تتصاعد أزمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بنسختها الثامنة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، رغم جولة الوساطات الخارجية والداخلية التي شهدتها بغداد والنجف، خلال الأسبوعين الماضيين، لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، في انتظار ما ستسفر عنه جلسة المحكمة الاتحادية العليا المقررة غدا الثلاثاء.
ومرت الأزمة السياسية العراقية منذ إجراء الانتخابات، في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، بعدة مراحل؛ كانت أولاها مرحلة الطعن بنتائج الانتخابات التشريعية من قبل القوى السياسية الحليفة لطهران، والتي حلت بمراتب متأخرة في عدد المقاعد التي حصلت عليها داخل البرلمان الجديد، قبل أن تتجه الأزمة إلى ملف تشكيل الكتلة الكبرى المكلفة بتسمية رئيس الحكومة، وتتفاعل أكثر إلى الطعن بمخرجات الجلسة الأولى للبرلمان التي نتج عنها التجديد لمحمد الحلبوسي رئيسا له.
ومن المقرر أن تعقد المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، يوم غد الثلاثاء، جلسة خاصة للنظر بالطعن المقدم في شرعية الجلسة الأولى للبرلمان، وسط تضارب واضح في تصريحات نواب وقيادات في القوى السياسية الفاعلة بالبلاد، بشأن تأجيل الجلسة مرة أخرى أو النطق بالحكم.
وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية عراقية في بغداد والنجف، لـ"العربي الجديد"، إن ممثل "حزب الله" اللبناني محمد كوثراني ختم زيارته الى النجف من دون التمكن من لقاء زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، أو إحداث تغيير في الموقف السياسي الحالي.
الصدر يتمسك برفض حكومة توافق
وقال مسؤول في "التيار الصدري"، طلب عدم ذكر اسمه بسبب منع الصدر قيادات وأعضاء التيار التحدث أو التعليق حيال الأزمة الحالية، إن الأخير ما زال مصرا على حكومة الأغلبية الوطنية من دون تغيير، مضيفا في تصريحه لـ"العربي الجديد" أن "كوثراني غادر النجف من دون أن يلتقي بالصدر، بل كانت هناك لقاءات مع ممثلين عن التيار فقط".
وتابع قائلا "الجهود التي بذلها بعض الأصدقاء لتقريب وجهات النظر مشكورة، لكن يجب ألا تكون على حساب المشروع الوطني، وهو حكومة أغلبية وطنية، فمن غير المعقول تكرار نفس الخطأ للمرة الخامسة على التوالي وننتظر نتائج جيدة"، في إشارة الى رفض الصدر حكومة توافق تجمع كل القوى السياسية الفائزة في البرلمان.
لكنه استدرك بالإشارة إلى "عدم وجود أي رفض لأي طرف من أطراف قوى الإطار التنسيقي للدخول في حكومة الأغلبية، باستثناء رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لوجود مشاكل كبيرة تسببت بها فترة حكمه البلاد، وأوصلت العراق إلى مآس إنسانية خطيرة وكوارث اقتصادية واجتماعية"، على حد تعبيره.
وكشف عن انتظار أغلب القوى السياسية لما ستؤول إليه جلسة غد الثلاثاء للمحكمة الاتحادية، حيال الطعن المقدم في شرعية الجلسة الأولى للبرلمان، متوقعا أن يكون التحرك على ضوء قرار المحكمة.
كما أشار إلى وجود قنوات تواصل بين الصدر وزعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، من دون أن يستبعد أن يعقد لقاء جديد بينهما خلال الأيام المقبلة لبحث الملف السياسي.
وساطة قاآني لم تحل العقدة
من جهة أخرى، اعتبر المتحدث ذاته أن وساطة قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، "لم تحل العقدة الأبرز في الخلاف، وهي أحقية التيار الصدري في تشكيل الحكومة بالشكل الذي يراه، باعتباره الفائز الأول في الانتخابات وصاحب أكبر عدد مقاعد بين القوى السياسية الشيعية".
بدوره، اعتبر عضو تحالف "الفتح" مختار الموسوي احتمالات التوصل إلى اتفاق بين "الإطار التنسيقي" و"التيار الصدري" في ملف تشكيل الحكومة، خلال الأيام المقبلة، أنها "ضعيفة جداً".
وأضاف الموسوي أن "الخلافات لا تزال قائمة بين الطرفين، والإطار التنسيقي والتيار الصدري مطالبان بالجلوس إلى طاولة حوار، ليتم وضع مصلحة الشعب العراقي على قائمة الأولويات".
واليوم الاثنين، قال زعيم "الحشد الشعبي" فالح الفياض، الذي يملك كتلة سياسية ضمن "الإطار التنسيقي" باسم كتلة "العقد الوطني"، إن مقتدى الصدر "لن يشارك في مؤامرة تمزيق البيت الشيعي التي نلمسها عند بعض الأطراف"، وفقا لقوله.
وأضاف، في بيان له نشرته وسائل إعلام محلية عراقية، أن "الإطار التنسيقي ليس تجمعاَ معادياَ للكتلة الصدرية، ولا أحب القول إن الإطار متماسك في وجه الكتلة الصدرية"، مؤكدا "صعوبة تحديد نهاية المشهد في ظل المتغيرات المستمرة التي تشهدها العملية السياسية".
لكنه حذر بالوقت ذاته من "أي اصطفاف غير بنّاء، بقصد أو من غير قصد، لتمزيق الصف الشيعي"، مشددا على أن "من يدفع باتجاه ذلك سيكون خصما سياسيا".
وفي سياق الأزمة السياسية ذاتها، قال النائب عن ائتلاف "دولة القانون" محمد الزيادي إن الحكومة المقبلة لا يمكن لأي طرف تشكيلها من دون الآخر.
وأضاف، في تصريحات للصحافيين، أن رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري "يتحرك نحو جميع الأطراف لضمان تمثيل الجميع ومشاركتهم في الحكومة المقبلة"، في إشارة الى استمرار رفض مطلب الصدر الأول وهو حكومة أغلبية وليس حكومة توافقية.
وأمس الأحد، شدد السياسي العراقي عزة الشابندر على أهمية تماسك قوى "الإطار التنسيقي"، وقال في تغريدة على حسابه عبر موقع "تويتر" إن "حياة الإطار التنسيقي في تماسكه، ونهايته في تفككه وتجزؤ مواقف أطرافه".
وأضاف "أنتم بين خيارين حاسمين لا تأويل لهما، إما المشاركة الكاملة أو المقاطعة الكاملة، والشيطان ثالثهما".
حياةُ الاطار التنسيقي في تماسكهِ ، ونهايتُه في تفكُّكِه وتجَزُّءِ مواقف اطرافه .
— عزت الشابندر (@IAlshabandar) January 21, 2022
انتم بين خيارين حاسمين لاتأويل لهما ، إما المشاركة الكاملة او المقاطعة الكاملة والشيطان ثالثهما .