أزمة تشكيل الحكومة العراقية تشل التفاهمات الأمنية مع أربيل

04 يونيو 2022
جندي عراقي في كركوك (علي مكرم غريب/الأناضول)
+ الخط -

يؤكد مسؤولون في إقليم كردستان العراق أن الأزمة السياسية المتواصلة منذ أشهر في العراق، انعكست سلباً على التفاهمات الأمنية بين بغداد وأربيل، وعطّلت إمكانية تنفيذها، وسط تحذيرات من تأثيرات سلبية واستغلال ذلك من قبل عناصر تنظيم "داعش" في المناطق الحدودية بين الإقليم وباقي المحافظات العراقية.

ونهاية العام الماضي، أفضت اجتماعات عدة بين قيادة الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية، إلى تشكيل 6 مراكز أمنية مشتركة من الطرفين، تعمل على ضبط الفراغات الأمنية في "المناطق المتنازع عليها"، وهي المناطق التي تتنازع إدارتها حكومتا بغداد وأربيل، وأبرزها كركوك ومخمور وزمار. كما تم الاتفاق على تشكيل لواءين مشتركين من قوات الجيش والبشمركة يعملان تحت إمرة قيادة العمليات العراقية المشتركة في بغداد.

ويبذل الجانب الكردي جهوداً لتوسيع التعاون العسكري مع الجيش العراقي، في خطوة يريد منها إبعاد فصائل "الحشد الشعبي" عن تلك المناطق، لا سيما أن بعض الفصائل المسلحة متهمة بدعم بعض الهجمات التي تُنفذ على أربيل ضمنياً، إضافة إلى هجمات إيران الأخيرة على المحافظة.

عدم تشكيل الحكومة الجديدة عطّل تشكيل لواءين مشتركين من الجيش العراقي وقوات البشمركة

أزمة الحكومة العراقية تعطّل تنفيذ تفاهمات أمنية

وفي السياق، قال ممثل حكومة الإقليم في غرفة العمليات المشتركة العراقية، اللواء عبد الخالق طلعت، في تصريحات صحافية، أول من أمس الخميس، إن "عدم تشكيل الحكومة الجديدة عطّل تشكيل اللواءين المشتركين من الجيش وقوات البشمركة اللذين يهدفان لضبط الأمن في مناطق الفراغ الأمني في المناطق المتنازع عليها".

وأوضح طلعت أن "عدم تشكيل الحكومة الجديدة أوجد مشاكل وعراقيل مالية من ناحية توفير الرواتب وميزانية للواءين المشتركين"، وأضاف أن المسؤولين في بغداد يؤكدون أن "الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال وصلاحياتها محدودة في صرف الأموال وتخصيص الموازنات، ولا يمكن لها تخصيص ميزانية لتشكيل اللواءين".

وتابع: "نحن على تواصل مستمر مع وزارة الدفاع في بغداد، ونعمل على تجاوز العراقيل وتسريع الخطوات باتجاه تشكيل اللواءين المشتركين".

ويخشى سياسيون أكراد من أن يتسبّب تأخير تنفيذ الاتفاق إلى تسويفه، كما حدث مع اتفاق تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار، غرب الموصل، الموقع بين بغداد وأربيل في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2020، بهدف إعادة الحياة إلى سنجار، المدرجة على لائحة المدن المنكوبة بالعراق على غرار الموصل وتلعفر ومناطق أخرى احتلها تنظيم "داعش".

تحذير من ربط الملف الأمني في العراق بالسياسي

من جهته، حذر عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عن مدينة كركوك أحمد الجاف من "ربط الملف الأمني بالسياسي"، وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الحاجة الأمنية الملحّة، وتحركات داعش والجهات الخارجة عن القانون، كانت قد فرضت التوجه نحو التفاهم لتشكيل اللواءين، وتشكيلهما يجب أن يتم بأسرع وقت".

وشدد الجاف على أن "تعطيل تشكيل اللواءين قد ينعكس سلباً على الملف الأمني، وقد يستغل عناصر داعش ذلك لتنفيذ هجمات، الأمر الذي يحتم على بغداد السعي لإنفاذ الاتفاق، وعدم ربطه بملف أزمة الحكومة".

