحكومة المركزية، بل هو في مصلحة من يريد استقطاعها والسيطرة عليها".