أحمد الجاف: أطراف سياسية في بغداد، وتحديداً الحليفة لإيران، تبذل جهوداً لتعطيل التفاهمات بين بغداد وأربيل

واعتبر أن "هناك أطرافاً سياسية في بغداد، وتحديداً الحليفة لإيران، تبذل جهوداً لتعطيل التفاهمات بين بغداد وأربيل، ولا يهمها أي خرق أمني يُسجل، مهما كانت الخسائر الناجمة عنه".

وقال الجاف إن "الإقليم له تجارب سابقة مع بغداد بمسألة عدم تنفيذ الاتفاقات، كما حصل في اتفاق التطبيع في سنجار، والذي لم ينفذ حتى اليوم بعد فترة طويلة من إبرامه".

تأثيرات أمنية على المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل

وتتطابق وجهة نظر الاتحاد الوطني الكردستاني مع الحزب الديمقراطي الكردستاني إزاء الملف. وفي السياق، قال النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي مثنى أمين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لا شك في أن هناك تأثيرات أمنية على المناطق المتنازع عليها في حال تأخر تشكيل اللواءين، ولا سيما أن هناك جهات تسعى للاصطياد بالماء العكر وتستغل كل الظروف لتحقيق مكاسب معينة".

وأضاف أن "جميع التفاهمات بين الإقليم والمركز لا يمكن أن تحل إلا من خلال تشكيل حكومة جديدة بصلاحيات كاملة"، محذراً من أن "التأخر بتنفيذ هذه التفاهمات قد يؤدي إلى تسويفها وإلغائها، خاصة أن هناك جهات سياسية في بغداد تضغط بهذا الاتجاه، ولا يروق لها أي تفاهم بين بغداد وأربيل".

التخصيصات المالية تعرقل تشكيل لواءين من الجيش العراقي والبشمركة  

في المقابل، اعتبر ضابط رفيع في قيادة العمليات المشتركة في بغداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مخاوف الأكراد "غير مبررة". وأكد الضابط، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "الملف الأمني يدار من قبل قيادة العمليات، وأمن المناطق المتنازع عليها تحت السيطرة".

وأضاف أن "القوات الأمنية العراقية خصصت قوات لحماية تلك المناطق وسد الفراغات الأمنية فيها، والوضع الحالي يؤكد السيطرة الأمنية هناك، لا سيما مع عدم تسجيل أي هجمات أو انتهاكات أمنية".

وأشار المتحدث نفسه إلى أن "الاتفاق على تشكيل لواءين مشتركين مع البشمركة تم بالفعل، إلا أن التنفيذ تأخر بسبب عدم إقرار الموازنة المالية للعام الحالي، وهذا نتيجة أزمة تشكيل الحكومة".

وتابع "لكن ذلك لا يعني أن الموضوع سيتم إلغاؤه وتأجيله، خصوصاً أن هناك حاجة أمنية للتنسيق والتعاون المشترك مع البشمركة، لما لذلك من انعكاس أمني إيجابي على عدد من المناطق".

ضابط عراقي: مخاوف الأكراد غير مبررة والقيادة تنتظر التخصيصات المالية

وأكد الضابط أن "القيادة تنتظر التخصيصات المالية للملف، وفي حال تم إقرار ذلك، سنباشر بتشكيل اللواءين، الأمر الذي ستكون له انعكاسات كبيرة على الملف الأمني بشكل عام، وملف المناطق المعنية التي تحتاج إلى تنسيق مع البشمركة".

بدوره، اعتبر الخبير في الشأن الأمني العراقي أرشد كركوكلي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "ارتدادات الأزمة السياسية على الحالة الأمنية تتجلى بشكل أكثر وضوحاً في المناطق المتنازع عليها من غيرها".

وأضاف أنه "على الرغم من تنفيذ القوات العراقية عدة عمليات مشتركة في الفترة الماضية مع قوات البشمركة في سلسلة جبال قره جوخ ومخمور وحمرين وخانقين ضد جيوب تنظيم داعش، إلا أن تشكيل اللواءين المشتركين اللذين يجب أن يمسكا الملف الأمني بشكل دائم في تلك المناطق، يبقى ضرورة ملحّة في الوقت الحالي".

ورأى كركوكلي أن "خطوة تشكيل اللواءين تحتاج إلى موازنات مالية وقرارات مختلفة، بينها تفاهمات بين بغداد وأربيل، لكن التشنج الحالي الذي سببته الأزمة السياسية، أثّر بشكل واضح على سير عملية تطبيق الاتفاق بهذا الشأن".

المساهمون